مقالات سياسية

مشلعيب الراكوبة … وكدايس التكتيم..

مشلعيب الراكوبة … وكدايس التكتيم..

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]

لشد ما أ عجبني حقيقة أسم ( الراكوبة ) الذي أطلقه فتية الموقع علي منتداهم الهادف.. وصحيفته الفتية.. وقد أعاد الآسم الي الذهن صورة الراكوبة في زمان صبانا وأهميتها كمتنفس لغرف البيوت الطينية الضيقة المساحات والمنخفضة الارتفاعات..فتحفها الرواكيب في أكثر من اتجاه توزع الضياء من بين الظلال وتتسرب عبر فتحاتها النسمات الباردة حتي في عز الصيف ..في زمان لم تنتصب فيه اعمدة الكهرباء في أزقة القري ولم تعتلي السقوف هوائيات التلفاز او تنفخ فيها مكيفات الهواء نفسها .البارد. أو تدور المراوح فوق الرؤوس… ولم نكن نحلم بالطبع باسلاك الانترنيت العجيب حتي في المدن وقتها. فجاء اسم الراكوبة الذي اطلق علي صحيفة اللكترونية تسبح في فضاءات العالم كتعبير عن مزج القديم بالحديث ..في ابهي صور تجلي الكناية التراثية.. وهي التي اعادت الي خاطري صورة الراكوبة ومكوناتها التي تتفاوت بين الحطب والقش والقصب ..كتفاوت تصميمها ونسجها وفقا لامكانات كل اسرة.. وانداحت الي الذاكرة محتوياتها الداخلية ..من ….( التيبار ) اي الزير بلغة اليوم .. (والكابدلو) وهو انا في شكل قرعة مجوفة لحفظ الروب أو الحليب يعلق علي أحد أ عواد الراكوبة مع ( المشلعيب ) والذي هو لمن لايعرفونه من ابناء زمن ( الهول..والأنتري ) سلة في شكل شبك من السعف المقوي ..يصمم بحيث يكون قادرا حسب حجمه علي استيعاب الأواني من كورية الربيت اي دهن الذبائح المجفف والمقلي مثل ( الشيبزأو البفك بلغة اجيال..عمو وخالو ) وكذا حلة الملاح البائت ويكون هو الأخر معلقا مثل زميله الكابدلو يتدلي من السقف الداخلي للراكوبة .. فيما يقف ( الكديس ) حائرا في الوصول اليه.

واذا كانت كناية الراكوبة لصحيفتنا الأثيرة والأثيرية قد صادفت محلها من حيث الشكل تراثيا .. فان مضمونها قد اصاب كبد الحقيقة من حيث التشبيه لكونها متفنسا للراي والراي الآخر لتعبر عبر مساماتها المفتوحة علي الجهات الأربع .. كا النسائم التي تملاء راكوبتنا في البيوت القديمة .. فتنعش الصدور وتفك عنها كتمة النهار القائظ…

ولعل ذلك ما جعلني اشبه صفحات هذه الصحيفة المعلقة في أعمدة الفضاء.. بالمشلعيب الذي يتدلي من راكوبتنا… ليظل محتواه ذخرا لسد جوع العقول الباحثة عن الحقيقة.. بعيدا عن سطوة ( كدايس التكتيم ) من رجال السلطة الذين يستعصي عليهم الوصول الي ذلك المشلعيب وتكميم صوته. فباتوا يسخرون من الصحافة الأسفيرية الألكترونية.. بشتي النعوت وكلمات الاستخفاف..بما يؤكد ان هذه الصحافة قد نجحت تماما في توصيل رسالتها.. والشاهد علي ذلك تواجد المتداخلين بدرجة مذهلة من المتابعة..والتجاوب كل يدلي برايه..مؤيدا او معارضا دون حجب أوحذف الا لما يتنافي مع عفة اللسان السوداني.. فيما يجي غضب رجالات الحكم من حرية التعبير التي انتهجتها الراكوبة كابسط مثال تجسيدا لخوفهم من صحافة لايستطيعون مصادرتها مثلما كانوا يفعلون مع الصحافة الورقية.. قبل ان يتورطوا في فتح نفاج الحرية لها ظنا منهم انه سيكون بمقدورهم التحكم في جرعات التنفيس التي تخرج سرسارا لا يبلل.. حلوق المتعطشين للمعرفة والحقيقة التي يخبوئنها خلف غرف التعتيم .. فانفجر ذلك النفاج ليصبح شلالات تهدر بصوت الحق وكشف المستور .. فندموا هم ايما ندم علي اطلاق مارد يستحيل عليهم اعادته الي قمقمه ..لان الحرية لو يعلمون تسقط لطالبها والعامل علي تحقيقها وانتزاعها بايمانه بها كالشمس لا تسأذن الارض..حين تنبسط .. دفقات ضؤئها في كل الآفاق… تماما وياليتهم يعلمون . ايضا. ان عتمة الظلم..والباطل.. حينما تتسرب من بين يدي الظالم حيال بزوغ شمس الحق..لا تنتظره لتأخذ بخاطره وانما تأخذه في ازيالها قسرا الي غياهب الذل وخلف ظلمات النسيان..

فطوبي لكم فتية راكوبة الوطن الفسيحة وانتم تعبئون
مشلعيبها بزاد القاريء الواعي من المقالات والأراء والأخبار.. فاصبح لديكم حصيلة من كتاب الأعمدة المباشرين أو الذين تنقلون اعمدتم المنشورة من الصحف السيارة او كتاب الراي الذين يرفدونكم..بقول الحق في شجون وشئون الوطن وقد ملك جلهم المفاتيح للولوج الي ركام الفساد في بلادنا المنكوبة بحكم النفاق باسم الدين وفق مشروع كتبت شهادة وفاته قبل ان ينزل من رحم فكرهم المتنطع الذي يسير عكس تيار الزمن المنفتح علي براحات التقدم ..
وليعلم الذين ينظرون في حيرة وحسرة الكديس العاجز عن ادراك ..مشلعيب الراكوبة ان الحرية كل لا يتجزأ.. فلما حالة الفصام التي يعيشونها في التعاطي مع ما يكتبه سدنة النظام في ( انتباهة ) الطيب مصطفي الغافل عمدا او غرورا عن حقيقة ان هذا الشعب صبور ولكنه جبار… مطلقا كتابه من الموتورين والمهاويس………. ( خفافيش اخر الليل ) المعلقين في اسقف الظلمات وقطرانهم الأسود يتنقط في صباحات الناس غما.. ويزيدهم هما علي هموم نهارهم الحارق.. فيما تحرمون علي الذين يلجأون الي ظل الراكوبة هربا من حريق يومهم ليبللوا حلوقهم بجرعة من الحقائق التي يعتصرها كتابها.. ويضعونها علي مشلعيبها.. الذي استعصي عليكم الوصول اليه.. لانه كالضؤ المنسرب في فضاءات الحرية .. ليستقر في العقول النيرة اصلا .. ليزيدها نورا علي نور.. ويهزم عتمة الزيف التي بثثتموها قسرا في تلك العقول لعقدين من الزمان .. قبل ان تسقط اقنعتكم . علي خشبة المسرح..وتنكشف تمثيلية الباطل التي خدرتم بها المتفرجين..فضحكوا لكم يوما . وصدقتم .. فيما هم الآن يضحكون عليكم أياما…و لن يطول بقاءكم حيال تعالي ضحكات سخريتهم.. وهم ينفضون من حولكم ..بعد ان بارت بضاعتكم..فتحولتم الي تجارة بيع اجزاء الوطن.. التي هي جريمة .. لها ما بعدها من غضبة الحاضر والأتي .. فليركز شعبنا علي شعبة الراكوبة .. ويحمي مشلعيبها من ( كدايس التكتيم) الي ان يقول فيهم الغد القريب كلمته..التي ستعلو هتافا مع صوت مكانس التاريخ الذي لايرحم.. والله المستعان وهو من وراء القصد..

