شمس الحرية أولاً

*(آه كم تَكرهُ نفسي أن تُرغم
آخر على إعتقاد أفكاري..).
– نيتشة-
.. (يسار الكافيار)، تسمية ماكرة أطلقها الفرنسيون في منتصف القرن الماضي على فئة لم تأخذ من روسيا السوفييتية غير دفء فروها ونسائها مع طيب (كافيارها) و(فودكتها)..
احتل مريدو هذه الفئة من «الثورجيين» مقاهي الحي اللاتيني بمعاطفهم البوشكينية ونظاراتهم التروتسكية وطفقوا يزمجرون ويتوعدون من تحت ضباب سجائرهم حالمين بتحويل ساحة الكونكورد إلى ساحة حمراء… والإليزيه إلى كرملين جديد.
رفد هؤلاء الحركة الطلابية بألمعية وطزاجة أفكارهم، نزلوا إلى الشارع في مايو 68 وأجبروا رجل التحرير (ديغول) على تقديم استقالته، وماذا بعد؟..
اليوم – وقد هطل الشيب على رؤوسهم- عاد شباب الأمس إلى انتماءاتهم الحقيقية بعد الانسلاخ الطبقي والمناصرة المزعومة للفقراء والكادحين، بل إن قسماً كبيراً من غلاة اليمين ومتطرفيه الآن لو فتحوا ألبومات صورهم الشخصية لشاهدوا أنفسهم بالأمس يهتفون ضد أنفسهم اليوم.
انتهت حماسة الشباب إذاً وآن للضالين أن يعودوا إلى أهاليهم.
وحدهم الحمقى والمغفلون لا يغيّرون ولا يطورون من أفكارهم، هذا ما يقوله البراغماتيون ولكن إلى أي حد..؟ فالأفكار على أي حال ليست جوارب أو قمصاناً أو حتى صداقات.
إنه جدل أقدم من البيزنطيين… وأعقد من سؤال البيضة والدجاجة لاسيما حين يدخل المرء في دهاليز السياسة والسياسيين، لكنه في اعتقادي غاية في البساطة والوضوح ويحل بوصفة سحرية قد تكون في متناول كل الناس، إنها الحرية، نعم الحرية في التفكير التي تنبع من الداخل قبل أن نبحث عنها في الخارج، الحرية التي ينبغي أن يمنحها الواحد لنفسه قبل أن يمنحها لأولاده.
لقد ابتلعت الكتب بعضهم ولم يبتلعوها وساقتهم الآراء والأفكار ولم يسوقوها فصنعوا لأنفسهم أقفاصاً ثم جلسوا يفكرون في كيفية توسيعها أو تزيينها… أو حتى كسرها والإفلات منها.
التطرف واحد سواء كنت في أقصى اليمين أو أقصى اليسار، أمّا من ينظر في المفاهيم ويقلبها ويدقق فيها بل يشاكس عليها فلن يجد التطرف طريقاً إلى رأسه لأن لديه أكثر من زاوية للنظر ويؤمن بأن الطريق تتسع للجميع والشمس تشرق فوق الجميع.
هذه الفئة من الناس أقلية في مجتمعاتنا إذ لا مكان لها بين الغوغائيين- وهم كثر- فيتهم الواحد باليمينية لدى اليساري واليسارية لدى اليميني،إنهم يريدون تصنيف الواحد ووضعه في خانة كي يهنؤوا ويستريحوا..
أما من استعصى فهمه على رؤوسهم الصغيرة فيضعونه في خانة أشنع، أهونها الولاء الغامض… (حيرتنا يا أصلع)!
الأحرار في تفكيرهم كانوا ولا يزالون قلة مظلومة عبر التاريخ لأنه ما من أحد يدافع عنهم غير الحقيقة المبحوح صوتها بين النعيق… ولطالما ركب النهيق على الصهيل.
الأحرار في تفكيرهم هم المبدعون الحقيقيون وفي شتى المجالات من السياسة إلى الفن.
سأترك السياسة للساسة وأتحدث عن الفن وإن كنت شخصياً لا أؤمن بمبدأ الفصل، فالبيت الذي تعلق على جداره لوحة أو تفوح منه رائحة الموسيقا أو تتلوّن العناوين في مكتبته لا يدخله التطرف أبداً.. تماماً كالبيت الذي تدخله الشمس فتفرّ منه الأمراض والأوبئة.
الشمس هي الحرية التي ينبغي أن نربّي أنفسنا عليها في التفاصيل قبل الكلّيات فتشرق من دواخلنا أولاً قبل أن نبحث عنها في الخارج، لأن الشمس لا تشرق فوق الرؤوس المتلبّدة بسحب الحقد والتطرف.
ما كان ينقص يسار الكافيار أو يمين الدولار على حد سواء هو صدق الانتماء إلى الذات أولاً ومحاورتها بشكل حر بعيداً عن أي موضة فكرية أو إيديولوجية تشبه الجوارب والقمصان.
[email][email protected][/email]
يا صديقي بلادنا كما اقول الا تطبيق النظريات والايدلوجيات (كسر رقبه ) علينا انها محنة النخب المستعرة حتي الان في بلد يموت الناس فيه من الجوع والخير تحت ارجلهم كانهم منعوا من خيرهم …لو ذهبت الي بورسودان ورايت المخزن كيف تبكي من الفراغ وقد كانت ملاي تئن وتطن فيها الحركه 24ساعة لادركت اي محنة نعيش فيها …لا اعرف معني النهضة دون تعليم وصحة وانتاج وتصدير لو نظرت الي البحر هناك لوجدته يبكي ملحا لعدم وجود بواخر بالمرفي او الانتظار وكنت اسميها سابقة من البحر في الانتظار ليلا نلهو علي اضوائها والسبب لا احد قال (بغم ) فكانت الطامة والفوز بالطامة للطامة القادمة !!!