متى تنهض أفريقيا؟..

بقلم: محمد المكي إبراهيم

احتلت إفريقيا خانة أفقر الفقراء منذ أن نافست أمريكا اللاتينية على الانقلابات العسكرية ففازت بالرهان ولكنها خسرت روحها وانطوت على فقرها ومرضها وأوبئتها جالسة في مؤخرة العالم وبين يديها “قرعة” الشحاذة لتقبل العطايا من الجميع.
كل من يريد أن يجدد نظامه الهاتفي يتساءل أين يلقي بالجهاز القديم وألف من يدله على السودان أو أفريقيا الوسطي. ومن كان عنده كومبيوتر سعة 248 عفى عليه الزمن يتخلص منه بإهدائه لبلد أفريقي يرى في ذلك كرماً ولطفاً من “البوانا” العظيم. والبوانا هو السيد الأبيض العظيم في لغات البانتو تقابلها كلمة “توباب” في لغة الولوف وهي كلمة استحقار. وكان البوانا يعود إلى أفريقيا كلما انفرط عقد الأمن في دولها حديثة الاستقلال فكان ظهور الجنود البلجيك والفرنسيين يلقي الرعب في قلوب العسكر الافريقي المتمرد فيلقون إلى الأرض ما وضعوا على رءوسهم من تلفزيونات الناس المنهوبة ويولون الأدبار مطلقين صيحات التحذير لبعضهم البعض من أن البوانا قد وصل.
وأخيراً سئم البوانا من الهرجلة الأفريقية فقامت فرنسا الحنون بفك الارتباط بين عملتها والفرنك الأفريقي الذي ظلت تدعمه بما يعادل خمسين بالمائة من قيمته الاسمية وأوعزوا لمنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي فيما بعد) أن تتولى التدخل نيابة عنهم. وفي ذلك الوقت كان السودان وموريتانيا من أعتى المعارضين لما كان يسمى قوة التدخل الإفريقي باعتبارها أداة استعمارية للتشويش على دول القارة. أما الآن فقد تغير الموقف السوداني من النقيض إلى النقيض وأصبح السودان يعض على تلك الأداة الاستعمارية بالنواجذ مردداً بطريقة الأطفال: أريد هذه ولا أريد تلك. وتلك هنا تعني قوات الأمم المتحدة وهي نفس الامم المتحدة التي اسهمت أعظم الإسهام في تحرير أفريقيا (بما فيها السودان من ربقة الاستعمار وهي نفس الأمم المتحدة التي ساهمنا بجنودنا في قواتها لحفظ السلام في الكونغو حيث استشهد بعضهم في مدينة متادي ?ميناء الكونجو الرئيسي- وصاروا في عداد شهداء الحرية في أفريقيا.)
لكي تقوم المنظمة بذلك الدور الجديد كان عليهم تسليحها وتزويدها باللوجستيات كمعدات النقل ومعدات الاتصال ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث فقد انتهز الاوربيون الفرصة للتخلص من نفاياتهم وإلقائها في المستودع الأفريقي الكبير فتبرعت لنا ألمانيا بمائتي سيارة جيب عسكرية. أليس ذلك كرماً منقطع النظير؟ ولكن أصبر لتعرف بقية القصة فإن تلك السيارات كانت من مخلفات الحرب العالمية الأخيرة وزيادة على ذلك فإنها لا تعمل بالليل أو بصريح العبارة ليست مزودة بمصابيح ومع ذلك كان على منظمتنا أن تتقبلها شاكرة وتبحث لها عن جراج يأويها.
يمثل هذا النمط الجديد تطوراً لا يسر الخاطر في علاقات أفريقيا بالعالم فقد صاروا ينظرون إلينا كمستودع لنفاياتهم والواقع أن كثيراً من دول القارة يقبل لنفسه ذلك الدور باعتبار أننا دول صحراوية ولا يضيرنا أن ندفن للناس نفاياتهم في هذه الصحاري الشاسعة التي حبانا بها الله دون أن يؤثر ذلك على سلامة البيئة ونظافتها في قارتنا. ومهما يكن فإنه ليس مشرفاً لنا أن نكون عامل نظافة العالم.
متى تنهض أفريقيا وننهض معها من بؤرة الفقر والتخلف؟
يوم تبدأ القارة في صنع الأشياء بدلا من استهلاكها.
يوم توجد تقسيماً اقتصادياً للعمل يقيم صناعاتها حسب الموارد ويضمن لتلك الصناعات سوقاً قاريةً تمتد عبر القارة كلها إلا حيث تتوفر ميزة نسبية تغني عن الاستيراد.
وبالتأكيد يوم تقتنع القارة وطلائعها المثقفة إن كل شيء ممكن وأن الله لم يختص الجنس الأبيض بالعلم والمعرفة دون كل الأجناس.
+++++
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عندما تسترجع مانهبه منها المستعمرين اصحاب دفن النفايات ولاتنسوا حلايب سودانية رغم انف المتخاذلين

  2. الجنس الابيض لم يرتكب خطأ في حقنا نحن الافارقة -الذين اذلوا افريقيا هم الدكتاتوريات العسكرية التي تولت السلطة بعد خروج المستعمر -واستعمروا الشعوب -ولن ينصلح حال افريقيا ماداموا في السلطة-وعندما تسود الديمقراطية في افريقيا ستنهض من كبوتها واغلالها-انظر الي جنوب افريقيا وما يفعلونه في العمال الافارقة-هل فعل البيض مثل هذا؟؟..

