مقالات وآراء

ذكرى (مجزرة) مستمرة !

 

القراية أم دق

محمد عبد الماجد

 

(1)
       كان يمكن أن نطالب بالعفو وندعو إليه، اذا كانت السلطات التى ارتكبت (مجزرة فض الاعتصام) قد اهتدت وتابت واعترفت بما اغترفته في حق الشعب السوداني بعيداً عن تبرير (وحدث ما حدث).
       اول شروط التوبة النصوح ان لا تعود الى ما تبت عنه، وان تنتهي عن ما قمت به من جرم– السلطات السودانية ما زالت تقوم بما حدث في ليلة فض الاعتصام في اخر ليالي شهر رمضان المبارك قبل اكثر من ثلاث سنوات.
       في الوقت الحالي كأننا امام مشاهدة لمجزرة فض الاعتصام بالتصوير البطيء.
       كم فقدنا من ابناء هذا الشعب بعد مجزرة فض الاعتصام ؟ ان (القتل) مستمر والتعدي قائم، فقد وصلنا الى (99) شهيداً بعد انقلاب 25 اكتوبر.
       هذا الامر حدث بعد ان اصبحت السلطة (عسكرية) كاملة .. وصارت المسؤولية على القوات المسلحة منفردة.
       المجزرة الآن تحدث بشكل (قطاعي) بعد ان حدثت بشكل (جماعي) في محيط القيادة العامة في 3 يونيو 2019م.
       دائماً اقول اذا حدث هذا في محيط القيادة وفي قلب العاصمة القومية أمام مباني القوات المسلحة التى جاء اليها الشعب مستنجداً ومحتمياً بها ماذا يحدث في الهامش وفي الخفاء والمناطق التى تكون بعيدة عن الرقابة والمتابعة؟
       حدث ذلك بعد الثورة .. والشعب في قمة حماسه وتحت انظار المجتمع الدولي .. ماذا يحدث الآن بعد ان تلوثت الايادي بدماء الابرياء؟
(2)
       لا نستطيع ان ننسى مجزرة فض الاعتصام – لأن المجزرة ما زالت (مستمرة).. القتل جار الآن ، لهذا لا يمكن ان ننسى… ولا يمكن كذلك ان نعفو او نغفر ونسامح ونفس السلطة ترتكب ما قامت به في مجزرة فض الاعتصام.
       لقد تجاوز الشعب عن آلامه وأوجاعه وشارك المكون العسكري الذي كان يدري انه كان مسؤولاً عن مجزرة فض الاعتصام في السلطة… تناسينا هذه الجراح وضغطنا عليها… لكن المكون العسكري لم ينس ذلك – ظل متوتراً يعيد هذه المجزرة كلما شعر بالخطر.
       هم فقدوا الثقة في بعضهم – كيف لنا ان نطالب منهم بالثقة في غيرهم؟
       كل فئة ومجموعة تحمي نفسها بالسلاح – لا يثقون في بعضهم البعض، لهذا لن يتخلوا عن السلاح.
       المكون المدني عندهم هو الحلقة الاضعف لأنه لا يملك سلاحاً.
       الحركات المسلحة التى كانت لا وزن لها في العهد البائد وكانت قياداتها طريدة وملاحقة من السلطات الآن تتحكم في مصير السودان لأنها دخلت الى العاصمة القومية بحركاتها المسلحة بعد ان كانت الخرطوم عصية عليهم في العهد البائد.
       ان كان النظام البائد محقاً في شيء عندما كان في السلطة فهو محق في نظرته لقيادات الحركات المسلحة التى تشترى وتباع.. وتتاجر بقضايا الحريات والمناطق المهمشة دون ان تقدم لهم شيئاً.
       لدارفور وأهالي دارفور قضية – وهم قد دفعوا ثمناً غالياً في العهد البائد.. لكن هذه القيادات التى تمثل دارفور في الحكومة الحالية تسير على خطى العهد البائد وتتاجر بقضاياهم من اجل التكسب الخاص.
       لو كانوا يعملون من اجل دارفور والتنمية والسودان الموحد لوجدوا منّا كل الدعم.. فقد جاءت هذه الثورة من اجل دارفور بعد ان هتف الشارع (كل البلد دارفور).
       الثورة التى رفضت العنصرية على اهالي دارفور لن تقبلها الآن من قيادات الحركات المسلحة .
(3)

لجنة نبيل اديب المعنية بالتحقيق في مجزرة فض الاعتصام ليست في حاجة الى مشاهدة فيديوهات المجزرة القديمة – عليهم ان ينظروا ويشاهدوا ما يحدث في الشارع السوداني الآن.
       اخرجوا للشارع سوف تجدون تلك المشاهد في امدرمان وبري وشارع الستين والمؤسسة بحري.
       القتل جار بنفس الصورة.
       نفس المشاهد.
       ونفس الفاعل.
       كشة يقتل في كل يوم.
       فرح يموت الف مرة.
(4)
       بغم /

