أهم الأخبار والمقالات

استقالة في شكل وردة للفلول: مواجهة الخصوم أم الأحباب؟!

مرتضى الغالي

القضاة الذين أعلنوا استقالتهم من لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد بالسلطة القضائية (فعلوا خيراً) وليتهم تركوا ساحة القضاء بكاملها.. إذن لأراحوا أنفسهم وأراحونا..! فمهمة تفكيك الإنقاذ تحتاج إلي أشخاص أشداء على الظالمين (رحماء بينهم) لا يخشون لومة لائم في حق البلاد وفي تفكيك تركة الإنقاذ المرذولة، ولا تأخذهم شفقة في الذين (يحادون الوطن والشعب)..! إنهم يعلمون أن قانون اللجنة يمنحها حق تفكيك التمكين (في أي مكان كان) ولا استثناء لمجلس السيادة ولا هيئة القضاء (فالتمكين هو التمكين) بل إنه أخطر ما يكون في السلطة القضائية..!

      لكن الشاهد (المريب) أن اللجنة لم تجتمع لتبدأ أعمالها.. فكيف تكون قد خالفت تطبيق معايير العدالة؟ وهل يحتاج تسييس السلطة القضائية في زمن الإنقاذ إلى بيان واستبيان؟ وماذا يقصد المستقيلون بعدم تمكينهم من مواجهة الخصوم واللجنة لم تعقد اجتماعها الأول..؟! هل يا ترى تقدموا باستقالتهم من (باب المجاملة)؟ أم للهروب من مواجهة القضاة الذين عينتهم الإنقاذ لخدمتها سياسياً وكانوا (يخرمون عيون القانون) من أجل حماية مجرميها وسارقيها؟!

    لماذا لم يقدم القضاة استقالاتهم في أيام الإنقاذ الكالحة السوداء التي كانت جرائمها مما تشيب من هوله الولدان.. أيام القتل خارج القانون الذي طال مئات الآلاف وأيام تشريد الملايين من مواطنهم؟ ولماذا لم يستقيلوا عندما أعلن الرئيس المخلوع  أن نظامه (حسب كلامو) قتل عشرة آلاف مواطن بغير ذنب؟ وأيام كانت الطائرات تقذف المدنيين في مساكنهم بالصواريخ والبراميل الحارقة، وعندما كانت بنادق النظام تصطاد المواطنين المسالمين وتحصد التلاميذ في معسكرات الموت، وعندما قامت بحرق الشباب أحياءً يهتفون وكتفت الإيفاع من أرجلهم وأياديهم وألقت بهم في النيل طعاماً للأسماك وعيونهم مفتوحة وصدورهم مكشوفة (بجراحها متزيّنة)..! ..هل لديكم شك في تمكين جماعة الإنقاذ وفسادها؟ أم تريدون إرضاء الإنقاذيين وإظهار الادعاء بأنكم أحرص على العدالة من الجميع..؟! وهل تعتقدون البراءة في قضاة الإنقاذ وسماسرتها وأذنابها المصطنعين؟ وهل يمكن أن يكون أيٌ من هؤلاء الذي جرى تمكينهم في  مناصب القضاء بالموالاة السياسية بريئاً ومظلوماً.. أم تريدون أن تتشفعّوا له بهذه الاستقالة التي ليس من ورائها إلا خلق البلبلة وفك الحصار عن مجرمي الإنقاذ..؟!  

