لماذا التلكع .. ؟!

منصات حرة

لماذا التلكع ..؟!

نورالدين عثمان
[email][email protected][/email]

الخرطوم وجوبا تطلبان وثائق بريطانية تتعلق بحدود 1956م ومن المعروف أن السودان خضع للحكم الإنجليزي المصري منذ العام 1899م وحتى عام 1956م وهو التاريخ المحدد لطلب الخرائط والوثائق ، والسبب وراء هذا الطلب هو الخلاف الحدودي بين دولتي الشمال والجنوب ، وهذا الطلب يؤكد لكل مراقب لتاريخ الصراع بين الحزبين الحاكمين أن كل ما تم من حوار ومحادثات كانت عبارة عن زبد ذهب جفاء ..

فهل من المعقول بعد تلك المحادثات الطويلة والمعقدة التى جرت فى بين الطرفين وتوجت ببروتوكولات نيفاشا- التى تم بموجبها منح الجنوبيين حق تقرير المصير الذى كان نتيجته الحتمية فى ظل هكذا صراع الإنفصال ، وتم الإستفتاء وحدث الإنفصال كما كان متوقع تماماً – أن يتم طلب وثائق بهذه الدرجة من الأهمية ؟ ..

ولكن الشئ الغريب والذى يلقى الريبة والشك داخل نفوسنا هذا الطلب الأخير من الخرطوم وجوبا بشأن الخرائط والوئاثق البريطانية ، والتى تخص الحدود بين الدولتين ، فهذا إن دل يدل على أن الطرفان يحملان أجندة غير معلنة وغير موضوعة فى لائحة الإعلان وإلا فكيف يعقل أن يتم طلب هذه الخرائط بعد كل هذه المدة ليظهروا لنا بمظهر الإختلاف حول حدود الإستقلال 1956م ، وهذا بالطبع مجافي للواقع ، فكل الأحداث الفائتة تدل على أن الطرفان إتفقا على ترسيم الحدود وفق بروتكولات نيفاشا ووفق هذا الإتفاق تم عمل الإستفتاء حول تقرير المصير لكل سوداني مقيم أو ينتمي للجنوب بحدوده المتفق عليها بين الطرفين ، وهذا مايحعلنا نضع علامات إستفهام كثيرة حول هذا الطلب المتأخر والذى جاء بعد فوات الأوان وبعد أن وضع الطرفان النقاط على الحروف ، وإذا كان هذا الطلب مثلاً خلال مفاوضات نيفاشا لكان الأمر معقول ويتقبله العقل ، أما أن يتم الآن وفى هذا التوقيت فهذا دليل على أن نيفاشا لم تكن إتفاقاً ولا تسوى الحبر الذى كتبت به ، ويقودنا لترجيح الرأي القائل أن نيفاشا كان هدفها الأول والأخير هو فصل الجنوب وبضغط دولي وبموافقة حكومة الخرطوم ، وأن كل ماقيل عن إتفاقات لم يتم التوصل حولها على إتفاق وتم تاجيلها لإدارة صراع جديد بين دولتين الخاسر الوحيد فيه هو الشعب السوداني شمالاً وجنوباً ..

ونحن بدورنا نعتبر ما يجري وماجرى من محادثات ومفاوضات حول مصير السودان بين الحزبين الحاكمين هو بمثابة تسلية بين الطرفين وتنفيذ لأجندة خارجية لا تخدم الشعبين ، ونضع مايتم اليوم من ( مفاوضات ) فى باب ( التلكع ) لعدم التوصل لإتفاق يحدد مصير الدولتين ، وينعم بموجبه الشعبين بالأمن والأمان ، وإلا لماذا قيل فى السابق أن مسألة ترسيم الحدود هى مسألة وقت ولماذا فى الأساس تم عمل تقرير مصير طالما ليس هناك حدود متفق عليها ، لماذا هذا التلاعب بمصير بلد بأكمله وبأيدي من لم يتم تفويضهم من قبل الشعبيين ؟ فكل مايتم هو عبارة عن ( تلكع ) لخدمة أجندة أخرى كما أسلفنا والأيام بيننا ..

ولكم ودي ..

الجريدة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..