الديمقراطية..فاقد الشيء لا يعطيه

سليمان حامد الحاج

تصريحات السيد رئيس الجمهورية أمام الهيئة التشريعية في دورة افتتاحها وما أدلى به نائبه الأول علي عثمان محمد طه، عن الديمقراطية وحرية الرأي وإشراك كافة القوى السياسية دون استثناء في وضع الدستور والتداول السلمي للسلطة، حديث مكرر ومعاد في معظم خطابات البشير أمام الهيئة التشريعية. وكذلك تصريحات نائبه في العدد من مخاطبته لجماهير المناطق التي يزورها.

غير أن الواقع يدحض كل تلك التصريحات.. فالمؤتمر الوطني منذ استيلائه على السلطة قسراً وبقوة السلاح ظل يسوق هذه التصريحات لخداع الرأي العام العالمي والإقليمي، فشعب السودان وصل إلى تلك الحقيقة منذ زمن طويل.

وضمن الحقائق التي نوردها إستنطاق أحد مستشاري رئيس الجمهورية ورئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني السيد د. غازي صلاح الدين العتباني. فقد عبر أكثر من مرة من إنعدام حرية الحوار أو تقبل الآراء داخل الحزب الحاكم، وهذا دليل ? حسب قوله ? على بداية الموت الحتمي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم. وكان المكتب القيادي للمؤتمر الوطني قد أقال العتباني من رئاسة الكتلة في المجلس الوطني وعيِّن بدلاً عنه مهدي إبراهيم. ويعتبر هذا السلوك ? بحسب أقوال بعض أعضاء المؤتم الوطني ? مخالفاً للوائح الهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني التي تنص على ترشيح ثلاثة أشخاص للمنصب وتختار الهيئة رئيسها من بينهم.

المؤتمر الوطني شبع موتاً، ولم تعد هناك مؤسسية في حزب تحول إلى مجموعة من أصحاب المصالح الخاصة همهم استقطاب الثروة وتحويلها إلى بنوك في الخارج أو داخل قصورهم الوارفة. وصار الرأسماليون الطفيليون هم أصحاب الكلمة العليا عند إصدار أي قرار صغر أم كبر، مصيري أو غير مصيري.

هذه المجموعة هي التي يعلو صراخها هلعاً من تنحي البشير عن رئاسة الجمهورية لأنها ستفقد الحماية لمصالحها ومقاعدها في أهم مؤسسات اتخاذ القرارات الصعبة. وهي في سبيل ذلك مستعدة لا لخرق القوانين والتعدي على لوائح حزبها الداخلية فحسب، بل تبذل قصارى جهدها لتعديل الدستور نفسه، والدخول في معارك شرسة ضد من يقف أمام تحقيق أهدافها.

وما حدث من محاولة انقلابية من فلذات كبد النظام نفسه هي أعظم دليل على إنعدام الديمقراطية وحرية الرأي داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم نفسه. وما حدث في انتخابات لوالي ولاية القضارف، تؤكد أن هذا الحزب فقد نسيجه وتفتت إلى شلل وجماعات يعمل معظمها لتحقيق مصالحه الشخصية. وقد انعكس كل ذلك على الواقع الذي تعيشه البلاد من تقييد للأحزاب بإقامة ندواتها في الساحات العامة، والحجر على صدور العديد من الصحف مثل صحيفة(الميدان) التي منع جهاز الأمن طباعتها منذ2 مايو 2012 وحتى الآن.

ولهذا فأن كل من يُصدِّق حديث الديمقراطية أو التبادل السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهه فهو يجري وراء السراب جرَّبَ السير وراءه من قبل ولم يحصد سوى قبض الريح.

نحن مع الحوار شريطة أن تتوفر كل متطلباته والتي تمثل الديمقراطية وحرية الرأي والنشر رأس الرمح فيه . ولهذا فإن إطلاق التصريحات وتدبيج المقالات الفارهة والانتظار خلفها لسماع رجع صداها دون الإقبال على التنفيذ العملي أمر مرفوض، لأنه لا يفعل غير إعادة إنتاج الأزمة وتعميقها.

وهذا ما درج عليه جماعة المؤتمر الوطني الفارق في وحل صراعاته من أجل البقاء في السلطة عبر ?الشُلل? والمجموعات ذات المصالح المشتركة والتقرَّبُ من مصادر القرار.

من ينتظر حلاً قومياً ديمقراطياً لأزمة الوطن يكون المؤتمر الوطني طرفاً فيه، سيطول انتظاره، المؤتمر الوطني فقد ظله ولم تكن المؤسسة فيه إلا ذراً للرماد في العيون. والدليل على ذلك صراع المصالح والشُلل الذي حكم القرارات النهائية لكل مؤتمراته. ولهذا فليس غريباً أن ينداح هذا الصراع ويمتد إلى معظم الولايات متمثلاً صراعاً ضارياً على مناصب الولاة والتنفيذين في حكومة الولاية.

