قضايا متجددة (2)

«انفصل الضمير عن الامة وتقدم المثقفون مواكب النفاق».. هو عنوان المقال الذي اثار فيه فهمي هويدي القضية المتجددة.. «المثقف والسلطة».. اثارها هذه المرة بابعاد اكثر عمقا وخطورة واضاف اليها علاقة المثقفين باجهزة الامن والاستخبارات بعد التغييرات التي حدثت في المعسكر الاشتراكي منذ اواخر ثمانينيات القرن الماضي. يقول هويدي:
٭ مشهد مثقفي المانيا الديمقراطية مختلف نسبياً فلسنا بصدد مثقفين يسوغون القمع وسحق المعارضين كما في الحالة الروسية وانما نحن ازاء مثقفين ذهبوا الى ابعد من ذلك بكثير يعملون لصالح جهاز الاستخبارات «اسنازي» ولم يستخدمون اقلامهم في الدفاع عن الاستبداد فقط ولكنهم دأبوا ايضا على الوشاية بزملائهم.
٭ بدأت صفحات الملف تكشف بعد انهيار سور برلين وتوحيد الالمانيين ومن ثم ملاحقة رجال «الاسنازي» ومتابعة عمائلهم.. والذي اثار الانتباه هو ان اسماء الكتاب الذين ثبت تعاونهم مع جهاز الاستخبارات كانت بمثابة صدمة للجميع فقد كانت تلك الاسماء كبيرة بدرجة ظن معها الناس ان اصحابها فوق الشبهات.
٭ لقد بدأ الالمان ينتبهون مثلا الى ان الكاتب المسرحي العظيم «برخت» سكت عن قرار ارسال المسرحي الشاب «رفين اشريتماثار الى معسكر قركونا» الرهيب وساند بقوة قمع المظاهرات الشعبية الصاخبة التي عرفتها برلين في شهر يونيو حزيران 3591م.. وفوجئوا بان اسماء لامعة في الحياة الثقافية عملت لصالح الاسنازي مثل المسرحي «هايز مولتر» والروائية المعروفة ترينا فولف بن وينار.. وساتا اندرسون وآخرين لا يقلون عنهم شهرة ولا شعبية.
٭ وعندما استدعى فهمي هويدي الصورة في العالم الثالث اي صورة العلاقة ما بين المثقفين والمبدعين والسلطة قال: «المشهد في العالم الثالث عموما وفي العالم العربي خصوصا ليس مختلفا كثيراً ولعلي اذهب الى ان الصورة اشد بؤساً».
٭ عندما استدعيت تلك القصاصة التي وجدتها وانا اقلب اوراقي موضوع موقف المثقف من السلطة او موقف السلطة من المثقف احسست ببعض الراحة.. كأنما كنت ابحث عن هذا الموضوع القديم المتجدد وسط كثير من الحديث الذي يدور هذه الايام على امتداد العالم بصورة عامة وفي المجتمع العربي والسوداني على وجه الخصوص.. ما ان يأتي اسم الا وتهامس الناس بانه كذا وكذا.. المهم الموضوع كبير وخطير.
اواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة