مقالات سياسية

جهاز المغتربين… بئر معطلة وقصر مشيد

عمر محمد يوسف

المتأمل لرؤية الحكومة الانتقالية منذ تكوينها بدءاً من تصريحات رئيس الوزراء مرورا بالوزراء ذوي الصلة بالشأن الاقتصادي وليس انتهاءاً بالحاضنة السياسية نفسها لحل المعضلة الاقتصادية الموروثة من جماعة المشروع الضلالي ووقف التدهور الاقتصادي المريع والانهيار الناتج عنه في جميع المجالات الااقتصادية والسياسية والاجتماعية والامنية نجدها تدور حول البحث عن موارد حقيقية للدولة تدعم بها موقفها المالي للايفاء بالتزاماتها وجل الحديث الوارد عن تلكم الموارد المستهدفة يتمحور حول المساعدات والقروض والاستثمارات الخارجية وتنمية الصادرات وفي ذيل القائمة يأتي اهم مورد في اعتقادي لتوفير العملات الاجنبية الا وهو مدخرات وتحويلات المغتربين ، ولذا جاءت معالجتها لامر هذا المورد الهام الذي تكاد تعتمد عليه اغلب دول العالم وبالاخص ذات الموارد الشحيحة جاءت معالجة بطيئة وخجولة بتغيير اداري محدود لجهاز السودانيين العاملين بالخارج وهذا ليس تقليلا من شأن من تولى امر هذا الجهاز ومقدرته على احداث تغيير في نظرة الجميع اليه باعتباره جهازا مترهلا ونظرته احادية للمغتربين من خلال فرض الجبايات عليهم دون وجود خدمات ملموسة تقابل تلك الجبايات المستقطعة من مداخليهم.

انما على قدر اهل العزم تأتي العزائم ويبدو ان الحكومة الانتقالية ارادت فقط ابقاء الامر على ماهو عليه على الاقل في الوقت الحالي والاكتفاء به جهازا يختص فقط بالجبايات مع ادخال بعض التحسينات التي لاتسمن ولاتغني عن جوع بالنسبة للمغترب ودون اعتماد سياسات واستراتيجية واضحة تجاه المغترب.

على الحكومة ان ارادات تعظيم مواردها من النقد الاجنبي المتوفر من تحويلات المغتربين والذي يقدر بحوالي
الثلاث مليار ونصف المليار دولار سنويا على اقل تقدير ان تغير من نظرتها للمغترب وذلك باصدار قرارات قوية تدعم هذا الاتجاه واهمها في اعتقادي البدء بحل هذا الجهاز وتصفيته واختصاره في ادارة فعالة ضمن ادارات وزارة الخارجية وتدعيمها بكفاءات من الوزارات ذات الصلة بشئون المغتربين كوزارة العمل وجهاز الاستثمار ووزارة الداخلية والجمارك الخ … وان تنظر نظرة استراتيجية للمغترب بالعمل على اغراءه بالتسهيلات في شتى المجالات مقابل تحويل مدخراته (بالقنوات الرسمية) واعتماد نظام المكافآت التصاعدي اسوة بعدة دول اعتمدت هذه السياسات في سبيل الحفاظ على مورد ثابت لميزان مدفوعاتها بمعنى انه كلما زادت قيمة التحاويل من المغترب عبر (القنوات الرسمية) زادت بالتالي التسهيلات المقدمة له ولهذا الامر ايجابيات متعددة اهمها انه يتوافق مع سياسات الفترة الانتقالية فى ترشيد الانفاق وتقليل الترهل في الجهاز الحكومي للدولة بجانب ان التحويل عبر (القنوات الرسمية) يدّعم موقف البنوك السودانية بنمو ودائعها من العملات الاجنبية من خلال المقاصة الدولية وبالتالي توفير موارد نقد اجنبي للدولة لتمويل عمليات الاستيراد وهذا ماسيحدث قريبا جدا بعد رفع العقوبات المفروضة على السودان واندماجه في النظام المصرفي الدولي وفقا لمؤشرات المحادثات الجارية بين الحكومتين السودانية والاميركية ولذا يجب على الحكومة الاستعداد جيدا بترتيب الاوضاع  واعطاء الاولوية القصوى لهذا الامر والا سوف تجد نفسها قد دخلت في منافسة قوية مع مافيا السوق الموازي بالسودان ودول الخليج لجذب تلك المدخرات حتى وان رفعت العقوبات.
كمايتوجب على المختصين بوزارة الخارجية وضع سياسات استراتيجية لهذه الادارة كواحدة من اهم الادارات التي يعول عليها في دعم موارد الدولة وذلك من خلال تغيير النظرة للمغترب كمورد استراتيجي هام لتوفير العملات الاجنبية للدولة ويتوجب بالضرورة دراسة تجارب وسياسات الدول الرائدة في هذا المجال وعلى وجه الخصوص دول شرق اسيا (باكستان والهند والفلبين واندونيسيا وبنغلاديش) والتي تعتمد بنسبة كبيرة جدا في استقرار اقتصادياتها على المغتربين من خلال تصدير العمالة الى دول الخليج والعالم.

كما ان الميزة الاهم لتولي وزارة الحارجية لهذا الملف الهام مقدرتها على حصر المغتربين بجميع دول العالم وتصنيفهم وذلك من خلال التعاملات القنصلية للمغتربين مع سفارتها بالخارج وبالتالي متابعة شئونهم من خلال الملحقيات العمالية والادارات المختلفة بالسفارات.

عمر محمد يوسف
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. نؤيدك بشدة الأخ عمر واقترح على لجنة ازالة التمكين ان تعرض كلما صادرته من افراد النظام البايد على المغتربين في مزادات علنية وشفافة بالعملة الحرة وتكوين لجان من الدول التى بها عدد معقول من المغتربين وتنسق مع مكتب شؤؤن المغتربين فى وزارة الخارجية والغذاء ما يسمى بجهاز المغتربين والغاء تاشيرة الخروج وعرض كل المشاريع الانتاجية على المغتربين لتكوين شركات مساهمة وجمعيات تعاونية تسهم فى رخاء السودان وتقديم خدمات جليلة للمجتمع

  2. في ظل عد م رفع العقوبات وإزالة اسم السودان من الارهاب .. وفي ظل التحويلات عن طريق السوق الموازي … نقول ليك كلامك دا تحصيل حاصل وضيعت زمنا في قرايتو

    الدولة تبدء خطوات جادة في عملية الإنتاج بالموارد المتوفرة لها حاليا .. وتقنع من مواسير أمريكا والمجتمع الغربي

    تحارب تجار العملة في الداخل المعروفين وتبدء بكبارها ..وفي الخارج وتوقف استيراد أي بضائع خارجية دون إبراز مصدر النقد الإجنبي ..
    بعدين المغترب براهو بجي يحول قروشو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..