ليبيــون يبحثــون عــن 10 آلاف مفقود بعد سقوط القذافي

يبحث عبدالله ساميا، عن أخيه عبدالباسط الذي اختفى في الأيام الأخيرة للحرب الأهلية التي وقعت في ليبيا، عندما كان في بلدة سرت، التي كانت المحطة الاخيرة للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بعد سقوط طرابلس. وكانت آخر اتصالات العائلة مع عبدالباسط (33 عاماً) وهو يملك مقهى، في 26 سبتمبر الماضي، اي قبل بضعة اسابيع من سقوط المدينة في يد الثوار.

ومنذ ذلك الحين، لم يشاهد إلا مرة واحدة على شاشة التلفزيون خلال تقرير اخباري، وهو محاط بعدد من مقاتلي الثوار. ويقول عبدالله ساميا «فعلنا كل ما بوسعنا للعثور عليه»، وزارت العائلة جميع السجون في بنغازي ومصراتة. واطلعت على قوائم أسماء قتلى الحرب وعلى جميع صور الاشخاص غير المحددة هويتهم. كما انها اقامت موقعاً على الانترنت لطلب المعلومات، لكن في كل مرة يتصل اي شخص ليخبر العائلة بأنه شاهد ابنها ويتضح انه ليس الرجل المقصود.

وساميا ليس وحده الذي يعاني هذا الوضع، بعد تسعة اشهر على انتهاء الحرب الاهلية في ليبيا لايزال الأصدقاء والأقرباء يبحثون عن نحو 10 آلاف مفقود انقطعت اخبارهم خلال المعارك، وعلقوا في سجون القذافي، أو ببساطة تم خطفهم من الشوارع ولم يشاهدوا بعد ذلك.

وتقوم ميرفت مهاني في وزارة الشهداء والمفقودين الواقعة في احدى ضواحي طرابلس بتصنيف تفاصيل المعلومات عن المفقودين. وتم تعيين ميرفت في هذه الوزارة نتيجة الحملات التي كانت تقوم بها لمصلحة عائلات المفقودين. وتقوم بوضع قاعدة بيانات مع عدد من زملائها عن تفاصيل وعينات من الحمض النووي لهذه العائلات، إذ يتم مقارنة هذه العينات مع عينات يتم استخراجها من مقابر جماعية يجري اكتشافها باستمرار.

وتبدو عملية اخراج الجثث من القبور وأخذ عينات الحمض النووي منها مسألة طويلة وصعبة ومكلفة. وتعتقد مهاني انه ستمضي سنوات عدة قبل تحديد هوية معظم الجثث. ويرجع تاريخ معظم هذه الجثث الى فترة حكم القذافي، وكانت عملية البحث عن معلومات تتعلق بالذين فقدوا داخل سجون القذافي قد ساعدت على اطلاق شرارة انتفاضة العام الماضي.

واختفى نحو 1270 سجيناً سياسياً من سجن أبوسليم في طرابلس في 29 يونيو عام .1996 واتضح في ما بعد انه تم إعدامهم بإطلاق الرصاص على رؤوسهم داخل السجن خلال يوم واحد بعد اعمال شغب اندلعت نتيجة ظروف السجن المرعبة التي يعيشون فيها. ولم يتم العثور على جثثهم، إلا حتى عام 2001 عندما بدأت حكومة القذافي بإبلاغ عائلاتهم بأن اقرباءهم المحبوسين قد توفوا.

وصادف يوم الجمعة الماضي الذكرى السنوية الـ 16 لمذبحة سجن ابوسليم. وللمرة الاولى كان الاهالي قادرين على التجمع أمام السجن لاحياء ذكرى احبائهم المفقودين. ومن بين هؤلاء المتجمعين هجيرة محمد، وهي شابة انيقة الملبس رشحت نفسها للانتخابات.

وجاءت الى تجمع السجن لتذكر والدها محمد وهو رجل اكاديمي ومؤلف للعديد من الكتب الدينية التي وقعت في يد رئيس المخابرات الليبية السابق موسى كوسا، فقام بحبسه عام 1991 عندما كانت ابنته في الـ16 من عمرها. وظلت عائلة محمد تتفاوض مع النظام سنوات، وبدت في بعض الأحيان بوارق امل لإطلاق سراحه وسط انعدام الثقة بالنظام. وقالت هجيرة «في كل عام كانوا يقولون لنا إنه تم اطلاق سراحه، ونستعد في البيت للقائه، لكنه لا يأتي».

ولكن بعد خمس سنوات على حبسه، خيم الصمت على قضية محمد. وكانت العائلة ترجو السلطات من أجل الحصول على معلومات عنه، لكن بلا فائدة، واعتقدوا انه توفي في مجزرة عام .1996 وقالت هجيرة بصوت متهدج «كان الأمر الأكثر صعوبة بالنسبة لنا معرفة ما حدث» ولم يتم العثور على جثة الوالد حتى الآن.

وفي هذه الأثناء يواصل عبدالله ساميا بحثه، فقد سجل معلومات مفصلة عن شقيقه في وزارة المفقودين، وقدمت عائلته عينات من حمضها النووي. ويتزايد تشاؤمه باستمرار، لكنه يقول إنه لن يستسلم. وأضاف «أريد ان اعرف فقط في ما اذا كان ميتاً او حياً، واذا كان حياً استطيع العثور عليه وأقف الى جانبه، وأما اذا كان ميتاً فعلى الاقل، فإننا نستطيع ان نقيم مأتماً يليق به»، ويعترف قائلاً إن « الاعتماد على الاحتمالات ليس امراً جيداً، لكن كيف اتوقف عن البحث عنه من دون ان أعرف ما الذي حدث له».

االامارات اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..