     عندما قبلتم بالعمل في لجنة إزالة التمكين ألم تعلموا أن صلاحياتها تشمل ملاحقة الذين استولوا على مناصب الدولة بسبب الولاء السياسي الحزبي.. وأن مهمتها تفكيك التمكين قانونياً وسياسياً؟ أم أنكم تريدون تحويل عملها إلى مماحكات و(انكراشات) وتسويفات وانتم تعلمون (علم اليقين) إن إجرام الإنقاذ يقوم على إخفاء الأثر حتى تخفي وجود وكلائها ومناديبها في مرافق الدولة المختلفة.. وكان القضاء على رأس هذه المرافق لأنها تعلم أن كل أعمالها تقع خارج نطاق القانون..! فهل القصد تعويق إزالة التمكين عبر بيان الاستقالة المهزول الذي يحمل (أنفاس الإنقاذ غير الطيبة) في الاستشهاد بالمأثورات الدينية في غير مواضعها وخارج سياقاتها للتمويه على الأفعال البشرية.. تماماً كما كانت تفعل الإنقاذ طوال عهدها..لقد فات زمن خديعة الناس بإظهار التنسّك والتدين وارتداء ثياب الواعظين والتستّر تحت الشعارات في محاولة للاختباء خلف (حشائش السافنا القصيرة)..!  

    مثل هذه الاستقالات المريضة لن تفلح في إيقاف مد الثورة (الذي عمّ القرى والحضر) وهناك بعض الناس.. قضاة كانوا أم غير قضاة لم يستطيعوا احتمال تفكيك الإنقاذ.. ولا يمكن لعاقل أن يتشكّك في  فساد ومخالفات جميع الذين وردت أسماؤهم في قوائم لجنة تفكيك التمكين.. بل إن ما تمّ حتى الآن من فساد ومخالفات وسرقات ومحاباة (هو بعضٌ من كل)..! فلا يوجد سوداني (نصيح) يملك شكاً (بمقدار خردلة) في فساد منسوبي الإنقاذ وقادتها وأتباعها وأصحاب حظوتها و(محظوظيها) من أكبر رأس فيهم إلى آخر تابع (مخطوم الأنف) برسن الذل والانقياد..ولن تفلح محاولات تبرئة الإنقاذ التي أفسدت القضاء وجعلته مطيّة لإخفاء جرائمها.. وكل الناس تعلم إن الإنقاذيين كانوا يجتهدون في التغطية على الفساد ومحو أثر الأقدام والاعتماد على التوجيهات الشفاهية و(التمكين الخفي) من غير أوراق وإمضاءات ومستندات حتى يتمكنوا من بث كوادرهم في جميع مفاصل الدولة.. ولكن بعض الناس ينكر ضوء الشمس ويطالب بشهادات (مكتوبة ومختومة) لإثبات ضوء النهار وطلوع الشمس..!  فما كان أشد معاناة الناس من وطأة أحكام قضاة الإنقاذ المروّعة التي أهدرت العدالة وهدمت سيادة القانون وناصرت الظالمين وأحرقت (ميازيب العدالة) وموازين القسطاس..! ألا يعلم هؤلاء أن الإنقاذ (معشوقة الحرامية) كانت تستبيح كل القوانين والحرمات وتعمل بالرشوة والمحاباة في كل حركة وسكنه طوال ثلاثين عاماً من عُمر السودان؟!..

   هذه الاستقالة أراد بها المستقيلون التغبيش على نصاعة عمل لجنة إزالة التمكين أم لم يريدوا…تمثل جزءاً من حملة تعويق تفكيك الإنقاذ..وهذا من أحلام اليقظة.. وما الإنقاذ إلا شراكة بين لص ومتلصّص وجلاد وتابع وساكت اخرس عن الحق يلبس طيلسان العدالة ومكانه قفص الاتهام..!    الله لا كسّب الإنقاذ..!

مرتضى الغالي
[email protected]

‫6 تعليقات

  1. للاسف الشديد حتي الان لم ياتي شخص يستطيع ان يفشفنا من هؤلا المتاسلمين .. و زي ما شفتهم يوم الخطاب الاول للثوره انزو مثل القطط بل فيهم من عبر الحدود قبل الظهر .. لكن … عندما علمو ان اللجنه الامنيه هي اللي مسكت البلد بدو في الخروج من جحروهم و بدا يعلو صوتهم .. ولك ان تري بعد تعديلات القانون الجنائي الاخيره .. نسو كلام شيخهم في ان لا عقوبه جلد لغير المسلم في شرب الخمر .. و الكثير من المواضيع المثيره للجدل .. احدهم في نهار رمضان قبض عليه مع مجموعه من الفتيات .. والموضوع دخل الدرج .. حقو تطلعو القضيه ونشوف القاضي الكوز علق و كتب فيها شنو …انا اعرف صديق لي كان قاضيا و في قضيه مشهوره .. اتصل احد رؤساء قضاء القفله وقال له ان تحكم بكدا كدا كدا … و كل القضاء الكيزانين يعرفون كيف كانو يحكمون .. لعنة الله علي تلك الحقبه البغيضه اسال الله ان يدمر كل من حكم علي شخص سوداني برئ ظلما …

