الأزمة السياسية وآفاق الحل…نحو الطريق الثالث (٥)

مجدى عبد القيوم(كنب)
المؤتمر الصحفى للمركزى زاد المشهد ضبابية
الواقع يقول باستحالة الحل الثنائى
اى عملية سياسية تتجاوز الشارع ستفشل
كتلة الانتقال كعامل حاسم فى نجاح اى عملية سياسية اخذة فى التشكل
المطلوب من الشيوعى التقاط اللحظة التاريخية والتقدم لقيادة الانتقال
لا مناص من الارتكاز على مرجعية دستورية متوافق عليها
على الثلاثية رعاية منصة الحوار السودانى السودانى
____
مقدمة
يبدو ان الازمة السياسية قد بلغت اعلى مراحلها وهذا يتمظهر فى حالة الانسداد السياسي الذى وسم الساحة ولكن فى التقدير ان هذا الانسداد نفسه هو بداية الطريق نحو حل الازمة الوطنية
معلوم ان السمات الاساسية لفترات الانتقال تتسم بالهشاشة الامنية والأزمة الاقتصادية ومن ناحية اخرى تتصف بتغير التحالفات التاكتيكية وفقا لتناقض المصالح بين الفاعلين السياسيين سيما فيما يعرف بالبلدان الهشة او بيئات ما بعد الحرب.
كذلك ننطلق من تفكيك مصطلحي الثورة وألتغيير ودلالات كل منهما وما يستلزم من برامج وتاكتيكات وتأسيسا على هذا الفهم النظرى نتناول قضايا الانتقال .
نضوج هذه الأزمة وبلوغها لهكذا مرحلة دفعت الفاعلين السياسيين الى اطلاق دعوة للمركز الموحد فهل بالامكان توحيد كل القوي؟ وما هو البرنامج الذى يمكن ان تتراضى عليه جل القوى ويفضى الى حل الأزمة الوطنية؟
السؤال الذى يطرح نفسه بقوة هل الحل فى التسوية التى يتبناها المركزى بصيغة جديدة للشراكة والتى هى فى نظر قطاع عريض اعادة لانتاج الأزمة ام عن طريق ما يسمى بالحل الجذرى الذى يطرحه وتتبناه قوي ثورية اخرى من خارج مظلة قحت؟
فى تقديرى ان هذه الحالة من الانسداد بحاجة الى افتراع طريق ثالث يخرج البلاد من هذا المنعطف الذى دخلت فيه وهذا الطريق يؤسس على فكرة الانتقال الديمقراطى كمنصة انطلاق، كتلة تضم كل القوى التى ادانت الانقلاب وتسعى لتحقيق مدنية الدولة وان تؤطر لذلك تنظيميا بتنسيقية مراكز متعددة وليس مركزا موحدا
_____
فى المقال الرابع قلنا انه ينبغى على مركز الحل الجذرى التقدم خطوة تجاه التسوية التأسيسية باعتبار انها تلبى الاهداف التى اتت فى رؤية مركز الحل الجذرى سواء فى مرحلتها الاولى او المستقبلية باعتبار ان هذه الخطوة تمكن من توسيع قاعدة المركز وتجعل منه كتلة الانتقال التى نرى ان الواقع الماثل بكل تعقيداته لن يتجاوزها وان التسوية التاريخية ينبغى ان تقوم على تطبيق العدالة الانتقالية.