تعليق واحد

  1. حديثك السيد برقاوى صادق وصريح وصحيح الراكوبة فى زمن التكنولجيا أصبحت الراكوبة تضمنا جميعاً ( بدون فرز ) وبالطبع لن تجد الراكوبة القديمة والتى يتكئ فى إحدى زواياها ( زير موية ) بارد ولكن قد تجد خطوط ( الأنترنت ) وأحدهم يحمل ( لابتوب ) والصحن ( اللاقط ) فوقها وشاشة ( LCD ) كبيرة !! التحية والأكبار لكل من من وضع ( عود ) أو ( سعفة ) فى الراكوبة ليمتد ظللها وبالذات لنا نحن اللذين نبعد ( فراسخ ) و( فراسخ ) عن الوطن الذى ( كان ) تحياتى لكل من يكتب حرفاً فيها !

  2. يا عموا برقاوي

    سالت ماما عن معاني كلمات كتيره في حديثك بس ما عرفت . ونحن بنحب الراكوبة خالص

    وماما قلت لي دا كلام ناس قدام . اسالي عمك الكاتب .

  3. لك التحية استاذ محمد وانت ترفدنا بمقالاتك الرائعة في راكوبتنا الجميلة التي نستظل بها في هجير الغربة والتحية لكل شباب الراكوبة والى الامام

  4. استاذنا البرقاوى /حفظك الله ومتعك بالصحة والعافية كما تمتعنا بكتابتك الرائعة

    نعم لن يطول بقاءهم حيال تعالى ضحكات سخريتنا ونخن ننفض من حولهم بعد أن

    بارت بضاعتهم التى تحولت الة تجارة بيع اجزاء الوطن التى هى جريمة لها مابعدها

    من غضبة الحاضر والآتى ____

    مأروع هذه الكلمات المعبرة عن خلجاتنا____ يالك من رائع ______

  5. الابنة ساره قاسم
    مقال الاخ العزيز برقاوى لة دلالات واضحة للجميع
    واظنك تسالين عن المشلعيب يتكون المشلعيب من حبال تربط فى مكان عالى لايستطيع الكديس((القطة او الهرة)) من الوصول الية والحبال ثلاثة حبال تستطيعى ان تدخلى كورة او صحن او حلة صغيرة بها طعام او شراب زى الرووب وباقى الملاح او قطعة لحمة
    يعنى يا ابنتى الكلام دا كلوا عشان ما فى كهرباء ومافى تلاجات والحياة كانت بسيطة ومافى حتة يحفظوا فيها الاكل خلاف المشلعيب
    الاستاذ برقاوى من الجزيرة وانا من نهر النيل وكلنا بستعمل المشلعيب وهو فى الشرق والغرب والجنوب زمان
    اكرر شكرى وامتنانى للكاتب برقاوى ومذيد من الاحترام والتقدير للاستاذ

  6. الاخ محمد عبد اللة برقاوى التحية لك لهذا الابداء الرائع وهذة اللونية الصحفية

    الجديدة التى تعبر عن قلم الصحفى الجدير من موسيقاة ومزج ما بين القديم والحديث

    بعد عن غيب الانقاذ والانقاذيون تراث هذا الشعب السوداني البطل لمدة عشرين

    عاما من تراث هذا الشعب البطل ولهتم عن الحكم حتي لا يعيد هذا الشعب حسابات

    الربح والخسارة هذا الشعب الابي الذي غني لة وشهد لة العطبراوي و غيرهم انا

    سوداني انا حتي صارة بعضهم لا يعرف المشلعب والبرمة و البرتال و الراكوبة

    لتدمجهم في مشروع الانقاذ الحضاري الجهادي الذي قسمت السودان الي

    دويلات وما ذال التقسيم جاري بعد ان كان هذا الشعب الذي لا يسال من اين

    انت في السودان صار يسال هذا السؤال الانفصالي

  7. لك التحيه استاذى برقاوى
    فإذا الشعب يوما اراد الحياه فلا بد ان يستجيب القدر
    فدوله الظلم ساعه …… اما دوله العدل الى قيام الساعه
    فبوادر زوال هذا النظام قد بدأت تظهر
    فسبحان الله نفس الاسباب التى يدعون انهم استولوا على الحكم بسببها
    هاهم يتسببون فيها … جهل .. مرض … ظلم
    والكثير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..