الحصاحيصا.. ماذا دهاها؟

وكأنما هناك لعنة حطَّت على فضاء المدينة الوادعة، فنزعت عن الحصاحيصا أمنها وهدأتها، وسرقت منها الطمأنينة التي كانت تُقاسم الناس المشي في الطرقات ليلاً ونهاراً..!

فالناظر إلى سجلات الجريمة في مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، سيجد أنها حفلت بتدوينات جنائية شاذَّة وغريبة لم تألفها المنطقة من قبل. وسيجد أن مخافر الشرطة استضافت ? مؤخراً ? عدداً من رجالات المصارف في جريمة اختلاس تعد الأبرز في السنوات الأخيرة، وذلك بعدما تمكّن بعض منسوبي وإداريي أحد المصارف بالحصاحيصا من اختلاس أموال طائلة من حسابات العملاء، في خطوة لا تخلو من جرأة، ذلك أن تقفّي آثار المختلسين في تلك الجرائم لا يحتاج إلى عبقرية، لأن حركة المال داخل أي مصرف تتم وفق ترتيبات محدَّدة، لا مجال فيها لإلقاء اللائمة على أشخاص غير الجناة. طبعاً هذا رهينٌ بتوافر النظم المصرفية الصارمة، كما أنه رهين بتطبيقها.

قد يقول قائل، إن تلك الجريمة لا تصلح معياراً لقياس درجة الأمن في الحصاحيصا، وسنتفق نحن مع دعاة هذا الرأي كثيراً، لكن بالطبع لن ننسى الإشارة إلى أن ذلك السلوك لم يكن مألوفًا، أو مطروقاً هناك، إذ لم يتم تسجيل حالة اختلاس بهذه الدرجة من الخطورة والضخامة.

الشاهد أن هدأة الحصاحيصا التي تحسرنا عليها في قولنا عاليه، لم تعد هي ذاتها، فقد تناقصت درجة الأمان في المدينة بصورة كبيرة، لدرجة أن بعض المجرمين المحكومين والمحبوسين تمكنوا ? في حالة نادرة ? من الهرب من داخل محابس الشرطة هناك، الأمر الذي أعطى مؤشراً سيئاً عن حالة قصور وتراخٍ أسهمت وتسببت في أن يقفز المحبوسون حواجز السجن، ويتركوا الحسرة تعتصر من اختصموهم، سواء أن كانوا مواطنين أو الحكومة نفسها. وهو ما جعل السلطات المحلية هناك في واجهة النقد من المواطنين، ومن الإعلام الذي أضحى ينظر إلى الحصاحصيا كواحدة من حواضن الأخبار، ولا سيما المثيرة..!

الشاهد أن المدينة التي يُطلق عليها بعض أهلها لقب عروس النيل، تبدو كمن يتخلى تارة بعد أخرى عن واحدة من مخصوصاته ومزاياه الجميلة، فقد تواصلت الجرائم الغريبة، بحيث تصاعدت نسبة حالات السطو على المنازل في الأحياء، بل حتى على المحال التجارية في الأسواق، الأمر الذي رسم حالة من عدم الرضا لدى قطاعات مجتمعية وسكانية كبيرة. لجهة أن الأسواق ينبغي أن تكون محروسة بالدوريات الأمنية..! فقد حدثني أحد التجار، واسمه عوض الجيد محمد إبراهيم الخالدي، بأن المحل التجاري الذي يخصه، تعرَّض إلى حالة سطو غريبة، إذ تمت سرقة أكثر من (70) أسطوانة غاز، مع أن المحل لا يقع في منطقة نائية، بل يقع في قلب سوق الحصاحيصا..!

المثير في القصة كلها، أن تلك السرقات لا تخلو من جرأة وربما تحدٍّ للسلطات التي تُفترض أنها تحرس السوق. هذا طبعاً إذا كانت تحرسه فعلاً..!