فى التقدير ان المؤتمر الصحفى لقوى الحرية والتغيير الذى كشفت فيه ان حوارا مكثفا مع المكون العسكرى افضى الى ما سمته اطارا للنقاش نقول ان المؤتمر الصحفى زاد الاوضاع غموضا سيما بعد تصريح المكون العسكرى الذى سمى مخرجات حواره مع المركزى بانها تفاهمات وشدد على انه لن يكون هنا اتفاقا ثنائيا
هذا التضارب فى التوصيف زاد المشهد غموضا صرف النظر عن القضايا التى ناقشها
المعلوم للكافة ان اى اتفاق اطارى يوقع بين الاطراف المشاركة فيه وهذا ما لم بحدث وبالتالي وفى ظل تضارب التصريحات حول ما جرى نتعاطى معه كتفاهمات
بالتاكيد ان اى حوار يدور داخل الغرف المغلقة وبتكتم وسرية عرضة للشكوك والريب بان ثمة صفقة ما سيما حال توافر عنصر عدم الثقة بسبب السلوك السياسي كما هو الحال مع المجلس المركزى
ظللنا ننتقد المركزى وفى كثير من الاحيان بحدة يتطلبها الموقف ونعتقد ان هذا حق مشروع طالما كان المجلس يعمل فى الشان العام ويصر على ممارسة نهج الاستهبال السياسي
فى التقدير ان واقع المشهد الذى يحتشد بالفاعلين السياسيين يقول باستحالة المضى فى اى اتفاق ثنائى بالنظر الى تعدد المركز التى لا ترفض العملية السياسية التى من الممكن ان تفضى لتسوية ولكنها تتباين فى المواقف من شكل هذه التسوية تبعا لتباين الرؤى
الثابت ان اية عملية سياسية تتجاوز الشارع الثائر ومطالبه بتحقيق اهداف ثورة ديسمبر ستفشل فشلا ذريعا ولا شك ومع ان كتلة الشارع تتباين كذلك فى المواقف الا انها تتفق حول اهم اهداف الانتقال وهى اسقاط الانقلاب وخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي والدولة المدنية ومؤسساتها المعلومة وتفكيك التمكين وتصفية دولة النظام المباد وقبل ذلك المحاكمة وعدم الافلات من العقاب لكل الذين شاركوا فى الجرائم المختلفة والقضية المركزية السلام
الان يبدو واضحا ان كتلة الانتقال اخذة فى التشكل وبالتاكيد هى تمثل العامل الحاسم فى انهاء الانقلاب ونجاح الانتقال تحقيق مدنية الدولة كمرحلة فى طريق اعادة البلاد الى منصة التاسيس
فى التقدير ان هناك عدة مؤشرات تبين بجلاء ان هذه الكتلة اخذة فى التمدد والاتساع ويمكن ايجاز اهم تلك المؤشرات فى الاتى:-
*تباين الرؤى حول شكل التسوية بين مكونات المجلس المركزى
*تعدد المراكز السياسية التى ترفض التسوية التى تقوم على المحاصصة السياسية
*اتجاه العديد من تشكيلات لجان المقاومة الى لعب دور سياسي مباشر وبحث كيفية ذلك فى مؤتمر لجان المقاومة برعاية منبر اساتذة الجامعات.
*التطور النوعى فى عمل لجنة اسر الشهداء
*الموقف الجديد للحزب الشيوعى عقب زيارة كدباس وان الحل الجذرى يمر عبر الانتقال الممرحل.
*بروز دور جديد ومؤثر للاتحادى الاصل اتفقنا او اختلفنا مع مواقفه.
فى التقدير ان هذه المؤشرات تدلل على ان كتلة الانتقال اصبحت واقعا وانه ينبغى على كل الفاعلين السياسيين الدفع فى هذا الاتجاه
ونعتقد ان على المجلس المركزى مد الجسور مع كل التحالفات او المراكز خارج مظلته فيجب عدم الاستهانة بقوى لها وجود حقيقى وعدم التقليل من تأثيرها فى صناعة المشهد ولا نرى ان مسوغا للتعاطى بازدواجية مع تيارى الاتحادى الاصل فلا نظن ان سياسي ما يصدق مزاعمهم حول ان تيار محمد الحسن الميرعنى يشكل اضافة جماهيرية ولا يمكن القفز فوق الحقائق التى تقول بان السيد جعفر يمثل المؤسسة وبالتالى فان الثقل السياسي والجماهيرى والطائفى تعبر عنه المؤسسة الرسمية ويبدو ان عراب المركزى تناسى ان الموروث الشعبى لا يجد فرقا بين احمد وحاج احمد وان عليه ان يتحسس رؤسنا بحثا عن “القنابير” اذا اراد اقناعنا ان اصبع مصر فى المشهد لم يكن موجودا من قبل داخل المركزى نفسه دعك عن المشهد برمته او مشهد المطار لم يكن فى اطار معارك كسر العظم بين الكفلاء.
