مقالات سياسية

مشانق بيروت… ومقصلة الخرطوم التي تاخر العمل بها!!

بكري الصائغ

 ١-
 الانفجار الضخم المروع الذي وقع في العاصمة اللبنانية بيروت يوم الثلاثاء ٤/ اغسطس الحالي، نتيجة تخزين نحو (٢٧٥٠) طناً من مادة “نترات الأمونيوم” القابلة للالتهاب في مستودع بالميناء دون إجراءت وقائية وباهمال شديد طوال مدة ستة اعوام ، خلف عدد كبيرمن القتلي ـ بحسب اخر احصاء رسمي حتي يوم السبت ٨/ اغسطس قدر عددهم نحو (١٥٤) شخص ، واكثر من (٣٧٠٠) جريح، وتشريد نحو (٣٠٠) ألف شخص، إلى جانب أضرار مادية لحقت بالميناء والعمارات والمنازل ، وقال مسؤولون إن الانفجار ربما تسبب في خسائر تصل إلى (١٥) مليار دولار وهذه فاتورة لا يستطيع لبنان تحملها بعد أن تخلف بالفعل عن سداد ديون تتجاوز نسبتها (١٥٠) بالمئة من الناتج الاقتصادي، وفي ظل جمود محادثاته مع صندوق النقد الدولي‮.‬
 ٢-
 كل ما جاء اعلاه لاجديد فيه، وهي معلومات يعرفها الجميع، بحكم ان الصحف الاجنبية نشرت الكثير عن الانفجار، وبثت المحطات الفضائية المتعددة بالصورة والصوت كل تفاصيل الحادث، ومازالت تقدم كل يوم الجديد المثير عن حال بيروت واهلها.
 ٣-
 الشعب اللبناني معروف منذ بداية استقلاله عام ١٩٤٦ بتعددية الاحزاب السياسية والدينية والعلمانية وطوائف اخري متعددة، وانها دولة تعيش منذ الاستقلال في صراعات حادة،  وصلت في احدي المرات الي اشتعال حرب أهلية استمرت منذ عام ١٩٧٥ الي عام ١٩٩٠، أسفرت عن مقتل ما يقدر بـ (١٢٠) ألف شخص، ولكن اليوم، وبعد وقوع كارثة الانفجار الاخيرة، نجد ان الشعب اللبناني باسره
 وبصورة عفوية، قد توحدت كلمته بعيدآ عن الصراعات والانتماأت الحزبية والدينية، وطالب بنصب المشانق في بيروت للمسؤلين عن ما وقع في بيروت، واظهرت وسائل الاعلام لقطات وصور تظهر قيام المحتجين بنصب “مشانق” وسط العاصمة، قالوا إنها مخصصة للسياسيين والمسؤولين الفاسدين في البلاد.
 ٤-
عندما طالعت ما كتب ونشرعن كارثة بيروت، وغضب اللبنانيين العارم من المسؤولين الذين تسببوا في الحادث، لدرجة ان غضبهم وصل الي حد  نصب المشانق في ساحة المدنية، وطالبوا بتعليق السياسيين والمسؤولين الفاسدين في البلاد، تساءلت علي الفور، اذا كان الشعب اللبناني قد نصب المشانق للمسؤلين الفاسدين الذين تسببوا في كارثة مدمرة خلفت اعداد من القتلي قدرعددهم بنحو (١٥٤) شخص، والآلاف الجرحى، وخسائر مادية فاقت ال(١٥) مليار دولار،…فلماذا اذآ، وحجم الكارثة التي خلفها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير اكبر مئات المرات من كارثة لبنان (المتواضعة)  مقارنة بما جري في السودان، تاخر الشعب السوداني في نصب مقصلة (guillotine) بالخرطوم تطيح برؤوس من هم الان في سجن كوبر، تسببوا في كوارث لا تحصي ولا تعد، وتطيح ايضآ برؤوس بعض بقايا فلول الانقاذ من هم الان خارج السجون، واغلبهم اسوأ الف مرة من هم في السجون؟!!