  3. والله يا أستاذي العزيز ….هذا السؤال يعرف اجابتة كل من درس بالخارج وأختلط بالطلاب الأفارقة أو سافر وعايش الأفارقة في بلدانهم….فأنا وأعوذ بالله من هذه الكلمة ممن عايشهم وصادقهم وعرفهم عن قرب فكل هم الطلاب الأفارقة أو مايفوق نسبة ال 90% ممن عاشرتهم خلال فترة دراستي هو أهداف شخصية فقط بل الكثير منهم يفكر في الحصول على جنسية بلد اوربي او غيره ولا احد يعتز بانتماءه الى أفريقيا ولا الى بلدة بل يرضى بقضاء فترة الذل المريرة للحصول على الجنسية الأوربية ولا أستثنى الأخوه السودانيين من ذلك ويعتبرون هذا أكبر نجاح لهم من الشهادات العلمية التى حصلو عليها.
    وانت تعلم يا أخي ان كل النظم التي تحكم افريقيا هي نظم عسكرية دكتاتورية من الطراز الأول كل همها أن تجني الأموال لنفسها لتضمن استمراريتها ومعظم الذين يحكمون هذه الدول مزدوجي الجنسية أو ازيال لدول أخري.
    والله أحيانا أفكر وأقول ان النظم الملكية التي تسود في بعض البلدان افضل منا لأنها بقدر ما تفسد تعطي.
    والشي الاخر الذي ليس له علاقة بالسياسة هو الثقافة…..فالأفارقة من الصعب تغيير نمط حياتهم حتى ولو تحسن حالهم …فمثلا في جنوب أفريقيا وتحديدا في جوهنسبرغ تري البيض يسكنون في بيوت بنيت باحسن الطرز العمرانية وبالقرب منها مباشرة ترى العشش التي يسكنها السود وهذا ليس بسبب الفقر بل ربما هولاء الذين يسكنون العشش أكثر اموالا من ساكني الفلل لكن هذه ثقافتهم (انا وجدنا ابءنا على ملة)
    وهذه الأمثلة موجوده في السودان وبكثرة.
    فالأجابة على متى تنهض أفريقيا بلغة لأرقام محبطة جدا
    ولك التحية

  4. اذا اردنا ان تتطور افريقيا علينا ان نطور انفسنا فى الاول علينا ان نفكر و نعمل ونتعب ونتعلم من الاخرين الذين سبقونا فى العلم والتقدم وان نترك السياسة على جنب لان مشكلتنا الاساسية فى السودان اننا نعلق كل شئ على السياسة والسياسيين هل تعلموا بان اكثر من %60 من اراضى السودان الصالحة للزراعة تزرع بايدى عاملة اجنبية وعلى راسهم الفلاتة والاحباش بينما يكتفى صاحب الارض بالاشراف فقط
    فنحن لسنا فقراء ولكن نحن من افقرنا انفسنا

    5

  5. انحنا لو ما علاجنا اخلاقنا في الاول عمرنا ما حنتقدم ، عندنا أزمة مورال رهيبة ومفهوم ضيق في قيمة الزمن والعمل علي نهضة الوطن

  6. اخر ايام عمرك تقبل تكريم من اوسخ البشر المطلوبين للعدالة الدولية اللذين شردوا ذويهم اخجل على نفسك بعدين حاول تبيض وجهك بانك حادب على افريقيا والله يستر من التحت تحت

  7. بغض النظر عن اتفاقنا مع البعثيين او احتلاغنا نري انهم انصع مثال عما تفعله مثل هذه الاختلافات الشكلية مثل القومية والقطرية . هل علينا ان ننظر لمشاكل السودان كقطر ام مشاكل افريقيا كقوميين . البيضة ام الدجاجة ؟ حمانا الله

  8. ورد في الاخبار أن بعض شركات الادوية الامريكية والاوربية انتجت بعض المنتجات الدوائية(غير المجربة في البشر) لعلاج مرض الايبولا. وقد قامت هذه الشركات و بمساعدة اطرافها في افريقيا بتضليل مرضي الايبولا بأن تقدم لهم هذه الادوية مجانا في شكل مساعدات …ولكن اتضح ان الغرض من ذلك تجريب هذه الادوية في نطاق واسع داخل مناطق الإيبولا حتي لو جاءت النتائج ايجابية طرحت هذه الادوية بـأغلي الاسعار…إنظر الي هذا النوع الآخر من الإستغلال والخداع والغش … والإبتزاز ايضا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..