التعليم بين فقرين

بسم الله الرحمن الرحيم
التعليم بين فقرين
رباح الصادق
[email protected]
جاءت ابنتنا الطالبة بالسنة الأولى ثانوي وهي تحمل كتاب “الدراسات الإسلامية” الذي أصدره المركز القومي للمناهج والبحث التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم والمقرر على صفها، وبحوزتها أسئلة أعيتها إجابتها. وقد هالنا ما في الكتاب من حشو وتزيد من جهة، ومن قتل للمنهجية من جهة أخرى.
يتكون الكتاب من أربعة أبواب نكتفي فقط بذكر ما أشكل على “أمان” فهمه وهي في أول العام من الباب الأول “علوم السنة”. إذ فتحت الصفحة الخامسة وقرأت: “رتبة السنة في الأدلة الشرعية تلي رتبة الكتاب يدل على ذلك أمور أحدها أن الكتاب مقطوع به لثبوته بالتواتر، والسنة مظنونة لثبوتها غالبا بالآحاد” ولم تكن الصغيرة ذات الـ13 ربيعا تعلم ما التواتر، ومقطوع، ومظنون، وآحاد؟ فشرحناها لها. ونحن نتساءل عن ذلك الفهم التعليمي الذي يجعل واضعي المنهج يزعجون فهم الصغار بكلمات لم تشرح لهم ومعلوم أن التعليم يصعد سلما ولا يقفز زانة، يبدأ بالتعريف بالمصطلحات ويبني المعرفة من الصفر وبعد وضع أساسها طوبة طوبة. (لاحقا في الكتاب في صفحة 28 يتم التطرق لعلم مصطلح الحديث وشرح المصطلحات)!
وفي الصفحة الثامنة يرد حديث عن الشفاء (رض) أن رسول الله (ص) قال لها وهي عند حفصة (رض) “ألا تعلمين هذه رُقية النملة كما علمتيها الكتابة”؟ ولم تك أمان تدرك ما الرقية فشرحتها لها، ولكن ترددت حول فهم الرقيا من النملة ولما بحثت علمت أن المقصود داء النملة وقيل إنه يصيب الإنسان فيشعر بتقرحات في جبينه وكأن نملا يمشي ويعضه فيه، فهو داء ليس شهيرا على أيامنا هذه.. وهل كان يجب سوق هذا الحديث فقط لإثبات أن الشفاء كانت تعلم الصحابيات الكتابة لتلاميذ أولى ثانوي؟ ولا يخفى أن تحبيذ الرقيا خلافي فمن أحاديث تمتدح المتوكلين الذين لا يرقون، وبالنظر للوسوسة السائدة في مجتمعنا والانصراف عن العقل وأسباب العلم وشيوع الشعوذة والخزعبلات، يكون سوقنا للحديث دون ذكر النظرة الإسلامية الشاملة للأمر مما يجعل صغارنا فريسة سائغة لأدواء سائدة.
ثم أشارت البنية لفقرة مطولة في الصفحة التاسعة تتحدث عن الصحيفة الصادقة (وجامعها عبد الله بن عمرو بن العاص) وصحيفة همام التي جمعها أبو هريرة “وسماها صاحب كشف الظنون بالصحيفة الصحيحة”.
الفقرة كانت مليئة بأخطاء الترقيم لدرجة تخلط المعنى فصححناها لها، وتساءلنا: هل يفترض لكل تلميذ وتلميذة بل وآبائهم معرفة صاحب كشف الظنون المذكور هنا وهو أحد العلماء بالدولة العثمانية ومعرفته لا تتعدى دارسي الفقه والمختصين؟ أما كانت ضرورة التعلم تقتضي البدء بالتعريف بأهم الأعلام والكتب التي بالكتاب لتكون الدراسة منهجية ولا تكون ضربا من السريانية يحفظها التلاميذ بلا تدبر ولا فهم؟
ويمضي الكتاب يشير لأصحاب الكتب بكتبهم على أنها شهيرة، ويذكر المحدثين بدون أن يعرف بهم بداية، ويذكر معان وألفاظ غريبة على راشدي اليوم ناهيك عن أطفالهم بدون شرح بل بدون داعٍ.. لو حاولت الارتقاء بفهم الناشئة بعلوم الفقه بصبها كلها منذ البداية فلن تدرك شيئا من طلبك في النهاية، والنتيجة الماثلة أمامنا هذا الجهل التمام لجل أجيال (ثورة التعليم العالي وحيرة التعليم العام)، أجيال السلم التعليمي الجديد والمواد السبعة عشر وهدم منهجية العلوم وغيرها من بنات أفكار (المشروع الحضاري). النتيجة تسمعها في أحاديث أساتذة الجامعات الذين يتساءلون ماذا قرأ هؤلاء الطلبة الذين تصدرهم المدارس كل عام؟
تتعجب كثيرا وتتعجبين لو تصفحتي كتاب الدراسات الإسلامية المذكور ثم قرأتي أن كتبته خمسة بالتمام والكمال: مدير لمركز أبحاث الإيمان، وخبير تربوي، وعميد كلية الشريعة والقانون بجامعة أم درمان الإسلامية، وأستاذ بكلية التربية بذات الجامعة، ومختص بالمركز القومي للمناهج والبحث التربوي. فكيف يمر الضعف المنهجي على كل هؤلاء؟ وكيف يغفل الخبير التربوي ومختص مركز المناهج والبحث التربوي أن كثيرا مما في الكتاب ولو أحكمت منهجيته غير صالح لتلاميذ في عمر الصف الأول الثانوي ولا متسق مع بنائهم المعرفي السابق، ولا متناغم مع لغة العصر ولا مع القضايا المطروحة فيه؟
إن فقر مناهج التعليم الحالية وضعفها المنهجي وعدم مناسبتها لحاجات العصر وحاجات بلدنا مما كتب فيه كثيرون، واعتبر الأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي -المفكر السوداني ذو النظرات الثاقبة- أن إصلاح هذه المناهج وتأكيد استنارتها هو حجر الزاوية في النهضة السودانية. انتقد كثيرون مناهج الدراسات الإسلامية واستنادها على التلقين ونفيها للإبداعية وتثبيتها لثقافة الحرب ولفظ الآخر الديني والدولي، وانتقد آخرون كتب اللغة العربية وضيمها على النساء وتنميطها إياهن، وفكرة كتاب (الإنسان والكون) للصف الرابع الابتدائي الهادمة للمنهجية فهي تبدأ بصورة ميتافيزيقية تتحدث عن الخلق وخروج آدم من الجنة التي ما شهدناها وآمنا بها غيبا، ثم تنتقل للمشاهدات في العلوم المختلفة مع دك مناهجها وخلط الجغرافيا بالتاريخ وبالعلوم.
