“النسوية” مصطلح ثقافي مراوغ

“النسوية” مصطلح ثقافي مراوغ

مصطلح “النسوية” مصطلح ثقافي مراوغ وشائك الماهية، فهو يحيلُ من جهة على الإيمان بالمرأة وتأييد حقوقها، وقد يدخل في هذا القصد المنتج الكتابي والإبداعي للرجل ذاته باعتباره معبرا أيضا عن الحق الإنساني العام في قضايا كتابته بما في ذلك حق المرأة، ويحيل من جهة ثانية على جميع الحركات النسائية التي اتخذت من الكتابة وسيلة تعبيرية عن حقوق المرأة الضائعة أو المقيدة أو المهمشة، وفي الحاليْن فإنه يجعلني أبادر إلى التساؤل عن أهمية فعل المرأة في الحياة، وهو فعل ناتج عن ثمين وجودها في المجتمعات كمدخل للقراءة السوسيولوجية، فقد كان (آدم) أب البشرية ينعم في جناته الخضراء حيث كل الجمال وافر والعطاء، ولكنه مل كل ذلك ولم يحس بنعيم الجنة ذاتها ولا جمالها إلا بوجود حواء، أي المرأة وفعلها. وهو ما يؤكد لنا أن المرأة بطبيعة الخلق هي جنة الحياة، وأن فعلها هو الجمال، وأنّ حقوقها يجب أن تكون مكفولة بالطبيعة وبالتشريعات الاجتماعية حتى يتحقّق للحياة توازن بين جنة الإبداع ومصدر العطاء، وإذا ما ظهر عطب ما في جسد النص النسوي، كيفما كانت مراميه ومظاهره، وسواء أكان نصها وسيلة تعبيرية عن حقوق نسوية أم كان تعبيرا مطلقا عن الجمال والحق الإنساني العام، فإن ذلك كله يحيل بالضرورة على عطب في المنظومة الاجتماعية من حيث تضاؤل إدراكها لوظيفة كتابة المرأة ولدورها في تنوير مجتمعها. وإن المتلمس لحركة فعل المرأة السودانية الكتابي ومساهماتها في النشاط الثقافي بشكله العام منذ زمنٍ بعيد يجد فيه تجارب رائدة ناجحة، وخطابا جسورا فاعلا، ونصوصا بكامل عافيتها الفنية والدّلالية وفقا لمعيار الإبداع الكتابي على غرار الكاتبات آمال سراج ، وبثينة خضر مكي، وخالدة محمد عبد الرحمن، وزينب بليل، وفاطمة عتباني ، وليلى أبو العلا، وأميمة عبد الله، وملكة الدار محمد عبد الله ، ونفيسة الشرقاوي ، وهدى علي، ورانيا مأمون، وسارة الجاك، وروضة الحاج، ونضال الحاج وغيرهن من الأسماء اللامعة في السودان. ولأن تاريخ السرد والكتابة النسوية في السودان قديم فقد ساهمت المرأة بنصيب وافر في رفد الإبداع السوداني في القصة والرواية والمسرح والشعر والتشكيل أيضا، والتجربة السردية النسائية في السودان متأتية من جملة المكون المعرفي الذي أسسته لها الكثير من الموروثات الثقافية الدينية والأساطير الإفريقية، حيث أصبح نتاج الخيال الأنثوي في السودان نتاجا مقبولاً ومناسبا لوقته. ولأن البدايات كانت راسخة فقد أصبح منتوج الكتابة النسائية اللاحق جادا ومميزا وقويا، وبالتالي فإنني أرى أن أيّ كدمات للنص النسوي في السودان منذورة للرفض وداعية إلى ضرورة البحث في المنظومة الحاكمة للفعل الكتابي كلل بغاية إجراء مراجعات قانونية وثقافية حتى يتحرّر النص النسوي من كلّ رقيب ويحقّق نهضته الفنية والمضمونية ويكون قادرا على التعبير عن كينونة المرأة وتاريخها الإبداعي العريق، ويصير حافزا لها لأنْ تمتلك ذاتها وناصيةَ رؤاها داخل مجتمعها.

أسامة رقيعة
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..