المدينة التي تشبه الخرطوم .. و البكاء المر !!ا

بسم الله الرحمن الرحيم
المدينة التي تشبه الخرطوم .. و البكاء المر !!
بقلم /الطيب رحمه قريمان /كندا
July 3, 2011
[email protected]
مدينة Winnipeg و التي تقع في قلب إقليم البراري الكندي كانت من أهم المدن في أمريكا الشمالية تجاريا و قد كانت نقطة ارتكاز و انطلاق للرجل الأبيض عند قدومه إلى كندا و قد أسهمت هذه المدينة في تاريخ كندا و إقليم البراري خصوصا إسهاما كبيرا جدا. مدينة يلتقي في وسطها نهران عظيمان احدهما شاب و عملاق و فز في جريانه و له تيار لا يقاوم وعريض و عميق في مجراه , تماما كالنيل الأزرق و أما الآخر عجوز و سرعان ما يستبين ضعفه و وهنه عند الملتقى فيتراجع حابسا أنفاسه كأنه يحاكى النيل الأبيض عند مقرن في وسط القارة السمراء . و ?The Forks ?حيث ملتقى النهرين يجتمع الناس في المواسم و المناسبات و يجتمع الأحبة بلا مواعيد للتنزه و الترفيه و تخرج الأسر من ضيق البيوت إلى رحاب الفوركس و هذا المكان يعج بكثير من المقاهي و المطاعم و أماكن للتسوق و يشكل موقعا و معلما سياحيا بارزا لزوار المدينة.
أحسست بعمق المحبة و الألفة لهذه المدينة التي تشبه مدينة الخرطوم في كثير من إمكانها و جوانبها و أحيائها و مبانيها و طرقاتها و حتى كباريها مع قليل من الفوارق . و كلما مررت بمكان يشبه الخرطوم في هذه المدينة ترتعش فرائصي كمن تمكنت منه حمى سيئة الذكر الملاريا .. سرعان ما يجف حلقي و لم أجد حتى ريقا لابتلعه ليزيل ما بى من عطش كمن به مرض السكري يسير في صيف السودان الغائط في الخرطوم و لم يجد جرعة ماء .. و يخفق قلبي من رهبة التشابه أو التطابق أحيانا فينتابني شعور مجنون و يبرد جسمي من رأسي إلى أخمس قدمي كمن صعق بتيار كهربائي فجأة .. و تحضرني و تحاصرني صورة ذهنية قديمة محفورة في العقل الباطني بعمق لا مدى له .. و فجأة يبحلق بصري بعيدا في السماء كمتصوف غارق في ملكوت ربه أو كمهووس يخاف أن تقع عليه سخرة من السماء .. و بطريقة لا أرادارية تتفتح انفي إلى أخرها لتملأ رئتي برائحة دعاش النيل .. فتغرورق عيناي و تمتلئ دموعا ساخنات .. فأوقف السيارة التي أقود جانب الطريق .. و أترجل منها و أسير خطوات .. ثم اجلس القرفصاء على الأرض برفق .. فاقبض بقوة و عنف بحفنة تراب و أشمها بعمق لا يقاوم و بحب يبلغ الجبال طولا .. لعلى اشتم عمق تراب السودان .
التفت يمنة و يسرة و لم أرى أنسانا يشبهني .. و لم أرى من على البعد رجلا يحمل على كتفه كوكابا في مؤخرته القراميط .. و لا المح في الأفق امرأة تحمل على رأسها رأسا من الحطب .. و لا الحظ حمارا مكاديا عنيدا يغترف صاحبه الماء ليملأ الخرج .. و لا اسمع صياح شيخ يركض خلف صبيان ليمنعهم من السباحة في النيل , خوفا عليهم من التمساح .
فتنهمر دموعي مطرا و أجهش بالبكاء ..
و ابكي .. ثم ابكي .. و ابكي .. بكاءا مرا ..
حتى أشفق على نفسي من البكاء ..
و يتقطع قلبي إربا .. إربا ..
و لا أجد من يعزيني فيك يا سودان .
ونحن كذلك نبكى بكاءا مرا على هذا الوطن الجميل .. نبكى لان من يقومون بالحكم هم
الاقل وعيا ومعرفة وحكمة بيننا … اعانك الله اخى قريمان وارجعك سالما والسودان
يعمه السلام …
اصيل يا الطيب قريمان والله كلامك نابع من القلب انا كنت فى عام 1983/1984 فى سانت جونز نيوفاوندلاند و اول شهور كنت منبهر و شاب طبعا مع انه سانت جونز ما زى مونتريال ولا تورنتو ولا هاليفاكس ولا وينيبج او كاجارى و لكن بعد ستة شهور والله اشتقت لى قعدة الخور بالقرب من جبال التاكا فى قرية الختمية و منظر الرمال البيضاء مع ضوء القمر و مع الاصدقاء و الاقران و تقرب تبكى!!! مع اننى كنت مبتعث و ليس مهاجر!!! (معليش نسيت حرف اللام و اقصد كالجارى)!!