الطبيعة تزيد القدرات العقلية للاطفال وتقيهم من الاضطرابا ت النفسية

يحتاج الأطفال إلى الاحتكاك مع الطبيعة بجميع حواسهم، ومن بين أمثلة الأنشطة التي تمارس وسط الطبيعة وتساعد على تربية النشأ بشكل صحي القيام بمغامرات داخل الغابات والقيام برحلات السير على الأقدام وسط الحقول واللعب في الطمي ومراقبة ديدان الأرض والتعرض لتجربة عاصفة رعدية وسط الجبال.

ويقول خبير البيئة والمؤلف الأمريكي ريتشارد لوف في كتابه " الطفل الأخير في الغابات " إن العودة إلى الطبيعة هي خطوة حاسمة صوب تشجيع حدوث تطور أكثر صحة لأطفالنا، كما أن الحصول على خبرات من الطبيعة يساعد على تقوية مشاعر الثقة بالنفس لدى الأطفال وقدراتهم على التعلم.

وقد صدر هذا الكتاب عام 2005 ووصل الآن إلى السوق الدولية الآن، وأتاح مادة للتفكير لتدعيم إتاحة مزيد من التعليم الذي يعتمد على البيئة، ويستهدف الكتاب شريحة القراء من الآباء والمعلمين ومخططي المدن والمعماريين والسياسيين وأصحاب الأعمال، ويوضح لوف أن الرابطة بين الأطفال والطبيعة قد انفصم عراها، ووضع المؤلف عنوانا فرعيا لكتابه يقول " إنقاذ أطفالنا من اضطراب نقص الطبيعة "، ويجادل بأن عددا من المشكلات الجسدية والعقلية التي يعاني منها الأطفال ترجع جذورها إلى إلى افتقارهم إلى الاتصال بالطبيعة.

واستخدم لوف عددا من الدراسات وأجرى مقابلات مع خبراء التعليم وعلماء من أجل التوصل إلى الاستنتاجات التي تضمنها كتابه، وهو يربط بين الافتقار إلى الاتصال بالطبيعة وبين العدد المرتفع من الأطفال البدناء في الولايات المتحدة وكذلك زيادة عدد الأطفال المصابين بعرض اضطراب نقص الانتباه مع النشاط المفرط، ويؤمن لوف إلى حد كبير بالقوة العلاجية للطبيعة من خلال الدخول في تجارب معها بجميع حواس الإنسان وتحت سماء صافية

ويؤكد لوف أن الاتصال المباشر مع الحياة البرية وثرائها من شأنه أن يقوي مشاعر احترام الذات لدى الطفل كما يقوي شخصيته ويعزز قدراته التعليمية مثل القدرة على القراءة، ويقول إن الأشخاص الذين لديهم اتصال قوي بالطبيعة منذ سن مبكرة من حياتهم يستطيعون وحدهم احترام الطبيعة وحمايتها عندما يصبحوا بالغين.

وبناء على تجربته الخاصة وضع المؤلف أهدافا عالية، وهو يوصي الأطفال ببناء منازل صغيرة لهم فوق الأشجار والإقامة في الأكواخ وإيجاد السبل لمراقبة الحيوانات البرية وسط البيئة الخاصة بها، وهذه الأفكار من الصعب تنفيذها بالمدينة غير أن المؤلف اقترح عددا من البدائل الممكنة التي تساعد أطفال المدن على تنفيذها لإجراء اتصال مع الطبيعة.

ويقترح لوف بالنسبة للأطفال الصغار إمكانية تكوين غابة من مجرد مجموعة صغيرة من الأشجار، ويقول إنه يمكن أيضا أن تتيح بركة صغيرة نافذة على مأوى طبيعي للحياة البرية، كما يمكن للطفل أن يرفع حجرا ليجد أن الأرض تحفل تحته بالحشرات أو أن يراقب حياة السناجب في متنزهات المدينة.

ويوصي المؤلف أيضا بأن يشجع الآباء أطفالهم على العمل في الحديقة المنزلية وأن يشتركوا في رحلات السير على الأقدام في أماكن تكون زيارتها نادرة أو القيام بهذه النوعية من الرحلات ليلا، ويقول إنه يجب أن يحصل الأطفال على المتعة والترفيه عند ممارسة نشاط استكشاف الطبيعة وأن يتعرضوا لمشاعر الدهشة من هذه الاستكشافات وأن يقدروها.

ويخشى الكثير من الأطفال ممارسة الأنشطة خارج الأماكن المغلقة بسبب تحذير الآباء لهم من عدة أشياء أو بسبب أحداث وقعت وسمعوا بها من وسائل الإعلام، ويستطيع الأطفال تجاوز هذه الحالة عن طريق الحصول على خبرات من الطبيعة بأنفسهم، وهذا يساعد الأطفال على فهم أنهم ليسوا وحدهم في هذا العالم وأن ثمة بعد آخر خلف المناطق الآهلة بالسكان من العالم.

ويأمل لوف أيضا أن تقوم المدارس والجامعات بإحياء دراسة التاريخ الطبيعي، ويعرب عن اعتقاده بأنه يجب تدريس هذا الموضوع بشكل منتظم خارج الفصل الدراسي كما أنه يوصي أيضا بالعمل داخل حدائق المدارس أو بتكوين ارتباط مع المزارع التي توجد ببعض المدارس.

وتم تنفيذ بعض هذه الأفكار في ألمانيا بالفعل، وهناك برنامج مطبق حاليا بعنوان " رياض الأطفال في الغابات "، ويتم خلاله إتاحة الفرصة لمجموعة صغيرة من الأطفال لقضاء اليوم بأكمله في الهواء الطلق داخل الغابات، وثمة حركة أيضا تتبنى تحويل أفنية المدارس الأسمنتية إلى حدائق.

هدهد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..