?في حقائب ساندرا? جاء وفد وزارة الخارجية الأمريكية إلى الخرطوم متسائلاً: ثم ماذا بعد رفع العقوبات الاقتصادية؟ ولكنه سيعود إلى واشنطن بسؤال ملح: متى يرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب؟

الخرطوم ? نازك شمام
بدت الحركة غير طبيعية أمام مدخل فندق السلام روتانا صباح أمس، عربات كثيفة للشرطة، وتفتيش دقيق للسيارات التي تهم بالدخول إلى باحة الفندق، وأسئلة على شاكلة (الرئيس جاي هنا ولا شنو؟) تنطلق من أفواه المارة، وبعد قليل يدلف إلى باحة الفندق رتل من السيارات الدبلوماسية يعلوها العلم الأمريكي، ليكتشف الجميع أن الأمر يتعلق بنائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الاقتصادية والتجارية، ساندرا أودكيرك، التي وصلت إلى الموقع لتجتمع مع قيادات أصحاب العمل السوداني لوضع خارطة طريق للقطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة والبحث في التحديات التي تواجه قطاع الأعمال السوداني في سعيه للاندماج والتعاون مع نظرائه في العالم، ولا سيما في الولايات المتحدة بعد رفع العقوبات الأمريكية وفتح الأبواب للمزيد من التعاون والتبادل في المجال الاقتصادي بين البلدين.
بهندام جميل وبسيط وألوان هادئة سارت المسؤولة بخطى واثقة بعد ترجلها من السيارات الدبلوماسية، ودلف إلى داخل الفندق، وفي إشارة إلى دقة الالتزام بالوقت وصلت المسؤولة الأمريكية قبل الموعد بحوالى 20 دقيقة، وهي أول وأرفع مسؤول أمريكي يزور الخرطوم بعد قرار رفع الحظر الاقتصادي مطلع أكتوبر الجاري، جاءت إلى الخرطوم وحقائبها تحتشد بالملفات التي تحتوي ملاحظات وأفكار نثرتها على طاولات المسؤولين عن الاقتصاد بالبلاد، فقبيل المجيء إلى لقاء رجال الأعمال السودانيين أجرت المسؤولة الأمريكية الزائرة سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع وزيري المالية والزراعة ومحافظ البنك المركزي، لبحث الأوضاع الاقتصادية لفترة ما بعد العقوبات الأمريكية.
على مدار الثلاث ساعات جلس قيادات أصحاب العمل وممثلين لكافة القطاعات مع المسؤولة الأمريكية وطاقم السفارة بالخرطوم يتقدمه القائم بالأعمال الأمريكي، فضلا عن مدير الإدارة الأمريكية بوزارة الخارجية، انصب اهتمام الجميع على الإجابة على سؤال واحد: (ماذا بعد رفع العقوبات؟)، الجميع حاول أن يجد متطلبات المرحلة المقبلة التي تتطلب تهيئة البيئة والبنية التحتية لظهور الأثر المباشر لقرار رفع العقوبات الاقتصادية، كل في مجاله، فتناوبت الإجابات بين مديري المصارف السودانية والباحثين عن التقانة الأمريكية، لرفع القدرة على الإنتاج والإنتاجية، وآخرون يبحثون عن تقانات أكاديمية ترفع من مستوى الدراسات، غير أن الاجتماع أمن على أهمية التواصل بشكل مباشر مع القطاع الخاص الأمريكي ومحاولة الاستفادة القصوى من القرار في مراحله الحالية، مع السعي الجاد في إكمال المتطلبات الأخرى لا سيما الخاصة بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لإزالة بعض التخوفات الكائنة في بعض المؤسسات والمصارف الغربية التي لا تزال تحجم عن التعامل مع السودان في ظل الظروف الراهنة، غير أن الاجتماع المشترك بين وفد الخارجية وممثلي قطاعات الأعمال بالقطاع الخاص السوداني، أمن على أهمية التواصل والتعاون بين القطاع الخاص بالبلدين.
