مقالات ثقافية

قصة قصيرة .. ساعه المقيل

عبد الحليم يوسف

ساعه المقيل قصه قصيره

ود الحسين رجل ضخم قوى البنية ، فارع الطول ، فى صوته بحة ، فى عينه اليسرى ضمورحاد ، ايسر اليد فقط ، لانه يستخدم رجله اليمنى بشكل طبيعى ، له خبرة ودرايه فى تطبيع الحيوانات الكاسرة ، مثل العجل اليافع الذي يرفض وضع المحراث على رقبته ، او الجحش الذي يرفض الركوب على ظهره ، هذا بالاضافة لمعرفته بكيفية التعامل مع الثيران الهائجة ، التى تتحرر من حبالها وانفلتت ، او التى ترفض الانبطاح للذبح ، تساعده فى ذلك شجاعته وقوته الجسمانيه ، لم ينل ود الحسين حظه من الزواج ، قضى ايام صباه فى الاسفار، واشتغل فى مهن كثيرة ، منها قيادة الشاحنات السفريه الكبيرة ، مشرف عمال فى شركات البناء والتشييد ، كمسنجى شحن ، وبقال ، بعدها قرر ان يستقر فى قريتهم الوادعة على ضفاف النيل ، والتى يشتغل غالبية سكانها بالزراعة ، ويملك ود الحسين كعاده اهل البلد مساحة ارض كبيرة ، بها شجرة مانجو على بعد امتار قليله من ضفه النيل ، حولها اشجار نخيل متفرقه منها طويله ومعمره وبعض منها قصير ونضر واخرى فى طور النمو وهناك بعض المساحات تستقل لزراعة علف البرسيم المشهور بزهوره البنفسجيه الجذابه ، وقيمته الغذائيه العاليه فى تربيه المواشى ، ووتوجد مساحات صغيره لزراعه الخضر بانواعها ، هذا النظام موجود على طول ضفه النيل ، وعلى امتداد البلده باكملها ، وبعرض حوالى مائه متر ، بعد ذلك توجد المساحات المخصصه لزراعه المحاصيل من بصل ، وقمح ، وفول مصرى وغيره .

وللمزارعين الذين يعملون فى هذه الحقول مجالس يتجمعون فيها ساعه مقيلهم من حر الظهيره اللافح ، للاستجمام واخذ قسط من الراحه ، بعد عناء الفلاحه المتعب ، ومن ثم يعاودون اعمالهم بعد اعتدال الجو قبيل العصر ، وهذه المجالس والتجمعات دائما ما تكون تحت ظلال الاشجار الكبيره وارفه الظلال ، مثل شجرة العرديب او المانجنو او شجرة الليمون ،

ومن ابرز تلك المجالس ، اشتهر مجلس ود الحسين تحت ظل شجرة المانجنو الكبيرة والتى تقع فى ارضه ، وعلى بعد امتار قليله من النيل ، والتى تمتاز بظل وارف ممتد ، يتخذها ود الحسين ورفاقه استراحة انس ومقيل ، الى جانب ود الحسين يوجد الشفيع ( ريس ) المركب واحد اعضاء المجلس ، متخذا من تلك الشجرة مكتبا ، يتواجد فيه طوال الوقت ، لادارة عمله كريس للمركب ، وهورجل مربوع القامة ، جهور الصوت ، ليس لديه شعر فى وجهه ، و يعمل فى هذه المهنه بمساعدة ابنه البكر عاصم ، ذلك الشاب النحيف فى العشرينات من عمره ، طويل القامة ، كث الشارب ، له صوت شجى ، دائما يشدو بالدوبيت واغانى الحماس ، يصطحبه رواد الرحلات النيلية ليعطر جو حفلاتهم بصوتة الجميل ، وغنائه الطروب ، هذه المهنة تكسب الشفيع دخلا محترما ، وهو من اصدقاء ود الحسين المقربين ، ومن رواد تلك الشجرة ، ومن الاعضاء البارزين ، محمود ابن اخ ود الحسين ، وشريكه فى العمل ، وهو شاب فى العقد الثالث من عمره ، قليل الكلام ، يتحدث بصوت منخفض ، شفته ارنبيه ، ولد ببرص فى يديه ، خجول جدا ، يجيد مهنة صيانة الوابورات ، الى جانب عمله فى الزراعة ، اما اشهر الرواد هو النذير ود حاكم ، رجل قصير القامة ، وضعيف البنية ، اعرج ، كثيف اللحية ، كثير الكلام ، ومتسرع ، يمكنك ان تعلم بوجوده قبل ان تراه ، لانه يتحدث بصوت عالى ، ويحب الانتقادات والمجادلة ، ويدعى المعرفه فى كل شئ ، ولكنه رجل طيب ، يتعامل معه الناس بحسن نيه ، ومعروف بخبرته فى معالجة الحيوانات وتوليدها ، خاصة الابقار التى تعانى من عسر الولادة و المكسوره اوالمريضه التى تحتاج ان تسقى خلطه اعشاب معينه لالم فى بطنها ، هذه الشخصيات تتجمع ساعة المقيل ، وعند اشتداد حر الظهيره تحت ظل شجرة المانجو يتبادلون الاخبار ، ويناقشون امور اعمالهم ، ويسردون الحكاوى والطرائف والقفشات .