حقاً أن فاقد الشيء لا يعطيه. ومن الغفلة بمكان أن تطلب من الواقع ما ليس فيه . فالمؤتمر الوطني الذي وقع من قبل العديد من الاتفاقات وحضرتها وفود وشهود عالميين، تنكر لها وحنث بكل الوعود والعهود التي قطعها على نفسه. ولهذا أصبح التسرع في تصديق التصريحات هو تجريِّب المُجرَّب. فالمؤتمر الوطني كان وسيظل متمترساً حول أجندته التي تستبطن البقاء في السلطة إلى يوم يبعثون، مستظلاً ومتستراً خلف شعارات وسيناريوهات كاذبة ومخادعة. وكان هذا ديدنه منذ استيلائه العسكري على السلطة الديمقراطية المنتخبة من الشعب.

لقد قضى وقت طويل على تصريحات البشير. ولم يطلق من المعتقلين والنساء والأطفال المعتقلين في سجون السودان المختلفة سوى(6) فقط هم الذين تم اعتقالهم لمجرد إبداء رأيهم توقيعاً على مشروع:(وثيقة الفجر الجديد) ولم تظهر أي بادرة على مصداقية ما قيل عن رفع الحجر عن الصحف والرقابة القبلية والبعدية. ونحن في الحزب الشيوعي لم نتلق أي دعوة للحوار، ولا زلنا محرومين مثل سائر الأحزاب السياسية المعارضة من مخاطبة الشعب في الساحات العامة، وأصاب صحيفة(الميدان)ضرر بالغ بعدم توزيع أكثر من(122) عدداً فكيف نستطيع أن نصدق تصريحات الرئيس ونائبه.

نحن في الحزب الشيوعي سنظل على موقفنا المبدئي المتمثل في :-

العمل على إسقاط النظام بتوحيد أوسع جبهة من قوى المعارضة لهذا الهدف.

آلياتنا المُجرَّبة هي الجماهير المنظمة التي تملأ القرى والمدن وتكتظ بها الشوارع معلنة الإضراب السياسي أو العصيان المدني أو الانتفاضة الشعبية.

إقامة حكومة قومية على انقاض النظام القديم مؤقتة الأجل، للاتفاق على الدستور الدائم وإجراء انتخابات عامة مستعينة ببرنامج البديل الديمقراطي الذي توافقت عليه كل قوى الإجماع الوطني.

أهم من ذلك كله أننا ننبه شعب السودان، ونُحذِّر كافة القوى السياسية من الجري وراء سراب تصريحات قيادات المؤتمر الوطني، بل تبذل كل جهدها في تنظيم صفوفها عبر النضال اليومي الذي يستهدف إجبار النظام على الخضوع لكل المطالب الفئوية ورفع المعاناة عن الجماهير المتمثلة في الضرائب والجبايات المتصاعدة التي جعلت حياتهم جحيماً لا يطاق.

هذا لا يعني كما ذكرنا سابقاً إننا نرفض الحوار، ولكن إن كانت الحكومة جادة في إشراك الشعب فيه لأن ما يقوله هو القول الفصل فلنفتح الباب واسعاً أمام الحريات وتلغي كافة القوانين التي تقيدها. وتوقف الحرب الذي لا زالت مشتعلة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. هذا أو الطوفان.

الميدان

تعليق واحد

  1. صيرتونا لايران تبع
    ايران دولة طموحه , عريقه ( وارثة مجد فارس وال ساسان وامبراطورية داريوس العظيم )وقد اعزها الله بالاسلام ولا اعتراض لنا في اقامة علاقات مميزه معها اما ان نصير لها تبع وندخل في حلف لا ناقة لنا فيه ولا جمل تقوم بمقتضاه الايران بالانحياز للنظام الظالم المستبد الدكتاتوري الجاثم علي صدر اهل السودان فهذا يعرض العلاقات المستقبليه والشعبيه للخطر ويخضعها للمراجعه والنداء لايران ان لا يخدعنكم ابوالعفين الوالغ في الدماء والفساد