 ٥-
 اول مرة ردد فيها المتظاهرين في السودان هتافات “مقصلة مقصلة امام القصر” كانت في عام ١٩٦٤ عندما وقع الفريق/ ابراهيم عبود ـ بصفته رئيس البلاد ـ اتفاقية مع جمال عبدالناصر، تم بموجبها تعويض السودان مبلغ (١٥) مليون دولار مقابل اغراق جزء كبير من منطقة النوبة وترحيل  السكان النوبيين الي مكان اكثر امانا، وعندما علم الشعب بامر الاتفاق السري، خرجت الجماهير في كل مكان ونددت بالخيانة وبيع اراضي الوطن، طالبت الجماهير وقتها باقامة مقصلة امام القصر الجمهوري تطيح برؤوس قادة المجلس العسكري الذين شهدوا علي الاتفاق.
 ٦-
 خرج الشعب اللبناني اخيرآ عن بكرة ابيه في مظاهرات عارمة ضد السلطة الفاسدة التي تسببت في الكارثة، واعلنوا عن قراراهم  شنق الفاسدين، والشعب السوداني سبق لبنان باعوام طويلة في مثل هذا القرارولكن ليس بالشنق ، وانما بالمقصلة التي تاخر العمل بها طويلآ، وهي التي سبق ان قصت من قبل رؤوس كتيرة لشخصيات شهيرة مثل:
 (أ)-
 الملك لويس السادس عشر.
 (ب)-
 الملكة ماري أنطوانيت.
 (ج)-
 ماكسميليان روبسبيار – “روبسبير”.
 (د)-
 نيكولا جاك بيليتييه (قاطع طريق فرنسي، اشتهر بكونه أول من أعدِم بالمقصلة.).
 (هـ)-
 حميدة الجندوبي (هو تونسي حكم عليه بالإعدام في فرنسا بتهمة القتل العمد، هو آخر شخص في العالم يعدم باستعمال المقصلة، واخر من يحكم بالإعدام ويعدم في فرنسا.).
 ٧-
 قال الله تعالي في كتابه الكريم “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، وهنا نجد انه لم يجي في كتاب القرأن نص صريح وواضح حول كيفية تطبيق القصاص، ولم يرد ايضآ اي نص ديني او فتوي حرم استعمال المقصلة، ولا وردت اي اعتراضات من ائمة المذاهب الثمانية ( الحنفي، والمالكى، والشافعي، والحنبلي، والجعفري، والزيدي، والإباضي، والظاهري.) علي استعمال المقصلة كاداة قصاص.
  ٨-
 كان المفروض، ان يكون الرئيس المخلوع اول من يطبق فيه حكم الاعدام بالمقصلة في السودان، علي اعتبار انه المسؤول الاول عن مجازر واغتيالات طالت ارواح (٣٥٠) الف شخص، بجانب اغتصاب نحو (٥٥) الف امرأة وفتاة وقصر، وتعذيب عشرات الألاف من الابرياء، هذا الي جانب انه قد فكر في ابادة وتصفية ثلث السوداني للبقاء في الحكم ، مستندآ – بحسب اعتقاده ـ علي فتوي مالكية تبيح القتل!!، قال البشير امام جمع من أهل النظام ” “نحن مالكية، ولنا فتوى تبيح لنا قتل ثلث المواطنين المحتجين ليعيش البقية بعزَّة”!!، ونقل القيادي العسكري “حميدتي” عن البشير زعمه أن “المتشددين من المالكية يفتون بقتل 50% من المواطنين”.
 ٩-
 نجا البشير من كل انواع  القصاص شنقآ كان او بالسيف بسبب كبر سنه، فهل ينجو الاخرين من هم الان في كوبر من الاعدامات؟!!
  بكري الصائغ
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..