أخبار السودان

وقائع ما جرى في مفاوضات اديس 7 مارس

راشد عبد الرحيم

عندما توافد المفاوضون إلى أديس ابابا في الموعد المضروب أمسية الخميس السابع من مارس الحالي لم يكن وفد السودان يتوافر على أمل كبير في أن تحدث الجولة إختراقا للمفاوضات التي تم التوصل فيها

إلى التوقيع و من ثم عدم الإلتزام لفترة إمتدت إلى سبعة أشهر من أغسطس إلى مارس الحالي.
بيد أن الجلسة البروتوكولية للمفاوضات و التي تخصص عادة لوضع ترتيبات التفاوض و تحديد الأجندة و مواقيت الاجتماعات تحولت إلى جلسة قبل نهائية حيث أبلغ وفد جنوب السودان الوساطة و الوفد الحكومي أنهم يرغبون في التوقيع بشكل نهائي على التنفيذ و قد حضروا بتوجيه واضح من رئيس دولة جنوب السودان الرئيس سلفا كير ميارديت و هذا يكشف السبب الذي اشاد فيه القطاع السياسي للمؤتمر الوطني في جلسته يوم الأحد العاشر من مارس بالرئيس سلفا كير.
تحولت الجلسة من الحوار حول الترتيبات إلى جلسة لوضع أجندة الاتفاق و تحويها إلى السكرتارية لصياغة الورقة النهائية للتوقيع و التي حظيت بموافقة شبه كاملة اعترضها أمران تم تجاوزهما و هما
الأول / طلب وفد الجنوب بأن تمدد الفترة المحددة للإنسحاب من منطقة 14 ميل لتزيد عن الأسبوع و قبل وفد السودان أن تمدد فترة الانسحاب إلى أسبوعين.
الثاني : أن وفد الجنوب طرح مساحة لأرض سماحة و منطقة 14 ميل بأقل من المتفق عليها و إعترض وفد السودان و قبل اعتراضه ليتم التوقيع في اليوم التالي مباشرة على مصفوفة حددت مواقيت الانسحابات و الإجراءات المتعلقة بها .
بنود الاتفاق
اشتمل اتفاق الثامن من مارس الحالي على النقاط التفصيلية التي تمكن من الوصول إلى الأوضاع المتفق عليها بين البلدين و تمثل الاتفاق في :
أولا / خطة العمل التنفيذية للقضايا الأمنية
ثانيا / وجود القوات على الحدود بين البلدين حول المنطقة الأمنية المنزوعة السلاح
ثالثا / تفعيل آليات المراقبة
رابعا / فتح المعابر للمواطنين و هي عشر مناطق
و قد حدد الإتفاق المناطق المنزوعة السلاح و التي ينبغي على قوات الطرفين أن تنسحب منها وفق الآتي:
أولا / الحدود المشار إليها هي نقطة الصفر المحددة من قبل الوسطاء و هي حدود 1/1 / 1956
ثانيا / المناطق هي سماحة و تشمل 14 ميل أجزاء من بحيرة الأبيض و منطقة بحر العرب جنوب الميرم و منطقة الببنس في النيل الأزرق.
وقرر الإتفاق أن تبدأ ترتيبات الإنسحاب من العاشر من مارس حيث تصدر الأوامر للقوات بالإنسحاب و الذي يبدأ في الرابع عشر من مارس و ينتهي في السابع عشر منه و في هذا اليوم تجتمع اللجنة السياسية الأمنية المشتركة مع الوسطاء لتقدم لها تقارير تنفيذ الإنسحاب و صدور الأوامر للقوات بالتحرك خارج هذه المناطق بمسافة عشرة كيلو مترات جنوبا لجيش الحركة الشعبية و عشرة كيلو مترا شمالا للجيش السوداني.
و بموجب هذا الإتفاق فإن القوات المسلحة السودانية ستخرج من منطقة الكهرباء شمال هجليج إلى مسافة 10 كيلومترات شمالا .
الانسحاب و المراقبة
تحدد العشرين من هذا الشهر لإكتمال الانسحابات و إعادة انتشار القوات و انتشار قوات اليونسفا التي ستتولى أمر الرقابة و هي قوات أثيوبية سيكون قوامها 860 جنديا و يقود قوات اليونسفا الجنرال (( لواء يوهانس)) الإثيوبي.
و ستنعقد لقاءات بين اليونسفا و المرقبين من السودان و جنوب السودان بعد شهر من الانسحاب في مدينتي كادوقلي و قوق مشار لوضع ترتيبات انتشارها حيث ستتوزع على أربع فرق لتشرف على المناطق المحددة لها و سيكون الانتشار في المرحلة الأولى من منطقة 14 ميل إلى حدود السودان مع أفريقيا الوسطى و بعد شهر من هذه المرحلة يحدد الانتشار في المناطق الثلاث الأخرى لتكون قواعد المراقبة متمركزة في أربع مناطق على طول الحدود بين البلدين.
المراقبة
تقضي الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بأن تكون المنطقة المنزوعة السلاح عشرين كيلومترا ، عشرة في كل دولة من الدولتين و تراقب منطقة ابعد من العشرة كيلومترا يبلغ مداها أربعين كيلومترا.
و هنالك لجنة تسمى اللجنة الخاصة و مهمتها تلقي الشكاوى من الطرفين و إحالتها إلى الجهة المعنية فإذا كانت في حدود العشرة كيلومترات فإنها ترفعها إلى لجنة مراقبة الحدود المشتركة.
و ما زاد عليها في المسافة تحول للجنة الخاصة بالمراقبة للنظر فيها و معالجتها.
أما الشكاوى في المناطق التي تقع خارج الأربعين كيلومترا فسيتم الإتفاق على آليات جديدة في المفاوضات للنظر فيها و حلها .
و ستعقد لجنة المراقبة أول اجتماع لها بعد اسبوع من اجتماع اليونسفا لتضع ترتيبات عملها في المنطقة الممتدة إلى أربعين كيلومترا من المنطقة المنزوعة السلاح.
الشكاوى
وضعت مصفوفة في الاتفاقية حددت فيها الشكاوى التي يتقدم بها كل طرف و ستنظر فيها اللجان المعنية و تصدر حولها القرارات.
و في هذه المرحلة تعرض القضايا المتعلقة بدعم كل دولة لمعارضي و حملة السلاح من الدولة الأخرى و هذا يعني أن شكاوى السودان المتعلقة بفك الإرتباط و دعم الجنوب لقوات قطاع الشمال ستطرح في هذه المرحلة إذا ظلت قائمة و ستوضع لها الآليات المناسبة.
النتائج
إن مصداقية الالتزام باتفاق السابع عشر من مارس الحالي ستتضح في الرابع عشر من هذا الشهر بانسحاب قوات جنوب السودان من المناطق المشار إليها و انسحاب القوات السودانية من محطة الكهرباء و سيتأكد هذا العمل في اجتماع اللجنة السياسية و الأمنية في السابع عشر من هذا الشهر في أديس ابابا.
بيد أنه من المنتظر أن تكون اللجان الأخرى قد وضعت قواعد و اتفاقيات بقية الاتفاقيات الثمانية التي وقعت في أديس أبابا في السابع عشر من أغسطس الماضي و التي تتضمن الاتفاقيات التجارية و الحركة و التنقل بين البلدين و القضايا الاقتصادية بما فيها النفط و حسب المعلومات التي توافرت لي أمس فإنه قد تم التوصل لاتفاقيات تفصيلية حددت المواقيت تحديدا دقيقا بما فيها تصدير نفط الجنوب عبر السودان
و تقع هذه الإتفاقيات في حوالي الخمس و العشرين صفحة ينتظر أن يكون قد تم التوقيع عليها مساء أمس.
قطاع الشمال
إن التطبيق الإيجابي و الالتزام الواضح بهذه الاتفاقيات و المضي فيها سيفتح الباب أمام حل قضية قطاع الشمال.
إذ أنه من المنتظر أن يطرح هذا الاتفاق أرضية جديدة للتفاوض و العلاقة بين الحكومة و قطاع الشمال و يمكن أن يحول دولة الجنوب إلى فاعل ايجابي في هذه المسألة.
كما واضح أن موقف الحكومة من قضية قطاع الشمال يكمن في أنه يمثل قضية داخلية دولة الجنوب ليست معنية بها مباشرة.
و يمكن ملاحظة الآتي في هذه المسألة :
أولا / أن الحكومة السودانية بدأت منذ الأمس عمليات الانسحاب
ثانيا / أصدر السيد رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفا كير ميارديت أمس أوامره لقواته بالانسحاب من المناطق المحددة في ظرف أسبوعين.
ثالثا / مددت الحكومة السودانية المشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان و النيل ألأزرق لفترة ستة أشهر أخرى و هذا ما يوفر فرصا للمشاركة من قطاع الشمال في الحوارات القادمة حولها في الولايتين.
رابعا / ثمة موافقة واضحة من الحكومة على عملية الدمج و التسريح لقوات الحركة الشعبية في الشمال.
خامسا / صدرت العديد من إعلانات الترحيب بالاتفاقية و من جهات مهمة و على رأسها الأمين العام للأمم المتحدة .
ثم ماذا بعد ؟
يدخل السودان و جنوب السودان إلى مرحلة مهمة في العلاقات بينهما بهذا الاتفاق الذي يمكن اعتباره الخطوة الإيجابية الكبرى الأولى بين البلدين التي يمكن أن تكون استهلالا طيبا لعلاقة تتجاوز مرحلة لم ير فيها البلدان ما كانا يأملانه بإنفاذ اتفاقيات نيفاشا و نيل الجنوب لانفصاله عن السودان على وجه سلس لم يكن متوقعا معه أن تتوتر الصلة لتصل إلى أعتاب مجلس الأمن الدولي و تصبح قضايا البلدين محطة يجلسان عليها طويلا بين وسطاء و مفاوضات ماراثونية تكاد تحيل العلاقة بينها إلى حرب ضروس.

