
معادلات
علي يس
ثورتنا .. من باعها؟ و من اشتراها؟؟
• و لأن أعظم خصائص عصابة البشير تمثل في احتضانها طائفة من أحذق السماسرة ، البارعين في تسليع كل شيء، بما في ذلك الدين و القيم والذمم و الأخلاق، فقد تمثلت أعظم نكبات هذه الأمة في مسألة “البيع و الشراء” هذه.
• يظن الكثيرون أن نجاح تلك العصابة في تفكيك و شرذمة الحزبين الكبيرين، فضلاً عن الحركات المسلحة، عائدٌ إلى ذكاء سماسرة العصابة الفاعلين ، و ينسون أو يتناسون أن قسطاً كبيراً من أسباب النجاح في تلك المهمة عائدٌ إلى (قابليّة متوطِّنة) لدى الكثير من رموز الحزبين و قادة الحركات ، للبيع و الشراء حيثما واتت رياح المصلحة الشخصيّة أو “العائلية”.. يكفي أنهم نجحوا في شراء “ضحايا” من داخل بيتي زعيمي الحزبين .. و كل غيور في هذا البلد يذكر بقلبٍ دامٍ ذلك السجال الذي دار يوماً بين “مبارك الفاضل المهدي” و “عوض الجاز” ، حين تساءل الأول ، في “شلاقة” يُحسدُ عليها : (قروش البترول دي وديتوها وين؟؟) فجاءه الرد الصاعق من عوض الجاز : (إشترينا بيها الزيّك ديل)..
• و (الزي) مبارك الفاضل تكاثروا في عهد البشير كتكاثر الأميبا ، حتى أصبح البحث عن ساسةٍ نظاف الأيدي و الألسن في ما تلا عهد الإنقاذ ، ضرباً من الأحلام نادرة التحقُّق. لقد أفلحوا في تلويث فضائنا السياسي إلى حدٍّ يستمطر اليأس ..
• و الآن .. تنشطُ طائفةٌ من السماسرة في إجراء تسويات بين الحكومة التي نظُنُّ أنها جاءت بإرادة الثوار ، الذين سالت دماؤهم في حرم القيادة العامة لقوات (الشّعب!!!) المسلحة ، وبين فلول المؤتمر الوطني ، و العجيب أن الأخبار تتحدث عن حوارات تجري داخل السجون ، مع أُناس (مجرمين ، لصوص، قتلة ) .. فوالله خير لهذا الشعب أن يموت نصفه (كما أفتى عبدالحي للبشير) من أن يعود اللصوص شركاء في حكومة الثورة.
• و الشاهدُ على احتمال صحّة هذه الأخبار ما يجري على أرض الواقع :
– حتّى هذه اللحظة ، و الثورة تدخل عامها الثاني ، لم يحاكم قاتلٌ واحد ، و لا لصٌّ واحد ، من لصوص الإنقاذ ، بل إن جُلَّهم طلقاء يجتمعون و يتآمرون و يكتبون في الصحف محرضين ، و يسخرون من مفجري الثورة و شهدائها ..!!..
– ما تزالُ لجنة التحقيق في مجزرة القيادة تمارس صمتاً ، و تؤجَّل موعد “الإعلان” الذي لا أظنه يأتي أبداً ، فثمة ما يستبطئُ هذه اللجنة حتى يموت (البعير ، أو الأمير، أو الفقير) فلا يصبح لوجودها ضرورة!!
– كثيرٌ من القضايا ، التي قامت الثورة أساساً من أجلها ، يتم ، بأيدٍ مجهولة ، تسويفها ، انتظاراً لأمرٍ يقع قريباً .. و لا أحد يدري – حقيقةً – موقف رئيس حكومتنا ، الدكتور حمدوك، من هذا الذي يجري. فالشفافيّة التي انتظرناها طويلاً يبدو أنها مثل “جودو” يتعين علينا انتظارها بلا أمل. و العبارة الشهيرة التي اخترعها الثوار : (زمن الدسدسة و الغتغيت انتهى) أصبحت مجرد “ونسة” ، فالدسدسة و الغتغيت (و أصل العبارتين من “الدس” و “التغطية”) ما يزالان ديدناً للحكومة حتى في عهد الثورة ، لا أحد من مسؤولي الحكومة يجرؤ على تنوير الشعب الذي جاء بهم ، بحقيقة ما يجري في الدهاليز.
– حتى القضيّة الوحيدة التي تمّ إصدار حكمٍ مقبولٍ فيها ، قضية الشهيد احمد الخير ، لا يعرف أحدٌ مآلها ، هل يتم تأجيل تنفيذ الحكم فيها إلى حين “التسوية” ؟؟ أو إلى حين “قتل الثورة”؟؟..
– حتى الذين تطلبهم النيابة العامة على ذمة قضايا فساد، من رموز الإنقاذ، غالباً ما يأتي هذا “الطلب” بعد هروبهم ، مباشرة ..كأنما هنالك من يقول لهم : أهربوا، فبعد أسبوع سيطلبكم النائب العام للتحقيق!!..
– من الذي يؤجِّل محاسبة الفاسدين إلى حين هروبهم ؟ و من الذي يسمح لهم بالهروب؟؟ هذا السؤال نوجِّهه إلى السيد رئيس الوزراء شخصياً، فإن لم يستطع الإجابة عليه فإنه لن يستطيع فعل أي شيءٍ آخر ، و أولى له أن يدعو الشعب الذي جاء به ، لكي “يتصرَّف”..
• يبقى السؤال حيَّاً ، صارخاً ، متوجِّعاً : من باع ثورتنا ؟ و من اشتراها؟؟
لا يستطيع أحد أن يبيع أو يشتري،دماء الشهداء،واهم وموهوم ويبيع في الوهم من ظن ذلك.،،بعون الحق ستنتصر الثورة للحق،بعون العدل ستنتصر الثورة للعدل،وببركة السلام ،سيعم السلام.المجد للشهداء.