مقالات سياسية

ديوان الزكاة .. يا (لجنة إزالة التمكين) !!!

علي يس

معادلات

• إحدى أعظم بؤر الفساد ، إبّان عهد لصوص المؤتمر الوطني ، تمثّلت في (ديوان الزكاة) ، و لقد تناولنا أيّامذاك – صحافيّاً – بعض وقائع الفساد المؤثّقة ، التي كان من شأنها أن تزلزل ثقة المموِّلين من دافعي الزكاة ، في الإدارة التي يذهبون إليها بزكوات أموالهم عن طيب خاطر ، و هُم يحسبون أن زكاة أموالهم تذهب إلى مستحقيها ، فأصبح الكثيرون منهم يتدبرون أمر إخراج زكواتهم إلى مستحقيها بأنفسهم ، و يتهربون من دفعها إلى ديوان الزكاة فاقد الذِّمّة حينها ، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، أو يدفعونها كارهين ، كمن يدفع “الجزية” ..

• بعض ما وثّقناه صحافياً ، خلال العشريتين الأولى و الثانية من هذا القرن ، من فساد ديوان الزكاة ، واقعة كشفنا فيها أن الديوان كان يدفع “رسوم مدارس خاصة” لبعض منسوبي المؤتمر الوطني ، ممن ليسوا من مستحقي الزكاة ، بل يعتبرون من الأثرياء مقارنة بعامة أهل البلد ، و قد أوردنا رقم أحد شيكات توريد الرسوم ، من الديوان إلى مدرسة خاصة ، و كان رد الديوان الرسمي حينها الصمت المطبق ، أما الرّد غير الرسمي – قال لي أحد موظفي الديوان – أن الدفع تم بموجب أمر من “النائب الأول” آنذاك ، علي عثمان.. و قد علمت من ذات الرجل أن المليارات كانت تخرج من الديوان بموجب خطابات من بعض النافذين الكبار ، يحملها بعض أقربائهم أو الموالين ..

• و يذكُرُ الناس واقعة (الشيك الدولاري) الذي اعترف الأمين العام الأسبق لديوان الزكاة ، أنّه سلّمهُ للمدعو محمد حاتم سليمان ، بقيمة خمسين ألف دولار، بدعوى أن الأخير يزمع إطلاق قناة فضائية “دعويّة” ، و قد برّر الرجل ، في حوار صحافي ، ذلك الإجراء بأن “المستشار الفقهي ” للديوان أفتى لهم بأن إنشاء فضائية دعوية يعتبر عملاً (في سبيل الله) و بالتالي يستحق الصرف عليه من ديوان الزكاة . أما حين سئل عن موقفه حيال عدم قيام الفضائية المزعومة ، فقد أكد للمحاور أنه يتحمل المسؤولية أمام الله ( قال بالحرف: إذا لم تقم القناة ، فإن الله سوف يسألني عن الخمسين ألف دولار) .. يعني ، بالعربي كده : مافيش حد يسأله .. الله فقط هو من يستطيع أن يسأله ..

• في ذات الوقت ، كانت هنالك ، في قلب الخرطوم ، أُسر تسد جوعها بوجبة واحدة في اليوم ، عبارة عن خبز جاف بمرق الفول (البوش).. و كان آلاف المرضى لا يجدون ثمن الدواء أو العمليات الجراحية الطارئة و المنقذة للحياة ، فيموتون دون أن يذرف عليهم الديوان دمعة مواساة .. بينما يُفتي مستشار ديوان الزكاة بدفع خمسين ألف دولار كمساهمة متواضعة لإنشاء فضائية دعوية !!..

• بالطبع ، لم يتم إنشاء الفضائية المزعومة ، و لم يرُدّ المدعو محمد حاتم سليمان إلى ديوان الزكاة مبلغ الخمسين ألف دولار (و الديوان هو جهة واحدة من مئات الجهات و المؤسسات الحكومية التي ذهب محمد حاتم يطلب دعمها لإنشاء فضائيته الخرافيّة ، ربما بخطاب من البشير أو نائبه ، و قد كان ديوان الزكاة آخر هذه الجهات ، بعد أن اجتمع له المبلغ المقدر لإطلاق الفضائية ، و كانت دولارات ديوان الزكاة لإكمال المبلغ فقط)..

• لقيني ، أيّامذاك أحد صغار الممولين – رجل متواضع الحال يملك دكّاناً يكفي أسرته بالكاد ، و اصطحبني إلى جارٍ له ، مريض مرضاً مزمناً ، كان “عامل يومية” فاضطره المرض إلى ترك عمله ، يعول أسرة من سبعة أفراد ، تبيت معظم لياليها على الطوى.. قال لي الرجل : جاءني مندوب الديوان لأخذ زكاة دكاني متواضعة القيمة ، بضعة مئات من الجنيهات ، فقلت له : أليس من الممكن أن أعطي مبلغ زكاتي هذا لجاري المريض الفقير ؟.. قال له مندوب الديوان إن هذا غير ممكن ، و لكن إدفع لنا ما عليك ، ثم وجّه جارك هذا ليأتينا في الديوان ، و نحن سوف ندفع له زكاتك هذه، على أن يأتينا بموافقة مكتوبة منك..

• قال لي الرجل : فعلت ما اقترحه عليّ الموظف ، ذهبت إلى جاري و وجهته أن يذهب إلى ديوان الزكاة بورقة أعلنت فيها موافقتي أن يرد إليه الديوان مبلغ زكاة دكاني .. فذهب المسكين ، و عاد إليّ بعد أسبوع ، منهكاً ، عليلاً ، و قال إنه ظلّ يتردد على الديوان لأسبوع كامل ، فيحيله موظف إلى آخر ، و مكتب إلى آخر ، إلى أن وجّهوه أخيراً ، أن يعود إلى الحي الذي يسكن فيه ، و يذهب إلى “اللجنة الشعبية” ، و هي التي ستتولى رفع حالته إلى الديوان!!!

• هذا هو ذات الديوان الذي ظلّ يدفع رسوم المدارس الخاصّة لمنسوبي المؤتمر الوطني ، و يدفع خمسين ألف دولار ، كمساهمة متواضعة لإنشاء فضائية دعوية لم تر النور ..

• السادة لجنة إزالة التمكين .. راجعوا ملفّات هذا (الديوان).. و ستندهشون..

علي يس
[email protected]

تعليق واحد

  1. فقط … شوف المنزل الحكومي لمدير عام الزكاة .. عباره عن ضيعه و السيارات الوافقه تعتقد انو البيت ده وكيل التويوتا … شي لاندكروزرات دبل كاب كامريهات … والله ما تعرف تبدا من وين ولا من وين في … جسم موبؤ…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..