       قلت كثيراً كيف لنا ان نبحث عن (استقرار) البلاد ؟ – اذا كان التيار الكهربائي غير (مستقر).
       الاستقرار مفقود في (النور) – بل في برمجة القطوعات.
       عندما كان حميدتي يتحدث عن الفشل والإخفاق في ولاية حمدوك اكيد انه كان لا يدري بأنه سوف يأتي يوم يعتبر فيه ذلك الفشل والإخفاق الذي كان في فترة حمدوك قمة النجاح بالنسبة للوضع الآني، لقد كنا في (نعيم).
       وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

الانتباهة

‫2 تعليقات

  1. اصلا كانت الغلطه الكبيره بعد فض الاعتصام الجلوس مع الجناح العسكري ( اللجنه الامنيه للبشير ) مره ااخري دون الحصول علي اعتراف صريح و معاقبه الجناة حتي لو ادي ذلك الي ان تتنحي اللجنه الامنيه كامله و تعاقب عشان كدا وثق العسكر اننا شعب طيب اكثر من اللازم يسامح قتله و مجرمين و يجلس معهم مرات و مرات لانلوم الا انفسنا و الكارثه الاخري حركات الكفاح ( الارتزاق) المسلح الذي وضح انها وهم كبير و خاذوق اخر مثل الدعم السريع

  2. شهادة مسئول سابق ، هو وال سابق لولاية الخرطوم ، يؤكد صحتها انه استقال بسبب ماراى فى تلك المذبحة من بشاعة فاقت كل ما عرف من مذابح فى تاريخ البشرية .ولعل ماوجدته فى اقوال ذلك الرجل قد كان الدافع الرئيس لكتابة هذا المقال ، وبالتالى ارجو ان يسمح لى من وردت عنه ان انقل بعضها بكلماته الشجاعة والمدهشة حيث يقول :(لقد كان ماحدث أكبر من المذبحة وابلغ من المجزرة وتم بحق ناس نيام فى رحاب ميدان من ميادين دولتهم وتحت بصر قواتهم المسلحة و ( جيشهم الامين ) ..! وهى ليست مجرد مذبحة لأن القتل فيها تنوع ( بشكل لافت ) بين الرصاص بالوجه والصدر ، وبين الضرب بالسواطير والسكاكين واعقاب البنادق حتى الموت ، وبشدخ الرؤوس وتحطيم الجماجم ، وبين الالقاء فى البحر بعد ربط بلكات الصخر والاسمنت على ارجل واجساد الصبية .. لافرق ان يكونوا احياء او امواتا او فى حالة احتضار .. ثم كان من انواع القتل حرق الناس مع الخيام .. واعجب لدولة تفض مايمكن ان تسميه ماشأت مظاهرة أو اعتصام أو احتجاج عن طريق حرق الخيام بما تحتها من بشر وبغير تنبيه النائمين فى امان ربهم ) حتى يسنعدوا للموت ).
    وينتقل ذلك الرجل المسئول والشجاع حقا للمقارنة بين ماحدث فى ليلة فض الاعتصام مقارنا بينها وبين فظائع اخرى حدثت فى تاريخ الامم ، ليبين مدى فظاعة ماحدث فى بلادنا ، فيقول: (ماحدث فى ليلة فض الاعتصام فى سياقنا السودانى بحق مسالمين يجلسون امام بوابة (جيشهم الوطنى ) وتحت بصر الناس وايديهم فارغة حتى من عصا مقارعة كلاب الطريق .. هو فى سياقه وكيفيته وفى الغدر الذى صحبه .. أكبر وأفظع مما حدث فى مذابح الارمن ، وهجمات المغول والتتار ، ومذبحة دير ياسين ، ومذبحة القلعة، ومذبحة الاسكندرية ، ومذبحة رابعة العدوية بالقاهرة ، ومذبحة بحر البقر، ومذبحة جسر الشغور فى سوريا ، ومذبحة الجوازى فى بنغازى والاحد الدامى فى ايرلندا ، ومذبحة اكتيال فى المكسيك ، ومذبحة صبرا وشاتيلا ، ومذبحة الدامور فى الحرب اللبنانية .. ومذبحة دنشواى التى دخلت التاريخ والقتلى فيها اربعة اشخاص ..! لقد كنت فى السودان ورأيت مالا عين رأت .. مالا اذن يمكن ان تسمع.. ومالا يمكن ان يخطر على قلب بشر.. !) يقول الراوى لحديث اللواء مرتضى الذى كان واليا للخرطوم ، وفعلا لم يشرك فى التخطيط للمجزرة وعلم بها من شاشة التلفزيون وبسببها قدم استقالته : دا كله معروف وعادى * بس * الماعادى ولم يذكره اللواء مرتضى انه اثناء الاشتباك ذهب الى مكتب البرهان ودار نقاش حول ما يحدث .. شوف البرهان قال ليه شنو : يامرتضى عاوز تنط من المركب ؟ الزول الخواف بناته مابيعرسوهن .. وضحك البرهان .. فرد اللواء : ان شاء الله عمرهن ماعرسن .)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..