الشاهد أن عملية سرقة (70) أسطوانة غاز تتطلب عربة كبيرة لنقلها وتحتاج لساعات حتى تتم بنجاح، فأين كانت الدوريات المناط بها حراسة الأسواق، وأين الشرطة التي ينبغي عليها أن تفك طلاسم هذه الجريمة المستقزة. حتى تنال حصائد الثناء والإشادة على نحو ما لقيته شرطة ولاية الخرطوم التي تمكنت من تفكيك لغز سرقة الذهب الشهيرة التي حدث مؤخراً بأم درمان، على الرغم من غرابة القصة وجرأة العصابة، وذكاء قائدها.
الصيحة

تعليق واحد

  1. تحياتي واحترامي استاذ يوسف الجلال
    ما اثرته في مقالك يشبه ما يحدث في كل المدن السودانيه دون استثناء وليس حصريا علي الحصاحيصا واظنه (كما تعرف وانت سيد العارفين ) ان الجريمه نتيجه عموما لاسباب كثيره منها ما هو سياسي وثقافي واجتماعي الخ .
    وحتي لا نرمي الكلام علي عواهنه ما يحدث هذه الايام في العاصمه نفسها من نهب مسلح للصيدليات وجرائم اخري .
    لا ندعي خلو الحصاحيصا من ظواهر نتيجة لما يحدث في البلد عموما من تخريب وغياب للدوله وضعف امكانات الاجهزه المحليه والفساد الذي ضرب كل اركان الوطن , لكن تظل الحصاحيصا تلك المدينه الوادعه الامنه المرحبه بالضيف والتي لا زالت تحمل تلك الصفات التي تجمع براءة ووداعة ريفنا الحبيب والق المدينه الرصين دون ضوضاء .
    دعوه اوجهها اليك استاذ الجلال لقضاء ايام بالحصاحيصا وفي ضيافتي حتي تقف بنفسك علي ما اوردته من حديث .

    مع فائق احترامي وتقديري .

  2. (إذ لم يتم تسجيل حالة اختلاس بهذه الدرجة من الخطورة والضخامة. )

    لا سجل حالة اختلاس في الحيصاحيصا قبل ذلك من بنك اذ ان مدير البنك تواطأ من موظفة معه واختلسوا أموال العملاء واتضح بعد ذلك انه متزوج بها بالسر وهى قضية معروفة تداولتها الاخبار لفترة من الزمن

  3. تحياتي واحترامي استاذ يوسف الجلال
    ما اثرته في مقالك يشبه ما يحدث في كل المدن السودانيه دون استثناء وليس حصريا علي الحصاحيصا واظنه (كما تعرف وانت سيد العارفين ) ان الجريمه نتيجه عموما لاسباب كثيره منها ما هو سياسي وثقافي واجتماعي الخ .
    وحتي لا نرمي الكلام علي عواهنه ما يحدث هذه الايام في العاصمه نفسها من نهب مسلح للصيدليات وجرائم اخري .
    لا ندعي خلو الحصاحيصا من ظواهر نتيجة لما يحدث في البلد عموما من تخريب وغياب للدوله وضعف امكانات الاجهزه المحليه والفساد الذي ضرب كل اركان الوطن , لكن تظل الحصاحيصا تلك المدينه الوادعه الامنه المرحبه بالضيف والتي لا زالت تحمل تلك الصفات التي تجمع براءة ووداعة ريفنا الحبيب والق المدينه الرصين دون ضوضاء .
    دعوه اوجهها اليك استاذ الجلال لقضاء ايام بالحصاحيصا وفي ضيافتي حتي تقف بنفسك علي ما اوردته من حديث .

    مع فائق احترامي وتقديري .

  4. (إذ لم يتم تسجيل حالة اختلاس بهذه الدرجة من الخطورة والضخامة. )

    لا سجل حالة اختلاس في الحيصاحيصا قبل ذلك من بنك اذ ان مدير البنك تواطأ من موظفة معه واختلسوا أموال العملاء واتضح بعد ذلك انه متزوج بها بالسر وهى قضية معروفة تداولتها الاخبار لفترة من الزمن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..