كسلا تغرق في قاش الصراعات الحزبية والسياسية

كسلا… تغرق في قاش الصراعات الحزبية والسياسية

✍ كسلا .. هذه المدينة الساحرة، الطيبة وأنيقة.. ذات الطبيعة البكر الفاتنة، وتقف على أسوار روعتها جبال توتيل والتاكا شامخة شموخ مواطني كسلا الكرام.. كسلا أرض الحبايب.. رمز المحنة.. تفيض عراقةً وأصالةً.. تتنوع فيها القبائل بالترابط الإجتماعي الفريد.. الذي يبدو واضحاً وجلياً في مظهرها الإجتماعي التقليدي بالمداعبات والطرائف ما بين مواطنيها في منتدياتها وقهاويها..

✍ كسلا التي صمدت تاريخياً منذ الطليان والإنجليز، وغنى لصمودها أهل الفن والطرب، الذين أبدعوا في وصف محاسنها، هذه الولاية الطيبة.. ولاية كسلا.. يعيش فيها كل المواطنين بمختلف قبلياتهم وسحناتهم وأصولهم في حب ووئام، ولكنها للأسف سياسياً هي بحر هائج متلاطم التوجهات السياسية التي تتنازع فيها الأحزاب السياسية متقلبة ما بين مصالح أفرادها، دون النظر للمصلحة العامة التي يمكن أن تفيد الوطن.

✍ كلمة (بجا) كلمة شاملة لها مدلولات جغرافية وتاريخية عميقة المعني، ومن يحصر معناها في قبائل بعينها، فهو جاهل بالتاريخ السوداني والجغرافيا السودانية، وفي رأي الشخصي أن أي حزب سياسي يتكون من قومية محددة، ولا يجد التنوع القبلي فيه سبيلا، بلا شك سيكون من أفشل الأحزاب السياسية علي وجه الأرض.

✍ أحزاب الشرق المتعددة، يتوزع أفرادها سياسياً، وكل حزب بما لديهم فرحون، تاهت كلها ما بين اليسار واليمين لاكثر من ستين عام، تاه انسان البجا ما بين الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي وما بين أحزاب اليمين من الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم.

✍ انسان البجا الذي يبحث عن منقذيه من أبناء كسلا التائهين بين أحزاب الشرق المتعددة، باحثاً عن وحدة من أجل مصلحة الوطن ونمائه واستقراره، وكل فرقةٍ تنادي بحقوق الشرق المهضومة، ولا يعلمون أن أول هذه الحقوق الضائعة لإنسان الشرق هو تفتت كياناته وعدم اتحادها.

✍ انسان البجا يعاني حتى علي مستوى الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الوطني، وهو يرى رموزه تتنازع فيما بينها دون اتفاق، وتتمايز دون شديد خلاف، مرسلة للشباب رسائل خوف من مصير مجهول، ومعلنة انهزام قدوات وأمثلة الحزب العليا أمام أفرادها.

✍ حقيقة إن أكثر ما يهدد كسلا من تدهور في مختلف مجالات الحياة الخدمية من خدمات اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية، هو خطر الممارسة السياسية وأطماع السياسيين، وتنازع هذه الفئات حول مراكز السلطة والقرار على مستوى الحزب أو على مستوى حكومة الولاية، هذه الأحزاب بكثرتها وكثرة كلامها وتصريحاتها السياسية هي من تحمل معول الهدم لهذه المدينة الصغيرة الجميلة، التي ان غابت عنها أطماع الساسة والسياسيين لصارت أحلى وأعذب مدينة على وجه الأرض.

✍ وأستأنس هنا بخطاب عتبة بن غزوان التاريخي الذي أرسله لعمر بن الخطاب، كتب فيه (إني وجدت أرضاً كثيرة القضّة (بكسر القاف وفتحها – أي الحصا)، في طرف البّر الى الريف، ودونها منافع، وفيها ماء وقصب)، فلما وصل الخطاب الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أذن له أن يبني فيها مدينة، فكانت مدينة (البصرة) العراقية، على ضفاف شط العرب، وبين غابات النخيل الممتدة حتى الأفق.
و نحن جميعا بكم يا ساسة كسلا وسياسيها من نصنع المجد بأيدينا، نحن أهل كسلا بإخلاصنا وتجردنا وحفاظنا على المال العام، نحن من سنجعل من مدينة كسلا، تحفة جمالية تسُرُّ الناظرين.

✍ أخيرا… أفيقوا أيها السياسيين لجمال هذه البلدة، وأنفقوا لنمائها واذدهارها من حُر أموالكم، ليسجل لكم التاريخ السوداني النماء والإذدهار الذي ستشهده المدينة على أيديكم إن أخلصتم النوايا، وجعلتم رضا الله عزوجل في خدمة عبادة بتحويل هذه المدينة الصغيرة الى جنّة الله في الأرض، اتحدوا من أجل المصلحة العامة لمدينة كسلا ليحفظ التاريخ لأحزابكم وبأسمائكم أنكم كنتم من خيرة السياسيين الذين جعلوا مدينة كسلا تحفة جمالية وحضارية.

✍ قال تعالى (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال، كلو من رزق ربكم وأشكرو له بلدة طيبة ورب غفور (15) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أُكُل خمط وأثلٍ وشئ من سدرٍ قليل (16). سورةسبأ.

✍ علي بابا
17-8-2017م.
[email][email protected][/email]