  2. خدعة حمدوك
    حمدوك خدع الوزراء بأن طلب منهم تقديم استقالاتهم ثم قبل الستة
    وحسنا فعلا د اكرم عندما طالبه بأسس تقييم الوزراء وعلى اي اساس تم ذلك
    نسج السيناريو الشيخ خضر ونفذها حمدوك وهو يرتجف
    التعديلات الوزارية لا تتم بهذا الجبن وهذه الخسة
    انها مؤامرة شلة المزرعة

  3. ياخي، كيف تناسوا “قانون الإجراءات والسلطات الإنتقالية لسنة 1989″، والذي إخترع الإرهاب في الدنيا !!!!!!
    حَلّ وبَلّ ومصادرة وسجن وتشريد، ولا تقدر تقول بغم، لأن القانون، نفسه، يُحرم علي كل المحاكم، النظر في أي طعون في أي من قراراته !!!!!!!!!!!!!!!!

    لعنة اللّه تغشي شيخهم المعتوه، الإرهابي، المنافق، الزنديق، في قبره ويوم نشره ويوم حشره، وتغشي كل كيزان مجرة درب التبانة !!!!!!!!!!! عَفن.

  4. *البدوي… فارسٌ ترجّلَ*
    في عالم اليوم لم تعد السياسية الإقتصادية للدولة شأنٌ تديره وزارة المالية، بل هو همٌ عامٌ تدافعه كل أجهزة الدولة، وعلى رأسها قمة السلطة التنفيذية رئيس مجلس الوزراء. دور وزارة المالية هو وضع السياسات و تنسيق الجهود فقط.
    لا شك أن دكتور البدوي عندما تقلّد منصب وزير المالية، كان قد وضع برنامجاً إقتصادياً لإنقاذ إقتصاد السودان، هذا البرنامج هو محل إجماع وإتفاق في مجمله وأكثر تفاصيله مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، و قد تم الإعلان عن هذا البرنامج بصورة مجملة عند تولي البدوي للوزارة،
    واكتفى رئيس الوزراء بتلميحات غامضة لهذا البرنامج ولم يُظهر التأييد الواضح للدكتور البدوي عند التنفيذ، برغم قناعته بنجاعة وفاعلية ذلك البرنامج.
    إن أي برنامج إقتصادي في هذه الظروف التي يمر بها السودان له تكلفة سياسية فادحة، لذا آثر عبدالله حمدوك السلامة، وترك دكتور البدوي يخوض المعارك وحيداً، تارة مع فلول النظام السابق، وأكثرها مع جهلاء قحت الواهمين. يحدثهم حديث الواقع والأرقام الذي يقبله المنطق ويفهمه العقل، فتدفعهم المزايدة السياسية لرفضه والتعلُّق بالوهم والأحلام.
    ظل دكتور البدوي يخوض المعارك في صبر وجلَد مكشوف الظهر، لا يجد النصير. ويكتفي عبدالله حمدوك بدور المتفرج ينتظر النتائج، إن نجح البرنامج تبناه وإن فشل تحمّل وزره البدوي ويرفض أن يتحمّل ولو جزءاً يسيراً من تكلفة هذا البرنامج.
    لذا لم يجد البدوي سبيلاً غير الإستقالة، وسيكون هذا مصير أي وزير مالية قادم، إن ظل حمدوك على هذا المسلك، مراوغة في المواقف، وجبن في المواجهة، غموض في الرؤية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..