إن المناهج الحالية هي خلطة سحرية لتحطيم العقل السوداني وجعله لقمة سائغة لترهات المشروع الحضاري بما يسهل مشروع (إعادة صياغة الإنسان السوداني) المعلن. والنتيجة فقر منهجي وترد علمي غير مسبوقين!
يوازي هذا الفقر المنهجي فقرٌ آخر بقلة الصرف على التعليم. جاء في تقرير منتدى سياسة الطفل الأفريقي حول الصرف على الأطفال في ديسمبر2010م أن صرف السودان على التعليم هو الأسوأ مطلقا في الدول الأفريقية بنسبة 0.3% فقط! ولا تقاربه أية دولة أخرى فالدولة التي تليه في السوء وهي غينيا الاستوائية تصرف 1.4% من ميزانية التنمية على التعليم. هذا قطعا دون التزامات السودان الدولية بأهداف الألفية للتنمية، والإقليمية بأن تصرف الدولة 20% من ميزانيات التنمية للتعليم كما جاء في الموجهات الصادرة عن مؤتمر دار السلام لوزراء التعليم الأفارقة في 2002م، والتزام إعلان داكار ألا يقل الصرف على التعليم عن 7% من الميزانية.
الصرف على التعليم هو مفتاح النهضة ولنا في ماليزيا المثال: سئل مهاتير محمد عن الكيفية التي قاد بها ماليزيا للتطور، فقال إنه رفع نسبة الصرف على التعليم إلى 25 % من دخل ماليزيا فقفزت على رؤوس الدول!
فهل سوف تواصل (الجمهورية الثانية) أو السودان الجديد الذي نُبشّر به الآن في فقري التعليم؟ أم ستصلح الحال؟ أم كما هو السائد من شعارات نفي التنوع (كدغمسة) والسدور في غي (المشروع الحضاري) سوف يزداد فقرا على فقريه؟
وليبق ما بيننا
يا كريمة الاكرمين .. فتحتِ ونكأتِ جروحا تتعلق بالمنهج .. ومن خلال متابعتى ومراجعتى مع الابناء أدركتُ أن المنهج يحتاج لاعادة صياغه وتغيير ولكنى لستُ جديراً بتحديد ماهية التغيير والتحويل من منهج يركز على (الحفظ ) لمنهج ( الفهم والاستيعاب ) فالمنهج معبأ بالحشو والعموميات ..
وكانت لنا حوارات عميقه مع نخبه مميزه من الادرارات التربويه والتعليميه والمنهج هو المستقبل … فمخرجات المنهج ضعيفه على المستوى العام ..
وفيه ضغط كبيرعلى الطلاب ..
كى ( نترك الخبز لخبازو ) نتمنى أن يدلى الساده التربويون والتعليميون بدولهم فهم أكفأ منا وأجدر بوضع النقط على الحروف مع ملاحظة أن العمليه التعليميه من أخطر العمليات الحياتيه التى تواجه أولياء الامور …
مع وافر الاحترام للجميع .. وكل رمضان وزار الراكوبا بألف خير ..
الجعلى الدندر
ادركت منذ زمن بعيد عندما قال لي احد طلاب الرياضيات الاضافية ان باب العزوم قد تم القائة من المقرر و للملمين بما يعنية هذا الدرس كخط فاصل في طريقة الاستيعاب سيدرك تماما ان هنالك خطة مدروسة للنيل من التعليم و من طريقة هيكلت العقلية السودانية ,و ان سؤ النيه هو القاسم المشترك لكل خطوات ابراهيم احمد عمر و من تلاة و كل من امتدت يده للتعليم
اللة يصرف كيد الكائدين
المنهج معمول عشان القعول تطلع عجول ولازم تحفظ وبس ما تفكير ابدا
الصف الاول الثانوي كتاب النحو الصرف اول درس هو الاعلال والإبدال والدرس الخامس هو الميزان الصرفي !!!!!!!!!
هل يستقيم عقلا طلب ما سمع بالميزان الصرفي كيف يعرف ابدال الحروف واعلالها.
لله المشتكي وعليه التكلان.