ينبغى ان يدرك المركزى ان مياه كثيرا مرت تحت الجسر وان واقعا جديدا بدأ يتشكل و تجاهله ليس من الفطنة وعليه اعادة فك شفرة رسائل البرهان ودلالات ملابسات موكب حليفه السيد محمد الحسن الميرغنى ومن قبل ذلك عدم الاستهانة بمواقف قوى داخله تتحفظ على كثير من مواقفه حول قضايا جوهرية.
فيما يلى موقف مركز الحل الجذرى وعلى راسه الحزب الشيوعى وحلفاءه فاننا نرى ان تغيرا فى موقف الشيوعى بدأ يتبلور وربما كانت زيارة وفده لكدباس هى الملمح الابرز وفى التقدير ان تصريح الدكتور الكنين الذى قال فيه انهم يسعون للحل الجذرى عبر الانتقال الممرحل يعبر عن بداية تدشين موقف اكثر ايجابية وواقعية فى التعاطى مع قضايا الانتقال المعقدة
ان النفوذ والتاثير الكبير للشيوعى على قطاعات واسعة من فصائل الثورة يشكل ارضية صلبة لقيام كتلة الانتقال حال غير الحزب من تاكتيكاته الحالية للتعاطى مع المشهد والتى نزعم انها الشرط الوجوبى لنجاح الفترة الانتقالية وبالتالى تحقيق اهم اهداف الثورة وهو مدنية الدولية
ان المنطق يقول بان التغيير فى المناخ السياسي الحالى واسقاط الانقلاب تزيد من فرص الشيوعى والقوى الثورية فى تحقيق اهدافها الاستراتيجية المتمثلة فى اعادة هيكلة الدولة السودانية الموروثة عن الاستعمار لصالح المشروع الوطنى.
ان الاكتفاء بالركون الى اسقاط الانقلاب عبر الحراك الجماهيرى فقط دون ان يقترن ذلك بالتواجد بفاعلية فى الاجسام والهيئات المعنية بادارة الانتقال يجعل من اطروحة الحل الجذرى مجرد ترف نظرى لا تجريد له فى الواقع وبالتالي يفتح الطريق واسعا امام القوى الاقليمية والدولية التى تريد الاستحواز على موارد البلاد الاقتصادية واسعا ويخلى الملعب لحلفاء هذه القوى الداخليين وتبعا التقنين للتكريس لشكل الدولة القديم فى اطار الاحتفاظ بامتيازاتهم.
اشرنا فى سياق الحديث حول الطريق الثالث او التسوية التاسيسية الى ان هذه الكتلة ينبغى ان تقوم على تنسيقية المراكز المتعددة كاطار تنظيمى.
يبدو جليا ان ما اسماه المكون العسكرى بتفاهمات تم التوصل اليها مع قوى المجلس المركزى هى اكثر من مجرد تفاهمات لكن الطرفان يتحفظان على التفاصيل لعدة اسباب اهمها الخشية من مغبة غضبة الشارع المتحفز للانقضاض على اى اتفاق بين العسكر والمدنيين باعتبار ان القطاع الاعرض من الثوار يرفضون ذلك من حيث المبدأ ويظاهره قطاع ممن يتبنون فكرة التسوية التاسيسية ويرفضون التسوية التى تقوم على المحاصصة والشراكة مع المكون العسكرى سيما ان التسريبات تتحدث عن صفقة بين المركزى والعسكر تقوم على التنازل عن الملاحقة الجنائية مقابل الموافقة على ان تكون الاجهزة الامنية والشرطية وبنك السودان والاجهزة العدلية والقضائية تحت اشراف السلطة التنفيذية
هذه الصفقة لن تمر حتما بل نرى انها بمثابة اشعال النار فى الهشيم وانها ستدفع الامور فى اتجاه المواجهة
ربما كان للمكون العسكرى اسباب اخرى كما بدأ من تصريحات البرهان
ما يعنينا هو ان نؤكد على اهمية دور الشيوعى فى الفترة الانتقالية سلبا وايجابا لذلك المطلوب
