
النور عنقره كان قائدا مهديا صلبا (وهذا لا يمنع انه كان تاجرا للرقيق).. قال الأزهري (ان من واجبنا ان لا ندخر جهدًا ولا طاقه في كفاحنا للمستعمرين الغاصبين للشطر الجنوبي لوادي النيل، ولن نقيم لأرواحنا ولا لدمائنا وزنا في سبيل تحرير بلادنا وتحقيق أهدافها بجلاء الإنجليز من وادي النيل وتحقيق وحدته تحت تاج مليك مصر و السودان فاروق المفدى) ورغم ذلك يعتبر في نظر البعض أبو الاستقلال ورمز لازمه التقديس .
التاريخ يا سيدات و ساده ليس هو الماضي ومكانه أرفف المكتابات وقاعات الدرس ،، التاريخ هو الحاضر والمستقبل ،، المجتمعات لا ترث شكل لون الجلد ودرجه خشونه ونعمومه الشعر وهكذا صفات منقوله جينيًا ،، ما يشكل المجتمع حاضره ومستقبله هو إرثه القديم ،، تاريخيه الماضي وما توارثه عن اجداده من ثوابت ينقلها جيلا بعد جيل بوعي وفي غالب الأحيان بدون وعي وإدراك ،،
في حاله المجتمع السوداني الذي يعتمد اعتمادًا كليًا علي نقل القيمه والمعلومه الموروث دون تدوين عن طريق الحكي ،، ودون التثبت من المصادر ،، مما خلق لدينا خللا كبيرا في فهم الماضي وبالتالي في معايشه الحاضر ..
لماذا نخوض الان في هذا المعترك وما الداعي له ؟؟ في رأي المتواضع ان ثوره ديسمبر المجيدة هي اعظم وأكبر حدث في تاريخ السودان الحديث ،، حيث ان هذه الثورة لم تثر ضد الحكم الإخواني العسكري الفاشي فقط ،، إنما ضد النمط القديم لسودان ما بعد الاستقلال ، انظر الي شعاراتها التي اطلقتها وانظر الي ميدان الاعتصام ودقته وتماسكه والأهم من ذالك انظر الي الوجوه التي أفرزتها تجد انها حاولت ان تخلق طفره جديده تنقلنا لمرحله اخري من الحياه المشتركة في هذه الجغرافيا ،، والمتمعن في مجريات الأحداث منذ اندلاع الثورة وحتي الان يجد ان التحولات التي صاحبتها لم تكن محض صدفه إنما صراع ماضي وحاضر متمسك بالمعروف من الموروث بالضرورة ويقابله طفره مختلفه تريد ان تخلق عالمًا جديدا ويخلق واقعًا منسقًا مع احتياجاته المستقبلية ،، إذا طرحت اسئله من شاكله لماذا التحالف مع العسكر ؟؟ ولماذا هذا الشكل المعقد من عدم الوفاء بالالتزامات الآنية للمرحلة الانتقالية ، من مجلس تشريعي ومسار السلام وغيرها ،، لماذا يتصدر المشهد الان نفس الشخصيات والأحزاب بنفس أنماط التفكير التي سادت بعد ثوره أكتوبر من العام اربع وستين ؟؟ تجدني لا اجد اجابه الا انهم بوعي أو من غير وعي يريدون استمرار امتيازاتهم الاجتماعية في المقام الأول ومن ثم امتياز التمتع والعيش بكنف الماضي الثقافي العتيق .. ولذلك اختارت قيادات قوي الحرية والتغيير بوعي كامل الشراكه مع العسكر واختارت شكل المرحلة الانتقالية لضمان استمرار النسق القديم ولدعم خلق وابداع نظم جديده تحدث نقله في شكل الدوله السودانيه مما كان يمكن ان نسميه بحق السودان الجديد .
الأحزاب كوسائل للحكم :-
ما يجمع الأحزاب السودانية من يسار ويمين هي التكوين الاجتماعي للسوداني ،، العقد الغير مكتوب بيينا هو الحاكم الفعلي وليس ما تطرحه من أفكار وبرنامج حزبيه ، لذلك تراهم يتبعون نفس السلسلة من إجراءات اختيار القيادة ، لن تجد في المستقبل القريب ( الا إذا حصلت طفره) مولودًا من بعد ثوره أكتوبر يقود حزبا سودانيا ، ذلك يتعارض مع قيمه اعلا الكبير ،، أنظر لغالبية قاده الأحزاب السياسية تجد قادتهم ( الصف الأول والثاني ) اغلبهم اكثر حياتهم خلفهم ويريدون ان يصنعوا حياه الأجيال التي من بعدهم !!
ولكن العمر ليست هي المشكلة الكبرى في هذه الأحزاب ،، إنما فهمهم وممارستهم للمفهوم الديمقراطي هي المشكلة ،، الممارسة الديمقراطية ليست هي عمليه الاقتراع في صناديق الانتخاب ،، تلك هي مُحصله العملية الديمقراطية ، أي نتيجتها النهائية ، فأطوار العمل الديمقراطي تبدا أولا بالإيمان الديمقراطي ومن ثم ممارسته في الإطار الحزبي وختامه بإختيار البرنامج المناسب للحكم ، وفهم طبيعه واختلاف كل إطار حاكم والتمييز بينهم .. فالنظام الرئاسي يختلف عن النظام البرلماني ..
ولعجز القادرين عن التمام تنشغل القوي الحاكمة الان ( قحت ) في معاركها الجانبية رئيس الوزراء وطاقمه لم يفتح الله عليهم بنافذه تسد جوع الملايين ، والقضايا الأساسية القول الفصل فيها في أيادي العسكر من تشريع القوانين وعمليه السلام المعقده الي تعيين وتشكيل الأجهزة الأمنية والمصادقة علي ميزانيه الدوله !! وهم في سبيل الحفاظ علي المكاسب الآنية ومن غير النظر الي الغد مشغولين باللغط ، فاليسار واعوانهم مشغولون بالصادق المهدي ، والمهدي وجماعته في بحثهم عن انتخابات مبكره لعلها تعديهم للوزاره ،،هذا المشهد الان في بلادي سريالي غريب . واخشي ما اخشاه ان لا تنتهي الفترة الانتقاليه في أجلها المضروب يفأجا الناس ببيان التمديد لثلاث سنين أخر ،، لا هل بلغتكم !!!
محمد صالح