بعد ان اشتد وهج الظهيرة ، وحان وقت المقيل ، اتجه ود الحسين الى شجرته الظليلة ، وقبل ان يصلها ، لاحظ مركب الشفيع فى منتصف النيل ، قادمة من الضفة الاخرى ، وصوت الدفوف والغناء ياتى من جنباتها معتقا بصدى المياه ، تحمل رجالا ونساء وشبان وشابات واطفال ، يلبسون ثيابا جميله ، تشكلت فيها كل الوان الطيف الخلابه ، والمركب تتمايل طربا تمخر عباب النيل ، فى طريقها بهم الى الضفه الغربيه من بين هذا الركب انبرى شابا نحو حافه المركب ، يحمل اناءا ، وقد مد يده ليملؤه من مياه النيل العذبه ، فقد طلبت منه احدى الشابات الفاتنات ، ان ياتيها بالماء ، بعد ان تعالت صيحات رضيعها من شده العطش ، وهناك و بالقرب من دفه المركب ، جلست امراه مسنه عند الحافه ، وقد غمست رجليها فى مياه النيل البارده بكل جراه ، وسط استنكار زميلاتها لهذا التصرف الخطر، وهى تضحك غير مباليه ، مبررة فعلتها هذه بانها تشعر بسخانه القدمين المزمنه ، عسى ولعل مياه النيل البارده والمباركه تعالجها وتشفيها ، وعند مقدمه المركب ، هناك اطفال اشقياء ، يحاولون مد ايديهم الى مياه النهر ، وهى تصدر صوتا جميلا بالتناغم مع سرعه المركب ، تاركة اثر سيرها من خلفها على الماء كالمثلث الضخم حاد الزاويه ، واباءهم يحاولون اثناءهم عن هذه الافعال الخطره ، وسط ضحكاتهم البريئه ، والركب يسير بخيلاء نحو الضفه ، والجميع يغنون ، وصوت الدفوف والغناء يرتفع كلما اقتربوا من المرسى ،

فى مشهد بديع وقف ود الحسين يتامل وينظر الى هذا المشهد الفريد ، والمركب يقترب فى هدوء نحو المرسى ، عندها تاهب ابن الريس الشفيع ومساعده عصام واوقف المجاديف ، ثم اسرع الى مقدمه المركب ، يحمل سقاله العبور من المركب نحو اليابسه ، ويمدها بحذر واحترافيه ، تحسبا لارتداد المركب اذا رسا بطريقه عنيفه ، وفى يده حبل المربط الذى يستخدمه فى ربط المركب على عمود ثابت عند حافه النيل ، وهذا يعتمد على مهارات وخبرات ريس المركب ، والتى تتجلى فى مثل هذه المواقف ، وبعد ان رست المركب بسلام ، توقف الغناء ، وأصبح الكل يهم بالخروج ، فالامهات ممسكات باطفالهن خوفا عليهم من الوقوع فى المياه ، وبدأ الناس فى الخروج من المركب على ظهر السقاله ، اما الشباب المتحمسون قفذوا فى خيلاء ، حتى اثاروا ربكه فى سكون وتوازن المركب ، فانتهرهم الشفيع (بكل ادب وتهذيب لان احترام الزبائن فوق كل شئ ) خوفا على ذويهم من تارجح السقاله ، وسقوط العابرين من فوقها فى المياه ، وبدا الركب فى الصعود عبر الدرجات الى أعلى ، لان مجرى النيل منخفضا حوالى خمسة أمتار عن سطح الارض ، فكان أول الصاعدين ، فتيات الغناء وعزف الطبول ، برفقتهم الشبان ، يقفزون ويرقصون العرضه المشهوره عند اهل تلك الارياف ، والاطفال من حولهم فرحون ينتظرون امهاتهم وبقية النساء ، والرجال وكبار السن يصعدون واحدا تلو الاخر بتمهل وبصعوبه .

