أخبار السودان

جائحة كورونا والسيول والأمطار”… أزمات جديدة تكشف الخلل في الاقتصاد السوداني

تحديات عديدة تواجهها الحكومة الانتقالية في السودان، إلا أن العقبة الاقتصادية تمثل التحدي الأبرز من واقع تأثيرها المباشر على معاش المواطنين الذين يضيقون ذرعا من تصاعد أسعار المواد الاستهلاكية الحياتية اليومية.

رغم ما ورثته تلك الحكومة من النظام السابق من أزمات، إلا أن الواقع أضاف لها أزمات أخرى، مثلت عقبات جديدة أمامها مثل جائحة كورونا والسيول والفيضانات التي أضحت تحديات كبرى، فقد تفاقمت أسعار المتطلبات الحياتية اليومية بجانب ندرتها وصعوبة الحصول عليها كالخبز بجانب التدهور المستمر في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية… إلى متى يستمر هذا الوضع في ظل حكومة انتقالية ثورية… وهل ينجو السودان من تلك الأزمات؟

تعقيدات كثيرة

قال الخبير الاقتصادي السوداني الدكتور محمد الناير، إن السودان يعاني من تعقيدات كثيرة منها الأزمات المتوارثة من النظام السابق تمثلت في عدم استقرار سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم، لكن هذه المعدلات في الوقت الراهن زادت أكثر.
وأضاف الخبير الاقتصادي لـ”سبوتنيك”، إن من المشكلات التي زادت من تعقيد المشهد أن المرحلة الإنتقالية لم تحقق أي تقدم يذكر في الملف الاقتصادي وخطواتها تتسم بالبطء الشديد والدليل على ذلك أن الجنيه السوداني تراجع كثيرا أمام العملات الأجنبية، حتى أصبح الدولار يساوي اليوم أكثر من 140 جنيه سوداني في السوق الموازي، كما ارتفع معدل التضخم بصورة غير مسبوقة ووصل إلى 136 في المئة في شهر يونيو/حزيران الماضي، ومن المتوقع أن يصل إلى 150 في المئة في يوليو/تموز الماضي، تلك المشكلات زادت عليها مشكلة الأمطار والسيول والفيضانات وانهيار سد بوط بولاية النيل الأزرق، ما أدى إلى تشريد عدد كبير من الأسر دون ترتيبات.

خطر يحيق بالسودان ويهدد بانتشار كورونا
وتابع الناير، تلك المشكلة ليست في ولاية النيل الأزرق فقط، لكن حدثت مشكلة الأمطار في ولايات كثيرة جدا وحتى في العاصمة الخرطوم في منطقة شرق النيل، حيث فقدت العديد من الأسر منازلها بالكامل ويعيشون الآن في الشارع، وتلك مشكلة حقيقية تحتاج من الدولة الإسراع في الخطى واستنفار كل الإمكانيات سواء من المجتمع المدني أو المساعدات التي تأتي من الخارج من أجل احتواء الحياة اليومية لتلك الأسر إلى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، وهذا الأمر يلقي عبء كبير جدا على الموازنة العامة للدولة والتي تعاني من ضعف كبير في الإيرادات والتي لم تزد عن 70 مليار جنيه فقط في الربع الأول من هذا العام في حين كان المستهدف 142 مليار، أي أن نسبة الآداء في الربع الأول من عام 2020 أقل من 50 بالمئة، ونتوقع أن تقل النسبة في الربع الثاني باعتبار أن جائحة كورونا تركز أثرها بصورة كبيرة في الربع الثاني، تلك الأزمات تواجه الحكومة الانتقالية بالإضافة إلى اختفاء بعض السلع الضرورية وارتفاع أسعارها بصورة كبيرة جدا وضياع وقت كبير جدا من جانب المواطنين من أجل الحصول عليها مثل الخبز والدواء والغاز.
خطة عاجلة

ودعا الناير الحكومة الانتقالية إلى وضع خطة في المدى القصير والمتوسط والبعيد وتفعل كل ما بوسعها لإدارة الأزمة التي يمر بها السودان الآن بشأن السيول والأمطار، حيث يجب إدارة الأزمة في المدى القصير بصورة علمية وسليمة وتعمل على استقرار سعر الصرف، وإن لم يعتمد السودان على مشروع وطني بالكامل يعتمد على الموارد الطبيعية ستكون هناك مشكلة كبيرة جدا، ولا يمكن انتظار مساعدات المجتمع الدولي الذي لم يف بوعوده حتى الآن بصورة كبيرة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن السودان يحتاج أيضا إلى خطة في المدى المتوسط والبعيد تعتمد على العمل المكثف نحو استثمار موارد السودان في قضية الإنتاج والإنتاجية والبحث العلمي والتحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، وزيادة الصادرات وتقليل الواردات.

من جانبه قال بكري عبد العزيز عضو تجمع المهنيين السودانيين، إن طريقة تفكير القائمين على إدارة الاقتصاد هى المشكلة الرئيسية، حيث ظل الاقتصاد السوداني يدار بمنظور سياسي طوال ثلاثة عقود، وأن الربط بين الماضي والحاضر يقود إلى معالجات خاطئة ونتائج سلبية
وأضاف عضو تجمع المهنيين لـ”سبوتنيك”، إن الحل لمعالجة الوضع السىء للاقتصاد السوداني اليوم يتطلب تصحيح المفاهيم الخاطئة، تزامنا مع تقليل الإنفاق والترهل في القطاع الحكومي وسد الطرق أمام عمليات التهريب والفساد وبشكل خاص لمعدن الذهب.

وأكد عبد العزيز أن عقبة الحكومة ليست في الاقتصاد وحده ، لكن كل العقبات ترتبط ببعضها فلا يمكن أن ينجح الاقتصاد بمعزل عن السلام والاستقرار، حيث أن النهوض بالاقتصاد يرتكز بالأساس على الحلول الاقتصادية الداخلية، وليس انتظار المنح والقروض، ولا دعومات البنك الدولي. وتتضمن أيضا الاهتمام بالإنتاج والخدمات. والاهتمام بالمناطق الأقل نمواً، والنظر إليها بشكل تمييزي إيجابي.

ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي.

سبوتنيك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..