مقالات سياسية

بلاغ لوزير الأوقاف وإدارة الهلال حول أوقاف ملك الفنادق كيشو !!!

سيف الدين خواجة

لاشك أن ما ظهر من فساد مجرد رأس جبل الجليد منه، وما زال هناك الكثير المثير الذي ينتظر  لجنة تفكيك النظام في العاصمة والأقاليم، وأخشى أن الفترة الانتقالية كلها لا تكفي لكشف فساد ثلاثة عقود، بدأ الفساد فيها بعد شهرين فقط من وقوع الانقلاب المشؤوم، وليس كما يتصور البسطاء أنه بدأ في العشريتين الثانية والثالثة فقط. إذ تسنى لواحد منهم تصدير  المخزون الاستراتيجي  من الذرة كله بثمن بخس.. بعد شهرين فقط من الانقلاب !!!

ومما ظهر من اعتداء على الأوقاف حتى الآن فإننا نطالب وزير الأوقاف  بتشكيل لجنة قومية لمراجعة الأوقاف كلها دفتريا وعلى الطبيعة للتأكد من عدم الاعتداء عليها بشتى وسائل هؤلاء الأبالسة التي لا حصر  لها، مما  لا نعلم، بل هو فوق خيال كل البشر.

ومن بين هذه الأوقاف المهمة في حياتنا، أوقاف ملك الفنادق  القطب الرياضي المعروف  مصطفى كمال راشد كيشو، وهو رجل سوداني من أصول تركية، له أياد بيضاء على الرياضة بالداخل والخارج، ومما يجدر ذكره أن أحد أهرامات الرياضة الراحل الأستاذ نجيب المستكاوي ذكر لكيشو  موقفا وطنيا وعروبيا، وذلك عام 1967 وكان الفريق العربي المصري بأوغندا لمباراة دولية، ووقعت  نكسة حزيران، وأغلقت الأجواء المصرية، فاضطر للفريق المصري أن يهبط في الخرطوم، ووسط تلك الأجواء السوداء الحزينة، فاتصل السيد إسماعيل الأزهري بملك الفنادق كيشو، ليستضيف الفريق المصري، فلبى الرجل النداء الوطني بهمة ونشاط، وأرسل حافلة للبعثة، وسيارات صالون لرجالات البعثة الإدارية، واستضافهم بلا مقابل، ولم يحمل الدولة أي تكلفة لأسبوع كامل، وأشاد المستكاوي الذي كان ضمن البعثة بهذا الموقف، وضمنه كتابه حول ذكرياته في الملاعب.
وحسب علمي القاصر فلكيشو ولد واحد هاجر لأوروبا، وليس لدي علم بكان تواجده الراهن، وظل كيشو يدير أعماله بنفسه حتى آخر أيام حياته، وكنت أراه كثيرا جالسا قرب إحدى بائعات الفول السوداني ويشرب الشاي مع الفول السوداني، وبتواضع جم على مقعد عادي يكاد يلامس بلاط البرندة أمام صيدلية نانا ناصية شارع الحرية، كان يمضي نهاره هناك، ممددا رجله، وذلك لقصر قامته وضخامة جسمه، كان يتأمل المارة ويحدث من يعرفهم منهم، حديثا عابرا هادئا.

وكيشو كذلك علاوة على ثرائه، كان من الخريجين الأوائل لكلية غردون الجامعية التي صارت جامعة الخرطوم لاحقا، وكان كاتبا رياضيا سياسيا اقتصاديا مرموقا وإن كان مقلا، ولكنه كان يجمع بين التجويد والسخرية وتكثيف الجملة، حتى أنه يذكرني بالكاتب العالمي جمال محمد أحمد، وكان كيشو يخلط السياسة والاقتصاد والرياضة في مقال واحد، بصورة مدهشة، ومن محفوظاتي له:  جكسا العظيم سجلناه  بستمائة جنيه، والآن ارى أن أسعار اللاعبين تجاوزت الآلاف مع أن أيا منهم لا يساوي أصبعا في رجل جكسا اليسرى لوحدها، لكن يبدو أن العيب ليس في اللاعب وحده، وإنما في قيمة جنيهنا الذي بدأ يتدحرج بمتوالية غريبه إلى غرفة الإنعاش !!!)، أليس فيما قلته أصدق مثال لجمع الرجل بين  السياسة والاقتصاد والرياضة !!