  2. الا تستحي يا رجل !!
    انت وجهاز المتفرغين استوليتم في انقلاب دموي بعد يوليو الأسود واسلمتم عبدالخالق والشفيع وقرنق على الحزب وحولته الى اقطاعية وكهانة تعطي صكوك الغفران لمنظمي القعدات والراحات لجلاتكم ويومها كما قالت الماركسية ان التراكم الكمي يؤدي الى تحول نوعي.
    انحسر المد الديمقراطي الثوري واصبح الحزب اسماً فارغ المدلول والمعنى والممارسة وصار شذاذ الآفاق خائري القوى يستخدمون الحزب كسلطة وليس كمدرسة لتعليم النضال الثوري للجماهير.
    خسئت يا رجل!!
    صار الحزب اسماً لا يحمل اياً من مضامين الثوريةالتي جاءت بها الماركسية ودمجها الشهيد القائد المعلم عبدالخالق ورفاقه ومن سار على دربه.
    وصل فقدان الديمقراطية والمحسابية والشفافية والتربية الايديولوجية الحضيض وفاقد الشئ لا يعطي. نستطيع ان نؤكد انه لا فرق بين جهاز المتفرغين والنخبة الحاكمة من المؤتمر الوطني عندما يصبح الحديث عن الديمقراطية.
    كم يا ابوداؤد من الذين دافعوا عن الديمقراطية داخل الحزب واقصيتهم انت شخصياً وكم تأمرت لإبعاد المتخصصين والعلماء والباحثين وأهل الرأي فذهبوا يملئون بكتابات الاستنارة مواقع الصحف المختلفة المكتوبة والمسموعة والمرئية وانت سادر في غييك لا تحترم رأي عالم ولا خبير وتعتقد كأهل التصوف ان الحكمة جائتك (بالخطوة).
    ونسعد انك لا زال لديك بقية من حياء بان تحافظ على اسم الحزب اسماً رغماً عن انك فاعل في ممارسة اقصاء الحزب عن الحياة العامة (جاهل لا يدري انه جاهل) فمارس الديمقراطية داخل حزبنا العظيم نصدقك كلماتك عن وأد المؤتمر الوطني عن الديمقراطية ولو كنت تحترم الفكر الماركسي لعلمت ان الديمقراطية والمساواة والشفافية بين الثوريين هي الآداة لهزيمة دكتاتورية الإمبريالية وصنائعها من امثال المؤتمر الوطني ومن لف لفهم .
    وان عدتم عدنا
    خالد اصلاحي

  3. نحن في الحزب الشيوعي سنظل على موقفنا المبدئي المتمثل في :-

    العمل على إسقاط النظام بتوحيد أوسع جبهة من قوى المعارضة لهذا الهدف.

    آلياتنا المُجرَّبة هي الجماهير المنظمة التي تملأ القرى والمدن وتكتظ بها الشوارع معلنة الإضراب السياسي أو العصيان المدني أو الانتفاضة الشعبية.

    كفاية كذب انتو اسوأ من المؤتمر لكن أقل منه قوة وعزيمة بس لسانكم طويل. فطونا خلاص سيرة الامل كان في ود المهدي لكن ياخسارة

  4. وهل المؤتمر الوطني تنقصه الديمقراطية فقط؟ لا تتوقع أن يطبق الديمقراطية من هو فاقد للإنسانية والدين – من هو منافق يغتصب باسم الدين أبسط حقوقك في العيش الكريم لكي يعيش هو وبقية منسوبي حزبه في رفاهية!

  5. .
    الضمان الأساسي لنجاح أي تغير مستقبلي ناجز ودائم وغير قابل للردة هو:
    إقامة حكومة قومية ( مؤقتةالأجل ) ، للاتفاق على الدستور الدائم وإجراء انتخابات عامة مستعينة ببرنامج البديل الديمقراطي الذي توافقت عليه كل قوى الإجماع الوطني ، تمهيداً للإنتقال الحقيقي لمرحلة دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية . واي حديث يخرج هذا المبدأ من التطبيق الفعلي يعتبر مضيعة للوقت تتفاقم به الأزمة .

  6. من علّم الحشرات والحيوانات الحكمة والعلم والطب والأخلاق والسياسة؟؟؟؟؟ لماذا لا نصدق حينما نقرأ في القرآن أنّ الله هو المعلم؟؟

    ومن أين جاءت تلك المخلوقات العجماء بعلمها ودستورها !!!إن لم يكن من خالقها؟؟؟؟
    !! وما هي الغريزة..؟ !!أليست هي كلمة أخرى للعلم المغروس منذ الميلاد؟؟ !!!..العلم الذي غرسه الغارس الخالق الله جلً علاه
    “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون” صدق الله العظيم

    ولماذا ندهش حينما نقرأ أن الحيوانات أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة؟؟
    “وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون” صدق الله العظيم. ” واذا الوحوش حشرت ” صدق الله العظيم
    ألا يدلّ سلوك الحيوانات البرية والأليفة على أننا أمام نفس راقية تفهم وتشعر وتحس وتؤمن بالجزاء والعقاب والمسؤولية؟؟!!.. نفس لها ضمير يتألّم للظلم !!!والجور والعدوان؟؟؟
    ثم أبن هم أئمة الطغيان الديني والكسب التمكيني الإنقاذي؟ أهم خارج المنظومة الكونية أم لم تلدهم أمهاتهم؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..