اعتصام نيرتيي .. (أرفع يدك فوق التفتيش بالذوق).. قدح الميارم يكفي الجميع.. هتافات تسد الأفق (الشاي بي جاي)
المدينة الفاضلة لاعتصام القيادة العامة يعاد بنائها من جديد وهذه المرة في (الأرض المغسولة النظيفة).

(صبة نيرتتي)
الخرطوم – الزين عثمان
(ديسمبر يا مجيد الشعب هتف سودان جديد) الهتاف الذي تردده مكبرات الصوت التي نصبت في قلب الميدان امام محلية نيرتتي بولاية وسط دارفور وبعد ما يزيد عن العام على فض اعتصام الشعب السوداني امام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة كانت رسالة في بريد من ظنوا ان بفضهم لاعتصام القيادة ومدينته الفاضلة قد نجحوا في قطع الطريق أمام الشعب في تحقيق غايات ثورته قبل أن يأتيهم الصوت من هناك (ااا وين يا) ويا كلك أرجع وراء ثورتنا دي ما بتقدرا.
1
هذا الشعب وحده القادر على تحديد مسارات، وحده من يملك مفاتيح الحل والعقد، فعلها مرة في السادس المنصور من ابريل حين ظن الجميع ان كل الابواب المؤدية لاسقاطهم مغلقة لكنه فتحها مرة وهو في كامل استعداده على تكرار المشهد مرات ومرات يوم السادس من ابريل لا احد كان يظن ان الشعب الذي صبر (30) عاماً على سلطة اخرجت من البلاد كل سوء مختفي هو ذاته من سيصنع مدينته الفاضلة في المساحة امام القيادة العامة وهو نفسه الذي بامكانه اعادة رسمها في أي مكان شاء يمكنه الانتصار بذات سلميته حتى وان كان في مكان يجاهد أهله للخروج من الحرب.
2
هناك في نيرتتي، المنطقة التي تعني بلغة الفور الارض المغسولة النظيفة لم يكن يدر بخلد شبابها العائدون من انتصار الثورة في المركز والذين يحملون معهم مع جرح الحرب جرح ما حدث في فض الاعتصام ان ترديدهم عبارة السادس من ابريل ليس سدرة منتهانا كان لأنهم سيعيدون ذات التجربة وبأسرع حتى مما تصوروا هم ليجدوا نفسهم مرة أخرى في ذات المدينة الفاضلة معيدين مشاهد ظن انها لن تتكرر ومؤكد انها لن تغادر مخيلة كل من كان هناك يومها.
3
في طريقهن نحو ساحة الاعتصام تردد نساء نيرتتي هتاف (سلمية سلمية ضد الحرامية) وهو ذات الهتاف الذي عبر من خلاله ثوار السادس من أبريل نحو القيادة يومها كان الثوار يواجهون آلة الموت بتمسكهم بقيمة النضال السلمي وهو ذات امتحان اهالي نيرتتي الذين كان عليهم المسير في درب مقاومة اللا عنف بعد ان استمر الكفاح المسلح اكثر من 17 عاماً يرافقهن ذات يقين الانتصار لم يكن هتاف السلمية وحده الحاضر في الساحة بل رافقته كل شعارات ثورة ديسمبر أبريل وعلت النبرات المطالبة بالمدنية وبتفكيك بنية النظام البائد مع التأكيد على أننا أحرار وح نواصل المشوار.
4
من فاته شرف أن يتذوق طعم وجبات قدح الميارم في خيمة كنداكات وادي هور المجلوبة من هناك بإمكانه أن يحقق حلمه وان يتذوق الطعام الذي حملته كتوف النساء التي لم تحنيها اوجاع الحرب ولا معافرة البناء عليه ان يتذوق ذات حلال الطعام الذي حضر قبل ثماني سنوات في اعتصام المناصير بمدينة الدامر الطعام الذي يصنع بمحبة ويجلب بمحبة اكبر تحت شعار (عندك خت ما عندك شيل) وهو ذات السلوك الذي كان حاضراً في اعتصام القيادة هناك ايضاً بامكانك ان تستعيد نشيد الصغار (الشاي بي جاي) دون ان تضيف ليهو عبارة بموية صحة فهناك المياه الطبيعية بصفاء قلوب من يشربونها بالطبع كان حضور النساء في الاعتصام يضاهي حضورهن في اعتصام المركز مع التأكيد على أن الثورة أنثى والنساء لن يعدن من منتصف الطريق دون تحقيق أحلامهن.
5
قبل الدخول إلى ساحة الاعتصام عليك العبور فوق عدد من المتاريس وبالطبع الخضوع لعمليات تفتيش مصحوبة بالموسيقى والغناء (ارفع ايدك فوق والتفتيش بالذوق) ومعها ارفع يدك بمحبة والتفتيش بمحبة وهي ذات الروح التي يمكنك ان تتابعها في الداخل روح القيادة التي لم تمت وهتافاتها ان حكومة مدنية أو صبة أبدية ومعها نحنا عندنا مطالب ما بنرجع إلا تتحقق، غناء وبالطبع منصة لايصال الرسائل وزوار يعلنون دعمهم وتضامنهم مثلما حدث من وفد أهل نيالا ووفد آخر قدم من زالنجي، لافتات وأغاني ورقص وحياة لكن بالطبع فإن كل ذلك يأتي على شرف تحقيق غاية وهدف وتنفيذ مطالب هي التي دفعت بالمواطنين الخروج من بيوتهم وقضاء النهار والليل في ساحة الاعتصام.
6
حكاية اعتصام آخر في نيرتتي وتأكيد على أن راية السلمية التي رفعتها ثورة ديسمبر لن تسقط مثلها والمطالب بتحقيق غايات الحرية السلام والعدالة الثورة التي انتصرت في المرة الأولى بخلع البشير ونظامه تنتظر انتصارها الآخر بتحقيق مطالب أهالي نيرتتي في السلام والامان فقط لانهم يستحقون ذلك باستحقاق كونهم اعادوا ما ظنوا الناس انه قد مات إلى الحياة السلمية القادرة على انجاز دولة المواطنة التي تمشي فيها الحرية نحو العدالة وبسلام فيما وجد اعتصام نيرتتي دعماً منقطع النظير من السودانيين الآخرين الذين أعلنوا استعدادهم للالتحاق به من اجل انجاز اهدافهم وهو سلوك يعيد للاذهان سلوك ايام الثورة المستمرة بأن الجسد السوداني واحد إن شكا منه عضو تداعى سائر الجسد بالحمى ولكنها في حالة نيرتيي حمى حنين للحظة من التاريخ الباسل الذي انتهى بالنصر في انتظار اكتماله.
اليوم االتالي