الإمام الصادق المهدي والدكتور الترابي والمسؤلية الوطنية

الإمام الصادق المهدي والدكتور الترابي والمسؤلية الوطنية

د عبدالله محمد قسم السيد ——السويد
[email][email protected][/email]

لا شك أن الكثير من السودانيين مثلي قد أعياهم التفكير في مآلات العلاقة المتنامية بين دولة جنوب السودان ودويلة إسرائيل من جهة، وفي الحال التي وصلت إليها بلادنا في الأربعة عقود الماضية من جهة أخرى. ومما لا شك فيه أيضا أن مثل هذا التفكير قد شمل فيمن شمل أكثر الرموز السياسية حضورا في الساحة الساسية خاصة الإمام الصادق المهدي وصهره الدكتور حسن الترابي. هل كان إعلان علاقات دولة جنوب السودان أمرا مفاجئا للمراقب السياسي أم أنها كانت محصلة إستراتيجية متوقعة لما كان يحدث في الساحة السياسية السودانية من عراك في غير معترك بين السياسيين السودانيين؟ إن المتأمل بعمق في خبايا السياسة السودانية سيجد رابطا قويا بين نمو تلك العلاقة وتهاون وعدم مبالاة السياسيين المؤثرين كاإمام الصادق والترابي. إن تصريحات سلفاكير ووزرائه التي أعقبت زيارة سلفاكير لإسرائيل الدالة على الفرحة بأن أرجلهم تطأ أرض الميعاد والإشادة لنتنياهو بأن قادت إسرائيل قد شاركوا في تسهيل كلما من شأنه أن يقود إلى عدم إستقرار السودان تاريخيا وفي إشعال الحرب الأهلية تحمل إدانة واضحة لقيادات البلاد المختلفة آيديولوجيا وسياسيا وعلى رأسهم هؤلاء الحكام من أهل الإنقاذ والذي كان للترابي اليد الطولى في وصولهم لسدة الحكم من جهة وللصادق المهدي القدح المعلى في إستمرارهم رغم سياساتهم الواضحة في إشعال الفتن بين السودانيين وتقسيم السودان كدولة إرتوت بدماء الأنصار الذي يتزعمهم.

مثل التحالف بين الصادق المهدي وحسن الترابي في منتصف العقد السادس من القرن الماضي بذرة هذه العلاقة بين دولة الجنوب وإسرائيل والتي وجدت وهي ما زالت بذرة من السياسيين الآخرين الرعاية والإهتمام حتى أثمرت لتأتي وبالا وسما زعافا للمجتمع السوداني من المنتظر أن يتجرعه قريبا بفضل سياسة عصابة الأنقاذ الذي يتعمد الإمام الصادق دعمها لأسباب هي في الأساس كان من المفترض أن يعمل بسببها للإطاحة بها كنظام مستبد وفاسد. جاء تحالف الصادق والترابي في العقد السادس من القرن الماضي يحمل طموح الشباب وأحلامه الوردية تدعمه ولاءلآت لم تعرف في حياتها غير التضحية ونكران الذات تجسدها صورة الأنصار وتفانيهم في رفع راية الإسلام والحفاظ على وحدة السودان. كان طموح الشابين وقتئذ طموحا أعمى واستمر كذلك وهما يتقدمان في السن دون أن يقفا قليلا للتأمل والتقييم إلا بعد فوات الآوان. فبينما كان إندفاع الترابي تغذيه الرغبة الجامحة والدهاء السياسي في بناء تنظيم قوي يلبي طموحه في بناء دولة دينية كان إندفاع الصادق تغذيه العفوية وتوفر القدرة الكامنة والعزيمة الصابرة لدى الأنصار. لن أدخلك عزيزي القارئ في متاهات وزوايا ذلك التحالف بين الصادق والترابي ولكن يكفي فقط أن أشير إلى ما أدى إليه وقتها من تشرزم وتشفي في الساحة السياسية السودانية حين تغذى من النظرة الذاتية الضيقة لمعظم السياسيين إما لمصلحة ذاتية مباشرة أو مصلحة حزبية أو آيديولوجية ضيقة لا تسع الهم السوداني وقضاياه.

