الصدور السودانية العارية إستعادت “زمن المعجزات ” !

جعفر عبد المطلب
حتى نفهم تماما المعجزات التي إخترنا ان تكون عنوانا لهذا المقال تكريما لهؤلاء الشباب البواسل وإعترافا منا لهم بانهم اهل الفضل في السودان علي سواهم من كل الاجيال عبر تاريخ السودان الحديث ، فلابد ان نفهم ماهية طبيعة هذا الإنقلاب المركب، متعدد الرؤوس متعدد الهويات!
المعجزة جاءت وهي التي لم تات لعقود طويلة ، ماعدا معجزة اطفال الحجارة في فلسطين الذين هزموا جنود الكيان الصهيوني المدججين بأحدث اسلحة الفتك والدمار الشامل ! شباب السودان خرج منذ يوم هذا الانقلاب في 25 أكتوبر الي الشوارع بسلاحهم اليتيم اي ” الصدور العارية ” في مواجهة خمس دول اجنبية بينها اربع من المحور في جوارنا والخامسة دولة يقودها سفاح فعل في الشعب السوري من قتل وإبادة ما لم يفعله سفاح سوريا نفسه ! هذه الدول هي التي خططت واعدت ودبرت لهذا الإنقلاب، وتركت امر التنفيذ علي الارض لعملاءها في الداخل من العكسر بقيادة البرهان و رئيس مليشيات الجنجويد حميدتي ، ولكن رب سائل يتساءل : لماذا دخل كل من الكيزان والحركات المسلحة علي خط الإنقلاب؟ لأن إتفاق الصفقة اساسا كان قائما علي مقايضة النجاة من حبل المشنقة لكل هؤلاء المتورطين في جرائم القتل بأنواعه، مقابل إطلاق يد هذه الدول في ثروات السودان وخيراته كما كان الحال في عهد المخلوع البشير، بالإضافة هذه المرة، شريك جديد هو الكيان الصهيوني المحتل!
العملاء كلهم دون إستثناء والغون في جرائم الإبادة والتصفية العرقية وجرائم ضد الإنسانية، ابتداء من دافور ومرورا بمجزرة فض الإعتصام، و تتواصل الي مجازر مابعد الإنقلاب البشعة . هكذا كانت الصفقة مربحة للطرفين الطرف الأجنبي المخطط والمدبر والممول سيدخل السودان ليس من باب الإستثمار المعروف، ولا الدبلوماسية ولا علاقات حسن الجوار ، بل سيدخل من باب الإستباحة المطلقة والقفز فوق اسوار السيادة، واول مايبدا به هو إختطاف القرار الوطني المستقل – كما فعل البرهان مع ملف التطبيع ! إذن لماذا كانت مجازر هذا الإنقلاب بكل هذه البشاعة والوحشية؟
لأن كل طرف من هذه الاطراف المشاركة في هذا الإنقلاب، لديها حمولة من التشف والحقد “تهد الجبال الراسيات” الكيزان بكل مالديهم من مليشيات سرية وعلنية سينتقمون من كل من نزع منهم ” شطر البقرة ” وحرمهم من الرضاعة الحرام، الرمزية هنا للسطة التي مارسوا بها القتل والإغتصاب والابادة والنهب والسرقة خلال ثلاثة عقود وماشبعوا !
مليشيات الجنجويد لابد ان تبلي بلاء حسنا في السحل والقتل وممارسة كل انواع الضرب القمع والذل وكسر الكبرياء بالسياط بشكل وحشي د حتى تثبت اقدام إمبراطورية آل دقلوا التي ظلت تنتفخ وتتورم حتي اصبح لها ” كرشا ” و “عجيزة ” من شدة الشحم الحرام ! اما الحركات المسلحة التي كانت تسكن باسرها في فنادق جوبا ذات الخمسة نجوم، خلال عشرة اشهر من مفاوضات السلام التي جاءتنا بهذه المسارات التي تحمل في أحشاءها بذور هذا الإنقلاب – “مابنرجع غير البيان يطلع “- هتافات التوم هجو الشديد “الهبالة” شديد الخطل !حتي تجاوزت فاتورة الضيافة قدرة الحكومة السودانية وحكومة الجنوب علي سدادها !ودفعها من دفعها ! ثم تحول فجاة ملف السلام من حوزة المكون المدني الي المكون العسكري والي حميدتي شخصيا بقدرة” عبد الدافع ! كل ذلك كان ، مدخورا لهذا اليوم ! هل لاحظتم ضراوة القتل والعنف المستخدم من قبل قوات جبريل ومناوي ! انه عنف يحاكي عنف الجنجويد ،حتي تكون الشراكة متساوية في الحلف الجديد، تحت مظلة الإنقلاب الذي مكن لكل طرف ان يفرغ شحنته من سموم التشفي والانتقام والبغضاء إسرافا وإفراطا بالتساوي في إستهداف هؤلاء الشباب الغض تحديدا ، لانهم رصيد المستقبل وعنوان السودان الجديد، القادر علي بذل ارواحه بمثل هذا السخاء، حتي لايقع وطنهم لقمة سائغة في افواه هؤلاء العملاء . القوات المسلحة وقوات الشرطة والاجهزة الامنية ،كان لابد لها من الإستبسال في القتل والتنكيل،حتي لاتكون اقل باسا من مليشيات الجنجويد وقوات الحركات المسلحة المشتركة في الإنقلاب، لتحافظ علي حصتها من المكاسب والإمتيازات التي كانت تنعم بها خلال حكم البشير، ثم ينجو قادتها بجلدهم من حبل المشنقة مع الناجين!
إنقلاب شديد التعقيد، شديد التركيب، متعدد الرؤوس ،والهويات، والجنسيات، في مواجهة شباب غالبهم في العشرينات من العمر، كل مالديهم من سلاح هي صدورهم العارية الغضة، واراوحهم التي يحملونها بين اكفهم ، فلايبخلون بها عندما ياتيهم نداء الشهادة.
هزموا كل هذه الدول والقوات المسلحة والاجهزة الامنية والشرطية والمليشيات بأنواعها المدججة بالسلاح وقدموا صورا من البطولات والملاحم رغم التعتيم وقطع النت وصلت الي العالم الذي إستقبلها بكل الزهو والفخر والأعجاب، حتي تنادت بعض الاصوات الحرة تطالب بجائزة نوبل للسلام لاصحاب الصدور العارية من شباب السودان !
ماذا تكون المعجزة في هذا الزمن الغيهب، إن لم تكون هي صدور الشباب السوداني العارية التي هزمت الرصاص الحي !