مقالات وآراء

متى تتوجه طاقة السودانيون على العمل؟

قبل سنوات كنت أعمل في شركة محترمة نظام الدوام فيها مريح يسمح لي بالعمل في مجلة دوام تاني ولذلك كنت مجتهد ومتمسك بها وكانت الشركة تمنح موظفيها مكافأة سنوية بناءا على تقييم مديرك المباشر وكان مديري المباشر بريطاني الجنسية وشعرت بالاهانة حين وجدت مكافأتي نصف الراتب وشكوت الى مدير شؤون الموظفين فنصحني بالحديث مع مديري وكانت لوائح الشركة اذا ثبت ظلم المدير للموظف سيتم النظر في تجديد عقده. اما الموظف فلا تثريب عليه فذهبت اليه وتحدثت معه وقلت له بهدوء سأرفع شكوى للمدير العام وكانت هذه الجملة كالسحر. اتصل بي سكرتيره في اليوم التالي وقال لي تم تعديل التقييم وستمنح راتب شهر كامل

تذكرت هذه الواقعة وفكرت طويلا فيها ان الظلم موجود في كل مكان وفي كل مجتمع فالمدير البريطاني ظالم لكنه فشل في ممارسة الظلم لأن القانون في هذه الشركة يحمي ويراقب الموظف ويعاقب كل من يقوم بظلمه. لكن قوانيين الشركات في السودان كقوانيين النظام الحاكم تمنح المدير سلطات نهائية على الموظفين تجعله يعمل فيهم ما يشاء بغير حساب وعندي نماذج لموظفين وموظفات مورس في حقهم الظلم والابتزاز جهارا نهارا

ان الذي يحقق العدل في اي مجتمع هو القانون الذي يطبق على الجميع ولكن القانون في السودان كان يطبق على الضعفاء وكثير من الناس يأخذون ما لا يستحقونه حسب علاقاتهم او تزكيتهم من جهاز الامن والحزب ويُطبق القانون على الضعفاء الذين لايستطيعون الافلات منه والموظف الذي يُضبط وهو يأخذ رشوى بمئات الجنيهات يلقى به في السجن والكبار الذين يقبضون العمولات بالمليارات ويبيعون موارد الدولة بمليارات الدولارات انهم طلقاء ولا احد يستطيع أن يقترب منهم .

في ظل هذا الظلم العام لا يمكن يكتفي المسؤولين بالخطب الحماسية والزيارات الميدانية والوقوف مع الناس في الاسوق وفي المستشفيات فلها اثر ايجابي واعلامي .لكن كيف تطالبهم الى مكارم الاخلاق وبتجويد العمل وبتحسين الانتاج بدون مراعاة الى اي عوامل اخرى وبدون تغيير المنظومة التي كانت تظلم وتاكل حقوق الناس بالباطل وهو العامل الذي كان يدفعهم الى الانحراف فلو شعر الانسان بالعدل سيخرج افضل ما عنده من اخلاق ولا يحتاج الى زياراتكم ولا بمواعظكم في المساجد ان الإحساس بالعدالة هو الذى يطلق طاقات الإنسان ويحثه على الاجتهاد والعمل ويجعله يحلم بالمستقبل وهو واثق من تحقيق هدفه.
ليس هناك ناس طيبون خلقهم الله منضبطين وآخرون اشرار ومنفلتون ومنحرفون بطبيعتهم ولا بد من عقابهم هذا المنطق يتجاهل حقيقة ان هناك اناس مظلومين وإحساس الانسان بالظلم واليأس يدفعانه إلى الانحراف ومشكلة السودان ليست فى الفقر ولا قلة الموارد انما مشكلته في غياب العدالة في كل شي .

يستعيد السودانيون إحساسهم بالانتماء وبالوطنية وستتوجه طاقتهم على العمل في حالة واحدة إذا استعادوا احساسهم بالعدالة ولايمكن للعدالة أن تتحقق فى ظل وجود الظلمة وديناصورات السياسة سارقي قوت الشعب موجودين في الشوارع والمكاتب بدون محاكمات وابواقهم في وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية يمارسون عهرهم الاعلامي في الدفاع عن اولياء نعمتهم الحرامية المستبدين
إن الخطوة الأولى للتقدم هي اعادة دولة القانون وكل ما عدا هذا مضيعة للوقت والجهد.

ياسر عبد الكريم
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. متى تتوجه طاقة السودانيبن علي العمل . بعتذر على الخطا الذي ورد في العنوان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..