القروض الربوية والضرورة اللا نهائية

حيدر المكاشفى

كلما تلقت الحكومة قرضاً ربوياً أثار ذلك جدلاً وصخباً في البرلمان ينتهي بإجازة القرض وقبوله، وها هو الجدل يعتمل وينشب مجدداً داخل البرلمان بسبب قرض ربوي كويتي، انقسم بسببه النواب إلى فريقين، فريق ينادي بقبوله على علاته للضرورة، وفريق يتشدد في رفضه، وفي الأنباء أن الرئاسة كونت آلية للنظر في القروض الربوية لتحسم أي جدال حولها، والراجح أنها ستجيزه عطفاً على القروض السابقة التي تمت إجازتها، وقبل ذلك عطفاً على صيغة المرابحة في البنوك السودانية، التي قال عنها من أفتوا بجوازها إنها لا شرقية ولا غربية بل إسلامية مية المية، رغم أن نسبة المرابحة تفوق كثيراً نسبة فوائد القروض الربوية، ومن كرامات صيغة المرابحة الإسلامية وسرها الباتع أن كثيراً من البنوك غير الإسلامية في آسيا وغيرها قد ركلت (الربا) وتكالبت على المرابحة، وظني ـــــ وليس كل ظن إثماً ـــــ أن هذه الآلية المستحدثة لن تعدم (الفقه) الذي يحلل و(يؤسلم) هذه القروض ويجعلها حلالاً بلالاً بلا أدنى شبهة…
وبهذه المناسبة أذكر بعض المواقف المتناقضة والمتقاطعة لبعض (مشايخ الحركة الإسلامية) إزاء هذه القروض الربوية، منها موقف الشيخين الشيخ الأكبر الزبير أحمد الحسن باعتبار زعامته الحالية للحركة الإسلامية، والشيخ الإمام عبد الجليل النذير الكاروري، اللذين سجلا اعتراضهما القوي على القرض الربوي الذي تم به تشييد سد مروي، وغيرهما مشايخ آخرون كانوا من المعترضين، أما في ضفة المؤيدين فأذكر ذلك الموقف المتشدد من رئيس البرلمان الأسبق مولانا أحمد إبراهيم الطاهر، فحين اشتد اعتراض بعض النواب على بعض القروض الربوية المطروحة للتداول وقتها، وكان هو شخصياً من أشد المؤيدين لها، ما كان منه لإخراس الألسن المعارضة إلا أن قال باندفاع دفاعاً عن هذه القروض الربوية (لسنا في دولة مكة ولا دولة المدينة، بل في دولة في هذا العصر)، وبعيداً عن أية ظلال فقهية لعبارة مولانا هذه التي اضطره إليها المحك أو بالأحرى (المطب) الذي وجد نفسه فيه، أنها تؤكد أن للدولة السودانية خصوصيتها، فلا هي دولة مكة ولا هي الدولة السوفيتية ولا هي الجمهورية الفرنسية، هي دولة السودان بما فيها من تباينات واختلافات وتعدد ثقافي وإثني وبما تكابده من مشكلات وأزمات مختلفة ومتطاولة ومزمنة لا تعانيها غيرها وإنما تخصها وحدها، وهي بمقاييس العصر الذي تعيش فيه دولة متخلفة وموبوءة بالمشكلات والأزمات، ولو وجدت فقط من مآثر ومفاخر دولة المدينة العدل والمساواة والنزاهة والأمانة لكفاها ذلك، ومكنها من الانطلاق، ولكن الذي أهمني أكثر في جدل القروض الربوية، هو ليس هذه القروض المختلف على جواز قبولها أو رفضها، وإنما هو تلك القروض السابقة التي ما انفكت حكوماتنا الوطنية منذ فجر الاستقلال وإلى هذا الجدال الأخير تدخلها إلى خزانتها، ما حكمها وهل يعني ذلك أن الشعب السوداني قد (تربّى بالربا)، فما من مشروع تنمية قائم بالبلاد من لدن أول حكومة وطنية وحتى سد مروي إلا ودخل في بنيانه قرض ربوي، ثم ما هي حكاية مؤسسات التمويل الإسلامية التي تتعامل معنا بالربا، هل تريد أن (تقرضنا) بقروضها هذه أم أننا إسلاميون أكثر من غيرنا، أم أن الإسلام (خشم بيوت)، لا نقول بهذا ولا نفتي بذاك، فقط نقول اتقوا الله في دينه وفي هذا الشعب.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هم ناس سرقو عيني عينك من موظفين عاديين قبل الانغاز الي ملايارديرات يملكون القصور ويتهادون بالقصور يعني اية اكل رباء يعين الحرام خشم بيوت الحرام حرام سواء رباء او سرقة او فساد او قلول في وظيفة عامة …

  2. هم ناس سرقو عيني عينك من موظفين عاديين قبل الانغاز الي ملايارديرات يملكون القصور ويتهادون بالقصور يعني اية اكل رباء يعين الحرام خشم بيوت الحرام حرام سواء رباء او سرقة او فساد او قلول في وظيفة عامة …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..