محمد عبد الله محمدية : الفرق بين العصر الجميل وما يدور الآن مائة سنة ضوئية

حوار : ماجدة –
معظم مشاهدي الفرقة الموسيقية المصاحبة لكبار الفنانين وحتى برنامج (أغاني وأغاني) الشهير تربطهم علاقة إلفة وإعجاب بعازف الكمان محمد عبد الله محمدية ، الذي يخرج الحانه في صمت ، على الرغم من انه اذا تكلم فهو فيلسوف يجيد الحديث وقراءة ما حوله .. مسيرته الفنية كانت محل تقدير في العاصمة العمانية مسقط التي احتفت به خلال الاسابيع الماضية .. حول التكريم وقضايا فنية أخرى دارت محاور جلسته مع (الرأي العام) :
* لماذا كان تكريمك في مسقط؟
– مشروع التكريم بدأت فكرته مع شاب لديه اهتمام (بالكمنجة)، قالوا لي ان النادي السوداني يريد ان يقوم بتكريمك ، ومرت الايام وقابلت المسؤول الثقافي للنادي بالصدفة وسألني عما اذا كنت موافقا على التكريم فقلت له موافق بدون قيد او شرط واخبروني ان التكريم بدون غناء او فنان وقد اختاروا معي الشاعرين حاتم الدابي وبشرى، وقد وفقوا في هذا الاختيار لأنهما قدما شيئا جديدا يتناسب مع هموم السودان الذي لا تحله الاشكال التقليدية ، وهذه وقفة الى ضرورة الالتفات الى الشعر الشعبي الذي يصل الناس بدون حواجز.
* كيف كان .. وهل احسنوا تكريمك؟
– عمان هي نموذج للتعايش وتلبية احتياجات الآخر فمنذ ان وصلتها لم اعرف من هو الرئيس ومن هو المرؤوس لكن للأسف خلال زيارتي تلك توفي بابكر النور (مرق) الجالية السودانية وقطعا الغربة تكشف معادن الناس وكانوا نموذجا في تشييعه ورغما عن ذلك احسنوا تكريمي.
* ما هي الاعمال الموسيقية التي قدمتها هناك؟
– لدى (13) مقطوعة جديدة قمت بتجهيزها في الفترة الاخيرة بالإضافة الى عمل للسلام وهو اول عمل قمت بتلحينه واعتز به جدا رغم اسفي على السلام الذي ننشده لم يتم ، وكنت اود ان اقدم هذه الاعمال بجانب سيرتي الفنية ، لكن الجمهور هناك كان له رأي مختلف فكانوا يريدون (عشت يا سوداني) (انا ام درمان) وأغنيات للكاشف واحمد المصطفى واستطعت ان اقوم بخطة اسعافية مع فرقتهم الموسيقية الممتازة وكنت سعيدا بان اقدم مثل هذا الحفل.
* لماذا رغم خبرتك الطويلة لم تقدم اعمالا بمفردك؟
– هذه لدى فلسفة حولها ، احمد الحفناوي عازف الكمان المصري الشهير قلت له لم نشاهد لك اعمالا خاصة منفردا في شبابك فقال لي (اصلا حاجتك ما تفكها إلا لما تاخد نصيبها من التجويد ).
* هل يعني هذا انك تخطط لمثل هذا المشروع بتانٍ؟
– انا واعٍ لما اقوم به واعرف الفترة التي اكون فيها جاهزا حتى لا تأتي الاعمال فطيرة لان آلة الكمان فاضحة للأخطاء ويمكن للإنسان العادي ان يلحظها ، وأنا أول من اسس لفرقة وكان برعاية البروف علي المك وأول عرض لها كان بنادي الخرطوم ، اما الصولات (العمل المنفرد) لا اعرف كم عددها ، وما يمكن ان يحققه لي الحفل منفردا حققته من خلال صولاتي مع الفنانين ، ما تم في مسقط كان شيئا طارئا وما اريده اخطط له بدقة والـ (13) مقطوعة الخاصة هي خلاصة المسيرة.
* كل تلك السنوات ألم تحقق لك التجويد؟
– لدى فلسفتي الخاصة ان السهل يقلد بسهولة اكثر منه ، ومن اجل ان انتج شيئا يحمل اسمي لابد ان يخاف منها كل من يريد تقليدها او ترديدها ، الطيار يقيم بساعات طيرانه وآلة الكمان يقيم الشخص بساعات التمارين ونحن بدأناها كبارا لذلك يكون هناك فارق بيننا وبين الذين بدأوها منذ الصغر.