من الشيوعى التعاطى بواقعية مع هذه التطورات والتقاط القفاز والتصدى للمهمة ليس فحسب التاريخية بل الوطنية وقيادة كتلة الانتقال كمنصة لاعادة تأسيس الدولة
الشاهد ان الشيوعى يقف على تاريخ من المبدئية تجعله اكثر تأهيلا من غيره من قوى اليسار لقيادة كتلة الانتقال سيما فى ظل مواقف اتسمت بالضبابية لدى اغلب احزاب اليسار على الاقل حتى الان وهو قطعا موقف سيتغير حال الاعلان الرسمى عن تفاصيل اتفاق المركزى والمكون العسكرى
فى التقدير ان الفرز الذى تشهده الساحة السياسية الان يفضى بلا شك الى اعادة رسم الخارطة السياسية وهذا يفسح الطريق امام القوي الثورية لتشكيل كتلة الانتقال التاسيسى
دون الخوض فى اللغط حول المرجعية الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية فالشاهد انه لا مناص من الاتفاق على مرجعية واحدة لانه بغير ذلك لا يستقيم الامر بداهة ومن الممكن الاحتكام الى الى صيغة تاخذ من كل الوثائق المطروحة
ظلت الالية الثلاثية وكذلك الرباعية تحرص على ادارة الحوار بين المركزى والمكون العسكرى وتبدو كانها ولأسباب خفية لا تأبه كثيرا بالمراكز او التحالفات الاخرى مما يعزز الشكوك حول حيادها من جانب ويكشف ظهر المركزى من الناحية الاخرى ويضعفه كثيرا ويجرده من الالتفاف الجماهيرى وهذا منهج بحاجة الى مراجعة لانه فى المحصلة يتسبب فى افشال اى حل لمعالجة الازمة الوطنية الشاخصة سيما ان المركزى يفتقر الى الثقة الجماهيرية والتى ينبغى ان تتوفر فى القيادة السياسية
السؤال الذى ينبغى ان يشكل محددات حركة الوسطاء على ما بهم من علل.
ما هى احتمالات نجاح حل لا تشارك فيه اهم فصائل قوى الثورة وعلى رأسها لجان المقاومة ومنظمة اسر الشهداء؟
المطلوب سواء من الثلاثية او الرباعية الوقوف على مسافة واحدة من كل الفاعلين السياسيين وذلك بالذهاب نحو تاسيس المنصة الوطنية للحوار السودانى السودانى التى ينبغى ان تضم كل القوى بلا استثناء والأكتفاء بدور الميسر اذا كانت فعلا ترغب فى نجاح مهامها والا فلتبدأ البعثة الاممية فى اجراءات تمديد مدة تكليفها وربما مصحوبا بطلب تغيير مهامها من السادس الى السابع وليحزم بعليش حقائب الرحيل قبل ان يهديه الشعب عبر برنامج ما يطلبه المستمعون انشودة الراحل العطبراوى
يا غريب يلا لى بلدك
لملم عددك وسوق معاك ولدك.
وربما يكون الاهداء موصولا الى الابناء بالتبنى.
المطلوب سواء من الثلاثية او الرباعية الوقوف على مسافة واحدة من كل الفاعلين السياسيين وذلك بالذهاب نحو تاسيس المنصة الوطنية للحوار السودانى السودانى التى ينبغى ان تضم كل القوى بلا استثناء والأكتفاء بدور الميسر؟؟
على الثلاثية والرباعية والخماسية إن وجدت أن تفهم أن الذي يقرر في كل الأمور هم الثوار في لجان مقاومتهم فهم أصحاب الشرعية الثورية والبقية إما متفرجين أو انتهازيين طامعين أو فلول قامت الثورة ضدهم أو عسكر اللجنة الأمنية وهم امتداد للنظام الساقط أو قحاتة راكبين موجة الثورة ويضمرون النزول عند أول محطة تمنحهم مناصب فهم مجرد نفعيين ليس لهم الحق في تقرير أي شيء