تقدم ود الحسين نحو الشباب يلوح بكلتا يديه وييقفز فى الهواء عاليا طربا مع الايقاع ، فالتف حوله الشبان وشاركوه رقصة العرضه ، مما الهب حماس الشابات و المغنيات ، وارتفعت الزغاريد وتحمس الجميع بالتصيق والغناء حتى صعد اخر افراد الموكب ، وتحركوا الى وجهتهم ، لكن بعض الاطفال الاشقياء ، لاحظوا هناك حيث ثمار المانجو التى بدأت فى النضوج ، فانطلقوا يتسابقون نحو شجرة ودالحسين ، فانتبه ذويهم ، وركضوا خلفهم ينادونهم ، ويطلبوا منهم ان لا يقتربوا من الشجرة ، ويحاولون اثناءهم ، ولكن كان الاطفال اسرع منهم ، فبعضهم قد وصل الشجرة ، ونال منها ، اما ود الحسين وقف ينظر مبتسما ، وأشار الى أهالى الاطفال بان يتركوهم ، ليقطفوا ما طاب لهم من ثمار المانجو ، فهو صاحب الشجرة ، ففرح الاطفال بذلك فرحا شديدا ، وأخذوا ما طاب لهم من ثمار المانجو ، فاخذ ذويهم يشكرون ود الحسين على كرمه ، ثم لحقوا بموكبهم ، وصارت اصوات الدفوف والغناء تتلاشى شيا فشيئا كلما ابتعدوا ، فى طريقهم الى عرس قريبهم فى القرية المجاورة لقرية ود الحسين ، تاركين خلفهم صاحبنا فى سعاده ونشوه ، فقد مضت أعوام على مرور مواكب الافراح بمرسى الشفيع ، الامر الذى أيقظ ذكريات الطرب الحلوة ، التى عاشها ود الحسين فى شبابه ، فاخذ تنهيدة عميقة وهو مبتسما و ينظر للشفيع القادم نحوه ، وهو يصعد بصعوبه الى أعلى وملتفتا وراءه ، يامر ابنه عصام المسرور ، بان يقوم ببعض الصيانة فى المركب ، والشفيع ليس من الاشخاص الذين يؤيدون الغناء والطرب ، ويعتبره انحراف وعربدة فى الفاضى ، فقال ود الحسين : والله يا الشفيع جبت لينا السعد ، ورجعت لينا أيام زمان ، فقال الشفيع : مداعبا ود الحسين : يا راجل اختشى ، هذا الشيب الذى عم راسك كله لم ينسيك أمور الطيش والعربدة ؟! ، فضحك الاثنان واتجها معا الى الشجرة ، بعد ان اختفى صوت موكب الغناء ، وحل محله صوت ازميل عصام ومطرقته ، القادم من جنبات المركب ، وهو يعالج بعض الشقوق على جسم المركب فرحا ويشدو بالدوبيت .

