تكسير التلج وتفجيخ اللغة

تابعت قبل أيام برنامجاً على إحدى إذاعات الإف أم، كان موضوعه الرئيسي عن (تكسير التلج) بمعناه الشعبي المعروف ، ما دار في ذلك البرنامج ذكرني بصديقنا المفتون بحشر الكلمات والتعابير الإنجليزية وخلطها بدارجيتنا السودانية أو الفصحى كيفما اتفق (يا صابت يا خابت)، لم يتخلَ عن عادته هذه منذ بداية المرحلة المتوسطة حين افتتن بالقصيدة الهجين التي جمعت بعض المفردات الإنجليزية إلى العربية التي ألقاها علينا معلم اللغة الإنجليزية لمساعدتنا على حفظ بعض الكلمات الجديدة مثل (goat) المعزة، و(snake) الثعبان، و(mouth) فم، و(house) منزل، فأنشد قائلاً (خرجت قوت لمرعاها، لاقاها إسنيك وعضاها، فجعلت تبكي بماوثها إلى أن وصلت هاوسها)، فقد ظل هذا هو حال صاحبنا حتى آخر عهدنا به قبل شهور حين صرخ في وجه من يعتبره (نسناس ودهناس)، (وين يا آيس بريكا)، أي (وين يا كسار التلج)، فضحكنا وضحك معنا كسار التلج نفسه، وبقليل من التأمل وجدت أن صاحبنا قد أصاب هذه المرة في تخريجاته وتخريماته الإنجليزية، حيث إن المعنى الحقيقي لـ (break the ice) هو تمهيد الطريق لشيء ما، وبلغة تكسير التلج إنما هو (الترقيد)، وذلك فعل كساري التلج وما أكثرهم على أيامنا هذه بمن فيهم ذلك النوع الخطير الذين اجتذبهم نداء أخطر منه انجذبوا إليه انجذاب الفراش نحو النار حين نادى فيهم هلموا إلينا أصحاب الحاجات وذوي الطموحات، فإننا نقضي الحاجة ونلبي الطموح بأثمان رخيصة لا تكلفكم سوى استرخاص أنفسكم، وأن تكونوا أنبح كلابنا على كل من يحوم حول حمى ضيعتنا وقد كانوا?
تكسير التلج والترجمة الحرفية وحشر الكلمات الإنجليزية ولوي أعناق معانيها، أعادتني إلى تلك الأيام التي تجاوزناها وكبرنا عليها عندما كنا نصحو وننوم على المفردات الإنجليزية الجديدة التي نتحصلها من الدرس في المدارس، أو نلتقطها من هنا وهناك أو نتسقطها من الأفلام الأجنبية بترجماتها الرديئة، ولا بأس بهذه المناسبة أن أنشط ذاكرة بعضكم ممن عاشوا تلك الأيام وخاضوا هذه التجربة التعليمية ولو من باب الترويح والتسلية، فعلى طريقة (الآيس بريكا) كنا نقول مثلاً:
( (is this talk this) وتعني دا كلام دا.
( I have an hour student life وتعني أنا لي ساعة طالب عيش.
( I have cairo envelops وتعني عندي ظروف قاهرة.
( do your mathematics وتعني اعمل حسابك.
( The danger of the car وتعنى خطر العربية.
( cut the road وتعني أعبر الشارع.
( Danger on my mind وتعني خطر على بالي.
( He does not die to me an onion وتعني لا يمت لي بصلة.
( like the elephant وتعني كفيل.
( He is my mother وتعني أمي لا يعرف القراءة والكتابة.
هذا غيض من فيض

الصحافة

تعليق واحد

  1. يستخدم الجميع هذا التشبيه ” تكسير التلج” ولايعرفون مصدره او مناسبته ,هذ التشبيه شاع في ستينات القرن الماضي في اوساط برجوازية المدن السودانية عندما كانت جلسات الأنس الليلية شائعة في اوساطها , وكانت مثل هذه الجلسات التي يحضرها وزراء ووكلاء وزارات يعدها ويشرف عليها صاحب الدعوة وغالبا مايكون إنتهازيا يريد ان يبرز مواهبه في النفاق امام مرؤسيه , فبعد ان يجهز الأكواب لشرب الويسكي يقوم في رشاقة فراشه بتكسير الثلج ووضعه في الكاسات للضيوف بعد ان يصب عليه الصودا, ومنذ ذلك الزمن شاع تعبير ” مكسر التلج”وهو الإنتهازي الذي يقف مع كل من بيده السلطة ويشيد بمواقف المسئولين حتي ولوكانت خطأ , وابرز هذه النماذج في عهد الإنحطاط هم محمدالمعتصم حاكم واسماعيل الحاج موسي. وعبد الباسط سبدرات,ومحمد محمد خير,وابراهيم دقش وبخيته امين ,ومن الجيل الجديد ربيع عبد العاطي وتابيتا بطرس وصف طويل من التلجيين الجدد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..