اس ام سي

تعليق واحد

  1. الله يبارك
    [img]http://s09.flagcounter.com/mini/ZbQh/bg_ffffff/txt_fffffc/border_ffffff/flags_0/.jpg[/img] [img]http://s05.flagcounter.com/mini/MECnk/bg_ffffff/txt_fffffc/border_ffffff/flags_0/.jpg[/img]

  2. اتفاقية الفوائد المتبادلة لرئسين قد تكون جمدت الحرب المتوقعة بين الشريكين عليه من يوقف الحرب الدائرة بالداخل بين الكيزان وباقى السودان اليس اهل البيت اولى بالسلام واحوج اليه من غيرهم مالكم كيف تحكمون .

  3. سؤال منطقي هل تم تحديد وترسيم الحدود التي سيتم الانسحاب منها ..؟؟!! لتحديد نقاط اعادة الانتشار ..؟؟

  4. واضح جدا خوف حكومه الوسخ من عصاية مجلس الامن وتلهفهم للمال الحرام .الجبهه الثوريه سوف تنقل القتال الى الداخل بعد ان سيطرت بالكامل على كل مناطق الحدود واى متحرك للمخنثين سوف يتم استلامه تسليم وتسلم ،اصلهم متعودين على الجرى وسيبكم من اوهام التفكيك …إفكوو فيكم ا ربى جى جوة ……الموسعه دى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..