استلقى الشفيع على ظهره تحت ظل شجره المانجو الوارف يتاوه من التعب ، وقال : انت عارف يا ود الحسين ، اول ما ظهر هذا الموكب تذكرتك والله ، وقلت فى نفسى : اذا كان ود الحسين موجود ، سوف يفرح بشده ، وبعد ان تحركت بالمركب ، كنت انظر فى اتجاه المرسى لارى ان كنت موجود ، لكن هؤلاء الناس شغلونى بشده ، عندهم اطفال شياطين واشقياء ، يقفزون هنا وهناك مثل القطط ، فخفت واحد منهم يقع فى البحر، ويسبب لينا المشاكل ، قاطعه ود الحسىن : اى والله صدقت ، كلهم أول ما طلعوا ونظروا الى شجرة المانجو ، تسابقوا نحوها بسرعه ، وراحوا يقطفونها بهمجيه مفرطه ، لكن انا تركتهم لانهم اطفال وضيوف ، ما عايزين نغلط عليهم ونفسد فرحتهم ، وفجاة انقطع الحديث على صوت نهيق حمار محمود ، ذلك الحمار الابيض الجامح ، الذى تعود على النهيق بصوته المدوى ، عندما يقترب من مكان مربطه ، وكانه يبدو مسرورا لما سوف يقدمه له صاحبه محمود من علف عند مربطه ، كان محمود قادما من مهمة صيانة احد الوابورات المتعطلة ، وقد ذهب منذ الصباح الباكر ، ومحمود مثل عمه ، يحب الطرب وغنا السيرة والعرضه ، ولكنه لا يشارك فى الرقص مثل عمه بل يكتفى بالمشاهده والطرب من بيعد ، فانتظروا قدومه ليخبروه بما فاته ، وصل محمود متعبا ، وقبل ان يجلس ، اخذ ود الحسين يقص عليه حكاية السيرة وموكب الطرب الذى غادرهم قبل قليل ، فتحسر محمود كثيرا على ما فاته ، لان هذه المشاهد لا تتكرر كثيرا ، و لاحظ محمود ان الساحة هادئة ، من صياح النذير ود حاكم ، ومجادلاته التى تزعجه كثيرا ، فاخذ يسال عنه ود الحسين فرد عليه : والله انا من الصباح ما سمعت ليه اى حركه ، ان شاء الله ما يكون عيان ؟ فى هذه الاثناء سمع الشفيع صوت النذير من بعيد ، وقد كان مشهورا بانه مرهف السمع ، فانتبه وأشار لود الحسين أن ينصت ، وقال :انا سامع صوت النذير ، وبعد لحظة انصات لم تدم طويلا ، تاكد لهم انه هو، فضحك الشفيع وقال : والله صحيح النميمة تاتى بصاحبها ، فتضجر محمود ، وصار يطنطن ويردد : لا حولة ولا قوة الا بالله ، نحنا ما صدقنا ان هذا المزعج غير موجود ، وقلنا ناخذ لينا نومة خفيفة ، واصبح الصوت يرتفع كلما اقترب منهم حتى وصلهم ، برفقة حاج كباشى الذى جاء لود الحسين ، يطلب منه المعاونه فى تطبيع عجل يافع ، وتدريبه على المحراث ، اخذ ود الحسين يسال حاج كباشى عن طبع عجله ؟ ودرجة نفوره من المحراث ؟ حتي يتمكن من وضع الخطة اللازمة لتطبيعه لان لكل حاله وضعها الخاص ، فكلما سال سؤال ، تدخل النذير بينهم ، وجادلهم فى أمره ، ويحاول أن يقنع ود الحسين بما سيفعله لذلك العجل ، مدعيا معرفته بهذه الامور ، وسط دهشة واستنكار محمود الصامت الذى يراقب غاضبا ، حتى تدخل الشفيع ، فقال : يا ود حاكم ماتخلى الخبز لخبازو ، ياخى انت زول بتاع ولادة وكى وجبيره فقط ، ما عندك قوة ولا معرفة بهذه الامور.

