امن الجنوب من امن السودان..!

منكم
مجاهد عبدالله
النخبه المصريه تكرر دائما على اسماعنا (مقولتها الشهيره..!) امن مصر من امن السودان ..اي انهم يعتقدون ان عدم الاستقرار في السودان سينعكس على مصر الدوله والمصريين الشعب ..ولذلك تامل الحكومات المصريه بان تكون علاقاتها مع الحكومات السودانيه جيده ..لكي تضمن استقرار الاوضاع في جنوب الوادي..وبالتالي امن مصر في الشمال.
اعتقاد النخبه المصريه بمختلف توجهاتها الفكريه والسياسيه بكون امن مصر من امن السودان اعتقاد صحيح ميه بالميه و(مجرب )وذلك لا اسباب كثيره جدا منها الحدود الطويله المشتركه بين مصر والسودان والتداخل الديمغرافي الكبير بين الدولتين والتقارب الثقافي والوجداني الشديد بين شعبي البلدين .
بنفس ذلك القدر الذي تنظر به النخب المصريه للسودان ينبغي ان تنظر النخب السياسيه هنا في الخرطوم لدولة جنوب السودان.. ويجب ان يكون الفهم كما هو ذاك بان امن السودان من امن جنوب السودان .
كيف لا وان السودان منذ اعلان انفصال جنوب السودان عنه في العام 2011 لم (يكسب عافيه) ..لا( عافيه اقتصاديه ولا سياسيه) ..فبمجرد ان اصبح الجنوب دوله ذات سياده ..ولا ارتباط كان وثيقا بينه والسودانيون في الشمال سياسيا وثقافيا ..قامت حكومة جوبا با ايواء قادة الحركه الشعبيه شمال ودعمهم بالسلاح والمال لزعزعة الامن والاستقرار في السودان الشمالي .
هذا كان امر طبيعي وغير مستغرب لان الذين قادوا التمرد على الحكومه السودانيه عقب الانفصال مباشرة ..امثال مالك عقار وياسر عرمان ..وعبدالعزيز الحلو هم كانوا جزء من الحركه الشعبيه الجنوبيه ..وبالتالي فان هناك علاقات وثيقه بين هولاء واؤلئك.
لايمكن لاي خبير او مختص في الاقتصاد ان ينفي صلة التدهور الاقتصادي المريع الذي تعيشه بلادنا الان.. باانفصال الجنوب ..فالكل يعلم ان الحكومه قبل الانفصال با اكثر من عشر سنوات كانت تعتمد في اقتصادها على البترول الذي تنتجه حقول الجنوب فقط ..ولم يكن لديها اي مورد اخر ..ولذلك عندما فقدته فجاءه فقدت كل شي ..واصبح من يقودون الدوله في حيره من امرهم منذ ذلك الوقت والى هذه اللحظه .
ربما يلحظ الكثيرون ..كيف ان الحكومه السودانيه هرعت ناحية اديس ابابا حينما تم فتح ملف الخلاف بين رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت وقائد التمرد عليه د. رياك مشار ..والذي (دقق) في وجوه اعضاء الوفد الذي ذهب الى اثيوبيا سيجد انهم كانوا مسرورون جدا .. بمبادرة رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد جمع الفرقاء الجنوبيين (وكاءن جماعتنا ومن شدة زنقتهم ..هم من اوعزوا لاابي احمد بان يفعل ذلك) ..والسبب هو طبعا ..لانهم يعلمون انه لا حل لا ازمتهم الاقتصاديه الا بعودة الهدوء والاستقرار لجنوب السودان .
بعد جولة اديس ابابا حضر الطرفان المتصارعان في الجنوب للخرطوم وذلك للدخول في جولة ثانيه من المفاوضات ..في هذه الاثناء كان كل تفكير الحكومه السودانيه في موضوع نفط الجنوب( كيف يتم استخراجه وكيف يتم تامينه و تصديره ..والعائد لخزينة الخرطوم كم من الاموال…؟؟! ..الاستعجال في هذا الامر كان باديا على الوجوه ..ولذلك تحاول الخرطوم ان تطوي هذا الملف با اسرع مايمكن لانه ليس لديها حل لمشكلتها المعيشيه المتفاقمه غير ذلك خصوصا بعد ان خدعها (الخلايجه)..!.
من هنا يجب ان نفهم بان عدم الاستقرار والامن ليس نتاج لمشكلة الحروب وحدها وانما هناك عوامل اخرى كثيرة من شانها ان تؤدي الى عدم استقرار الدول منها العامل الاقتصادي وهو في اعتقادي اخطر من الحروب والصراعات لانه مدمر ومحطم للشعوب ويمكن ان يكون سببا في الانفلات الامني والثورات والنزاعات ..ولذلك طور العلماء والمفكرون علم السياسه وادخلوا فيه مفاهيم جديده بحيث لم يعد ذلك الفهم التقليدي للامن والاستقرار سائدا.
في تقديري يجب ان يكون فهم النخب السودانيه تجاه الجنوب مماثلا ومطابقا لفهم النخبه المصريه تجاه السودان بل عليهم ان ياخذوا في الاعتبار ان الجنوبيين علاقتهم بالشماليين اقوى من علاقة المصريين بالسودان لانهم كانوا في دوله قطريه واحده لعشرات السنين الامر الذي يجعل حدوث صراع او خلاف هنا او هناك مدمرا للبلدين .



