مقالات سياسية

هل خذل (ضياء) جماهيره؟

عبد الله الشيخ

خط الاستواء

تفاءل مواطن الخرطوم خيراً باختيار الرفيق محمد ضياء الدين مديراً لشركة مواصلات مديرية ولاية الخرطوم، وكان الرفيق ضياء قد بدأ عهده داخل الشركة بتنظيفها من عناصر الأمن وفلول النظام السابق، حتى استحق وصف المسؤول الثوري الكاسح للألغام الإنقاذية.

وجاءت حبسة شهور الكورونا، مُهلة من العلي القدير، حتى يتمكن الرجل خلال تلك الفترة – من مائة يوم – من صيانة ما لدى شركة مواصلات الخرطوم من حديد خردة، أو بيعه، أو استيراد أسطول جديد، أو إعداد مشروعات للنقل الجماعي بمواعين أكبر، مثل السكة حديد، أو بناء شبكات للمترو، وما ذلك على الله بعزيز.. لكن الرفيق ضياء، بعد طول انتظار، يقول لجماهيره إنه غير معني بالكثير مما ذُكِر، كونه مديراً لشركة مواصلات عامة كان أفراد النظام السابق يعبثون بمقدراتها، ويقول الرفيق إنه تمكن خلال فترة الحظر من صيانة نحو مائة بص لكل مدينة من مدن الخرطوم الثلاث!

ويتحلل الرفيق من كل علاقة تربطه بتعرفة المواصلات، مؤكداً أنه ليس الجهة التي تحدد فئاتها ولا خطوط سيرها.. لكن كلام الرفيق هنا يتعارض مع أنغامه الحلوة التي عزفها في بداية عهده بالشركة،إذ تحدث في تلك البدايات عن إمكانية استيعاب أصحاب الحافلات والعربات الخاصة في الشوارع لنقل المواطنين، بما يرضي الله، وأنه يرحب بأصحاب الهايس وكل من استخدم دابته كترحال، بأن لهم الحق في أن يسترزقوا فوق ظهر المواطن، لكن بالمعقول، وقال إنهم في الشركة يخططون لتوفير وسائل نقل عام، تجعل أصحاب العربات الخاصة لا يبالغون في فرض جبايتهم على المواطن، أو هذا على الأقل، ما كان منتظراً من الرفيق، فما الذي حدث؟

الذي حدث هو أن الخرطوم الآن – كما قلنا من قبل – يحكمها الكماسرة والسماسرة!

يمكن للرفيق ضياء أن يتخيّل، أن العامل الذي ارتفع دخله ثلاثة أضعاف بموجب تعديل المرتبات، يدفع نصف مدخوله للمواصلات، لأن المقعد في الهايس – بالنهار – بمبلغ وقدره خمسون جنيهاً من السوق العربي الى أقرب نقطة من مشوار مجتزأ لأربع مراحل.. أما في المساء فإن ذات المقعد يرتفع سعره إلى مائة جنيه وأكثر إن تأخرت بعد أذان العشاء.. ربما يعلم الرفيق ضياء أن حكومة الثورة أخلت طرفها تماماً من هذه المسؤولية، وأطلقت يد الكماسرة والسماسرة كي يذبحوا المواطن.. كان منتظراً من الرفيق ضياء، أن يكون صوتاً للمواطن داخل أروقة إدارة النقل العام، لا أن يتحول الى موظف وهو الثائر المعروف صاحب المخاطبات اللاهبة بموقف جاكسون في عز سطوة الإنقاذ.. المسألة بالنسبة للرفيق ضياء، أنه كان وما زال يمثل حلماً وأملاً للناس.. لا أحد يجبر الرفيق ضياء على القيام بعمل ليس من اختصاصه، فكل فرد في الدولة له مهام وله مسؤوليات، لكن العناصر الثورية التي تتقدم الجماهير في لحظات المد الثوري، يُستبعد تماماً أن تكتفي بعد النصر بالابتسامات المجانية، فتلك تمثيليات ما أنزل الله بها من سلطان، يمكن أن يأتي بها من لم ينخرطوا في سلك اليسار العريض.. من هذا المنطلق، لن تقبل الجماهير من الرفيق بأقل من من واجبه الثوري، في إيجاد حل لأزمة المواصلات الطاحنة،، فالجماهير لن تصبر على هذا الحال أكثر مما صبرت.

المواكب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..