فرد عليه النذير قائلا : يازول مين قال ليك ما بعرف ؟ والله الذى اعرفه انا عن هذه الاشياء ود الحسين ذات نفسه لا يعرفه ! الا هو فايتنى بقوته فقط ، ودخل فى نوبه ضحك وهو يتحسس اذرع وعضلات ود الحسين البارزه وهو يقول تبارك الله اللهم صلى على النبى .
فقال الشفيع : خلاص ياخوى بعد ان اعترفت اسكت شويه ، وخليه يشوف شغلو عليك النبى ، فى هذه الاثناء وجد ود الحسين فرصته مع حاج كباشى ، ووضعا الخطه اللازمة لتعليم العجل وتطبيعه على المحراث ، ثم انصرف كباشى بعد ان اخذ موعدا مع ود الحسين فى صباح اليوم التالى ، تاركين النذير فى جداله مع الشفيع ، الذى اوقفه ابنه عصام بندائه لوالده ، يخبره بان هناك مجموعه من الرجال ، يريدون العبور وهم فى عجلة من امرهم ، فنهض الشفيع يشكر الله ويحمده على خلاصه من النذير، وعلى الرزق الذى أتاه ، فاسرع يتدحرج بصعوبه نحو مركبه عبر الدرج ، وعبارات الترحاب تسبقه لزبائنه مثل (اهلا بالعمد اهلا بالباشوات والمشايخ ) وقد كان مشهورا بذلك ، يختلق لكل فئه عبارات الترحيب المناسه لهم ، وبعد ان أخذوا أماكنهم داخل المركب ، أبحر بهم الى الضفة الاخرى ، وقد طلبوا منه ان ينتظرهم ، لانهم سوف يعودون على عجل بعد انتهاء مهمتهم .
بعد ان غادر الشفيع ، قال ود الحسين للنذير : أنت دخلت فينا من غير استئذان ما (أديتنا) فرصة نسالك انت من الصباح غايب من الساحة واخونا كباشى قابلته وين؟
فرد عليه : والله كباشى قابلته هناك فى ساحة المرحوم الزين
فقال له ود الحسين : وانت ما الذى حملك على الذهاب الى هناك ؟
فقال النذير : والله القصة طويلة أحكيها ليك من بدايتها :

اليوم بعد صلاة الصبح ، قابلنى خالد ود المرحوم الزين ، منزعج ومتلخبط ، وقال لى : انا من البارح مانمت ، حارس البقرة ، باقية على الولادة وشكلها متعسرة ، وانا الان محتاجك ضرورى تمشى معاى نحصلها فورا ، وانطلقنا بسرعة وعند وصولنا لقينا البقرة ابتدت تولد ، لكنها تعبانة شديد ، والعجل جاى مارق معكوس ، والرحم ابتدى يطلع ، وحكاية مؤلمة شديد ، وخالد مرتبك ، وفى حاله مذريه ، يرتعد خوفا على بقرته من الهلاك ، فتالم ود الحسين من هذا الموقف ، وقال : هذه البقرة اصابتها عين الحسد والله ، كان بتولد بكل سهوله من غير مشاكل ، فقال النذير ساخرا على منظر خالد : والله شر البليه ما يضحك انا ماعرفت اولد البقره ولا اولد صاحبها ؟! فضحك ود الحسين على هذه القفشه الطريفه بصوته المبحوح حتى اهتز ت امعائه ودمعت عينه الوحيده بغزاره ، فى هذه الاثناء تدخل محمود الذى كان ينصت متاثرا يريد خلاصة الموضوع
فقال : ياود حاكم نهايتو شنو ؟ البقرة ولدت بالسلامة ام حصل ليها مكروه ؟
فرد عليه لنذي قائلا : ما تصبر يا محمود ؟ خلنى اكمل حديثى ، فتضايق محمود
وقال : حديثك ما منه فايده يازول ، فانتهره عمه ود الحسين ، وقال ما تخلى (الزول ) اتكلم يا محمود يا ود اخوى .
فامثل محمود لاوامرعمه وقال : خلاص ياعم ( هادى سكته) ، ثم واصل ود حاكم فى سرد حكايته ، بكل تفاصيلها الدقيقة وحيثياتها المشوقه ، وكيف انقذ البقرة من موت محقق ، بعد أن أخرج العجل ، وأرجع الرحم مكانه باعجوبه فقال ود الحسين : والله دى سلامة كبيره ، وبعد هذه الحكايه الطويله و المثيره استرخوا جميعا ، وغشيهم النعاس فغطوا فى نوم عميق ، وهدات الساحه تماما الا من اصوات القمرى الشجيه ، وزقزقت العصافير من على اغصان الاشجار ، وصياح المواشى المتوالى وهى تناجى بعضها من على البعد ومن داخل حظائرها ، حتى ايقظهم وصول الشفيع مع ابنه بعد أن عادوا بمجموعة الرجال ، فانصرف ودالحسين وابن اخيه والنذير لانجاز بعض المهام التى تعودوا على انجازها قبيل رجوعهم الى ديارهم عند المغيب ، تاركين الشفيع وابنه يستجمون ، حتى يحين موعد رجوع الزبائن الراتبين من المزارعين وغيرهم الذين يعملون فى الضفة الاخرى عند المغيب.

عبد الحليم يوسف
0911157261-0127863972
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..