وأراد الرجل ترك إرثه للأجيال شاهدا عليه، وأذكر  أنه أهدى إحدى مبانيه في شارع القصر جنوب، لدراسة الموسيقى، مما يؤكد مدى وعيه وانفتاحه على المجتمع، وحين شعر الراحل الكريم بدنو أجله، سجل كل ما يملك للأوقاف، وأن يذهب ريعها لناديه الهلال الذي أحبه، وخدمه بكل ما يملك بسخاء منقطع النظير، وللمريخ الند التقليدي للهلال ثم لفريق الموردة بنسب حددها في وصيته  الأخيرة، حيث يقسم ريع هذه العقارات لمثلث أم درمان الذي يحمل لواء كرة القدم السودانية، وهذه دلالة أخرى وأخيرة على قومية الرجل وحبه للمدينة التي انتمى إليها، ولم يكن أنانيا، ويكتفي بتسجيلها للفريق الذي أحبه  من تشأته: الهلال، فأراد أن يكون أكثر إنصافا وسعادة وراحة أبدية !!!

وللعلم ووفقا لمعلوماتي فإن ميزانيات الفرق الثلاثة لم تتضمن هذا البند من ريع أوقاف كيشو، وعليه نرجو كنداء استغاثه لوزير الأوقاف ولمجلس إدارة الهلال والمريخ والموردة مجتمعين أو متفرقين الذهاب للأوقاف ومعرفة مصير تلك الأوقاف،  ومن كان يستلم ريعها؟ ام أن الريع ما زال مجمدا؟ وذلك لصرفه لهذه الأندية خاصة فريق الموردة الذي عانى الأمرين في فترة الإنقاذ لدرجة المساومة على تسلم الدكتور قطبي المهدي رئاسة النادي، ومن ثم يتم بناء الاستاد والنادي لهم،  إلا أنهم قالوا قولتهم الشهيرة التي وصلتنا شفاهة ممن نثق فيهم: والله  لن نقبل، ولو بعنا كراسي النادي، وهذا مهما قيل عن عدم وثوقيته إلا أنه لا ينقص من قدر  أهل الموردة، ولعل حال الفريق التي آل إليها دليل يوثق صحة ما نقل لي، وإن لم يكن مكتوبا وإلا لقام الاستاد، والنادي كما فعلوا بهلاريخ، وما أورثوها إلا الكوارث.

ألا هل بلغت اللهم فاشهد )  !!!

سيف الدين خواجة
[email protected]

‫8 تعليقات

  1. من أجمل ما قرأت في الفترة الأخيرة .
    ويا ريت تواصل إثراءنا بمثل هذه المقالات المضيئة حقاً وصدقاً .
    رحم الله رجل البر والإحسان المغفور له بإذنه تعالى مصطفى كمال كيشو و بارك الله فيك يا أستاذ سيف الدين وكل عام وأنتم بألف خير .

  2. أخ سيف الدين خواجة أظنك تعني ملك الفنادق القطب الرياضي المعروف كمال راشد كيشووليس مصطفى. فعلا لكيشو ولد واحد وبنت واحدة. الولد هو جمال كان يعيش في ولاية منيسوبا الأمريكية وأعتقد عاد واستقرفي السودان والبنت هي غادة وأعتقد مقيمة في الامارات.

    1. الإسم ( مصطفى كمال ) يا أخانا إسماعيل هو إسمٌ مُرَكَّب وذلك العرف ، قد سار عليه بعض الأقاليم التي بسط العثمانيون ظلَّهم عليه في تاريخٍ قديم ( بلاد الشام ومصر ) ، فتجد أسماء مثل محمد أنور ، محمد منير ، محمد عصمت وهكذا .
      تحياتي وكل عام وأنتم بخير .

  3. اللهم أرحم عم كيشو.

    و اللهم أرحم خالتي فاطمة راشد (أخت عم كيشو) وأدخلها فسيح جناتك، كم كانت عطوفة و حنونة علينا في طفولتنا.

  4. شكرا اخ اسماعيل فعلا اقصد كيشو وعلي ما اضفت من معلومات جديدة وحكاية بنته هذه جديده لم اسمع لان المعلومات عن الرجل شحيحه رغم رجل مجتمع عريض اردت الاشارة الي اوقافه وانه لم يورثها لاحد لماذا ام يا تري ورث ذريته بعضها وحرمهم البعض الاخر واردت من ناحية اخري الخوف من السكو عليها من اخوان الشيطان

  5. يا جماعة إيه حكاية عبارة ( ألا هل بلغت اللهم فاشهد) البقت (قفلة) لكل المقالات الصحفية دي؟.
    العبارة دي أكثر قيمة من إستعمالها بهذه الطريقة، أرجوكم أعرفوا قيمتها يا من تستخدونها بهذه الصورة الظالمة.

  6. ندرك النوقف الذي قيلت فيه هذه من سيد البشر عليه افضل الصلاة وازكي التسليم وختمت بها لانها اضاءة لرفع ظلم او وجود فساد للجهات ذاتالاختصاص قد ابلغتها وهذا حدي فقط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..