وأوضحت نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الاقتصادية والتجارية، ساندرا أودكيرك، في تصريحات صحفية عقب الاجتماع أن زيارة الوفد للخرطوم والتي تجيء عقب رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، تهدف إلى إجراء مباحثات مع الجانب السوداني، وذلك على المستوى الحكومي الرسمي والقطاع الخاص السوداني للاطلاع على رؤى مسيرة العلاقات في الجوانب الاقتصادية والتجارية لمرحلة ما بعد رفع العقوبات. وأشارت إلى أن جلسة النقاش مع القطاع الخاص السوداني تهدف لمعرفة حاجته والعقبات التي تواجهه في تعاملاته مع القطاع الخاص الأمريكي، وقالت إن للقطاع الخاص دورا مهما في الفترة المقبلة في علاقات التعاون الاقتصادي، مؤكدة رغبة القطاع الخاص الأمريكي لفتح قنوات تعاون مع السودان واستكشاف الفرص عبر القطاع الخاص السوداني، وأضافت ?نأمل في التعاون بين القطاعين الخاص بالبلدين لإحداث تغيير في مجالات التنمية الاقتصادية?.
وقال الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني، بكري يوسف عمر، إن الاجتماع الذي ضم القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية بالخرطوم ورئيس اتحاد المصارف وممثلي قطاعات الأعمال بالاتحاد ومديري المصارف، يجيء في إطار زيارة وفد الخارجية الأمريكية للبلاد لبحث رؤى التعاون لمرحلة ما بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، بغرض الاطلاع على رؤى القطاع الخاص الوطني في بعض القضايا، وتساؤلاته للمرحلة المقبلة، مبينا أن الاتحاد طرح رؤية للمرحلة المقبلة وجهوده لتهيئة القطاع الخاص ومتطلباته والترتيبات التي تمت في هذا الشأن وإجرائه لعدد من الاتصالات مع غرفة التجارة الأمريكية، وعقد ورشة عمل لترقية أداء الأعمال والحوكمة والشفافية والحد من الفساد. كما أشار الأمين العام إلى طرح الاتحاد لمشكلات التحويلات المالية مع الولايات المتحدة، وأنها لم تنسب بالقوة المطلوبة، لافتا إلى أن نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكية أوضحت أنها ستجري عددا من الترتيبات والاتصالات بالمؤسسات الأمريكية والبنك الفيدرالي والأوفاك، لضمان انسياب أكبر للتحويلات المصرفية.
كما أشار بكري إلى تأكيداتها بضرورة استغلال القطاع الخاص السوداني للفرصة التي أتاحتها عملية رفع العقويات والعمل عليها، كما أبان أن الاجتماع ناقش كذلك عددا من العقبات التي تعترض قطاعات التجارة والزراعة وصناعة الأدوية وغيرها من القطاعات للتعاون مع الولايات المتحدة ومتطلبات تنفيذ الأعمال في تلك المجالات، بجانب دعوتها خلال الاجتماع لضرورة استمرار الاتصالات مع الشركات الأمريكية والتنوير بالفرص الموجودة بالسودان، والمشاركة في المعارض والمنتديات والتواصل مع السفارة الأمريكية بالخرطوم في هذا الصدد.
وأكد رئيس اتحاد المصارف، مساعد محمد أحمد، استعداد المصارف لمواكبة المستجدات خلال المرحلة المقبلة في كل الأعمال المصرفية والالتزام بكافة المعايير العالمية التي تحكم العلاقات بين البنوك في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى التركيز للتعامل المصرفي بغرض إعادة التعاون مع الولايات المتحدة لصورته الطبيعية. وقال ?لابد في هذه المرحلة التركيز والتأكيد على أهمية عودة البنوك السودانية للتعامل والتعاون مع نظيراتها بالعالم، والأمريكية على وجه الخصوص.
وشددت أمينة أمانة الاتفاقيات والعلاقات الخارجية، وداد يعقوب، على أهمية أن تعمل الدولة على إكمال متطلبات القرارات الأمريكية الأخرى، خاصة المتعلقة بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقالت إن ذلك سيعمل على انسياب الحركة التجارية بسهولة ويسر حال إكماله حتى يزيل بعض التخوفات لدى بعض المؤسسات للتعامل مع نظيرتها السودانية، وأقرت بأن القرار الأمريكي برفع العقوبات الاقتصادية لم تستطع البلاد الاستفادة منه كما ينبغي، نظراً لوجود السودان في القائمة، مما يمنع كثيراً من الشركات من التعامل مع البلاد.
اليوم التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..