قام التحالف بين الزعيمين على هوية تغذيها أوهام تاريخية إستغلت الدين الإسلامي للدعم السياسي والإسلام برئ فيما أستخدم فيه ولكن المحصلة النهائية التي خرج بها ذلك التحالف كانت عكس تماما لما يصوره طموح الشابين وقتئذ. فبينما وصل دهاء الترابي وطموحه في بناء دولة دينية إسلامية إلى عكس ما كان يتوقع من سيادة قيم الإسلام فيما يتعلق بحقوق الإنسان ووحدة البلاد وإنتشارها في القارة السمراء، قاد طموح الصادق لإنحسار تام لدور الأنصار وحزب الأمة في العمل السياسي عكس تماما لما كانوا عليه وفرط الصادق في وحدة البلاد عندما وقف متفرجا وفي معظم الأحيان مؤيدا لما يقوم به الترابي ومن بعده حواريوه الذين لم يكن يمثل السودان ووحدته لهم هما بدليل أنهم مازالوا يفتخرون بأنهم حققوا الإستقلال لجنوب السودان. ولا أدري كيف يفتخر المرء لتقسيم بلاده وتشريد أهلها مسلمون كانوا أم غير ذلك إن كان يحمل ذرة من الوطنية والإعتزاز بقيمه الدينية التي تنادي بالحفاظ على الوطن. إن المتتبع لمواقف الإمام الصادق السياسية منذ إنقلاب الترابي المشؤوم في عام 1989م مرورا بإتفاقياته المتعددة والفاشلة مع نظام الإنقاذ ودخول إبنه في هذ النظام البائس والفاسد بمباركة منه رغم معارضة حزب الأمة وكيان الأنصار وقوله المتكرر بضرورة تغيير النظام دون أن يفعل عمليا لذلك، يدرك تماما كيف أن الصادق المهدي مسئول مسئولية مباشرة مثل الترابي في تفسيم السودان وما سيحدث من تنامي علاقة دولة جنوب السودان وإسرائيل في تنامي الصراع القبلي والإثني داخل ما تبقى من البلاد. عجبي لمواطن دخل جده قصر الحكم ترفرف حوله رايات الشموخ والعزة ويسندهاالتهليل والتكبير وحمد الإله بعد دحر المستعمر وأذنابه ويدخل إبنه نفس القصر مع أذناب المستعمر تلاحقه صور الهوان والضعف وتمزق نسيج ذلك الكيان الذي ما زال يعيش هو وأسرته الصغيرة والكبيرة على مجده وتضحياته !!!!!!!! اللهم صبرك

تعليق واحد

  1. قال الراوي:
    ان سكان قرية تضايقوا ضيق شديد من اسد ياتي اليهم من الغابات المجاورة في كل ليلة ليقتل واحدة من البهائم. قرر الاهالي ان يتخلصوا من هذا الاسد و دعو افراد القبيلة (للفزع). وفي اليوم المحدد اخذ الفرسان اجود ما عندهم من اسلحة (سيوف، حراب، سكاكين، عصي الخ) ودخلوا الغابة بحثا عن الاسد. وبعد يوم كامل من البحث وجدوا انفسهم فجأة في مواجهة اسدا ضخما (عيونو حمممممر) و كان ينظر اليهم بعيون يتطاير منها الشرر مما جعلهم يرتجفون. فقال قائد الكتيبة وهو يحرك سبابته يمين-شمال (لا لا لا ده ما ياهو) واردف اخر (كلامك صح، ده ما اسدنا البنكوس فوقوا)، وقال اخر (اي والله الاسد البياكل غنمنا ما متل ده كلو كلو). هنا قال قائد الجماعة مشيرا بيده في الاتجاه المعاكس (ارحكم نفتش اسدنا في الاتجاه ده).

    شايفك ما جيبت سيرة اسد افريقيا في مقالك يا دكتور.

  2. يادكتور السلام عليكم ,نحن هنا عندنا مصطلح جديد إسمه(ياخ شوف مصلحتك وين ودور معاها أين مادارت)الإمام الصادق وصهره ديل خلاص(out off date)شباب اليوم مابعرف حاجه إسمها الصادق ولا الترابي وبعدين اقول لك كمان حتى الأحزاب الجديدة مش عندها إعلام جيد وجودها كالعدم.كده تعال البلد وشوف وراقب الواقع عشان تقتنع بالحاصل.والتقسيم ده واقع شئنا أم أبينا.

  3. في السودان لا أهمية للمعرفة وللعلم وللتخصص ولا أحد يعترف بالآخر فان جاء دور العلم فكلنا علماء وان جاء دور السياسة فكلنا سياسيين (ما فيش حد أحسن من حد فأنا أمير وأنت أمير )هذا الكبر الذي يدل على جهلنا يجعلنا لا نتفق على زعمائنا ولا على مراجعنا الدينية ولا غيرها نحن في السودن ليس لدينا كبير وهي عقدة التحرر من العبودبة التي ما زالت في بؤرة لا شعورية عند السودانيين يعبرون عنها بعدم الاعتراف للآخر بحقه وعلمه وقدرته . فالصادق المهدي مثلا رجلا نذر نفسه للسياسة وظل سياسيا متفرغا لم يعمل عملا غيره تأهل لها علميا واكاديميا وعمليا من خلال عمله رئيسا للوزراء أكثر من مرة عرف بسودانيته الخالصة نهجا وسلوكا وأدبا جما لكن كل هذا يمكن أن نضرب به عرض الحائط وننصب انفسنا كسياسيين وأهل خبرة وعلم بدرجته . فالشعوب هي التي تدعم زعماءها وهي التي تجعل منهم خداما او فراعنة لكن السودانيين يبطنون العداء لرؤسائهم كما يبطنون العداء لبعضهم البعض و بمجرد وصول رئيسهم للحكم بترجمون هذا العداء والحقد في ما يزيد المشاكل تعقيدا بدل مساعدته في حل المشاكل .. هذه مشكلة السودان ليس فيه كبير وليس فيه وزير فكلنا كبار وكلنا وزراء صرف النظر عن مؤهلاتنا فهذه الحماقة بعينها فالمثل يقول اعط الخبز لخبازه ولو ضيع نصفه لأنك باختصار ستضيعه كله..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..