* ذكرت انك قمت بتلحين عمل .. هل لك تجربة تلحين؟
– لدى تحفظات وحاجز نفسي من التلحين، وفي زماننا كان وردي ملحنا وعمر الشاعر شلالا من الالحان وبوجود ملحنين مقتدرين لم اكن في حاجة لان اجرب ، وقمت بإعادة صياغة لحن (ما بنفرط فيك يا عزة) وشرعت فيه بالبيانو وتغنى به فرفور وشموس ووليد زاكي الدين
*خلال مسيرتك ما هي الاعمال التي وجدت صعوبة في تنفيذها ؟
– الالحان غير الجيدة او غير مجودة والتي يرفض مؤلفوها التجويد عبر الورش.
* من هم الفنانون الذين طربت في الاداء معهم؟
المطربون القامة كالكاشف و احمد المصطفى و ابراهيم عوض وعثمان حسين ودائما الساحة تستقبل منهم كل ما هو جميل ونرتب معهم الامور في مصلحة العمل ، ووردي رحمة الله عليه كنا نجهز معه لبروفات اغنية كاملة وفي الآخر يحس انها دون المستوى ويقوم بإبعادها.
* ما هي اميز الاعمال التي اطربتك؟
– شال النوار بها تراكيب من الصعوبة ان تتكرر وكانت نقلة لمحمد الامين وهي من الاغنيات الخالدة التي لا يمكن ان تنتهي وهي لا تشبه اشياءه ولا اشياء الاخرين وأنا كعازف عندما اجد اغنية بها جديد في الاداء اسعد لأنني اجتاز به الصعوبات .. هناك عدد من الاغنيات الجميلة (قلت ارحل) (شجن) و(الى مسافرة) في اي وقت تستمع اليها تحس بان لديك علاقة بالعمل لا يمكن الفكاك منها رغم سهولة اللحن.
* هل شاركت في الملحمة؟
كنت حاضرا وكانت بروفاتها تحت شجرة وموسى محمد ابراهيم كان قائد الفرقة وله جهده وعملنا بجهد مشترك وأخذت منا جهدا مبالغا فيه في التسجيل وحفظناها عن ظهر قلب ولم يكن هناك (تراكات) مثل الان ولو حدث خطأ في الدقيقة (59) تعاد من الاول.
* هل اثرت كلية الموسيقى في تطوير الاعمال الموسيقية؟
– دراسة الموسيقى مثلها مثل بقية العلوم الاخرى لكن لان خريجها في دائرة الضوء ، وكل من يمتهن المهنة تتوقف شهرته على ما يقدمه والعيب ليس في المنهج او الاستاذ انما في الطالب الذي لا يجتهد.
* دورها الان مقارنة بوضع المعهد سابقا؟
– في السابق كان الفنان يوصف بـ (الصعلوك) والأسر لا ترضي لأبنائها الاتجاه في هذا الطريق هناك من اغتنم فرصة الدراسة لتحسين صورة الفنان وهناك من رأوا انفسهم اكبر منه ، ورغم ذلك وفر المعهد مناخا وبنيات تحتية وأساتذة استطاعوا ان يخرجوها من النفق الضيق ودخول (الهارموني) فيه او الانسجام تم بعد مجئ الكوريين فبدون دراسة الهارموني ليس هناك تطوير وسنتعامل مع السلم الخماسي كما هو مطروح ووجدوا ان هناك الحانا بها انسجام بدون ان نعرف الهارموني وهذا ما يقود الى ان اللحن العبقري لا يعرف آلة ولا درسا ولا ينظر لعلاقة اللحن بالكوبليه.
* عايشت اجيالا من الفنانين كيف ترى الفرق بين هذا الجيل مقارنة بأجيال سابقة ؟ ومن هو الأعلى كعبا بين الشباب؟
– الفرق بين العصر الجميل وما يدور الان مائة سنة ضوئية .
* اين تكمن مشكلة الاغنية السودانية في كلماتها ام لحنها ام ادائها؟
– الجيد من الغناء اصبح نادرا ، وهذا ما جاء بالخلاف حول اين المشكلة من اللحن ام الكلمات ام المؤدي وأصبح جيل سابق يظلم جيلا لاحقا ولم تحل المشكلة لكن الاكيد ان القليل يهزم بالكثير ، فأصبحت هناك كثافة في الغناء من غير جودة ، والإعلام اسهم في ذلك ومعدو البرامج يروجون لذلك النوع من الغناء دون حساب الاضرار الناتجة حتى ان هناك احد الفنانين الشباب قال انه افضل من وردي ، وفي ظل عدم وجود قياسات صحيحة اي فنان يمكن ان يدعي انه سيد الساحة.
الراي العام