أخبار السودان

رئيس الوزراء المصري بالخرطوم .. زيارة الملفات الحاسمة

القاهرة: صباح موسى
يصل اليوم السبت الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، الخرطوم على رأس وفد كبير يضم وزراء التجارة والصناعة والصحة والكهرباء والموارد المائية والري، وسوف يلتقي مدبولي خلالها الدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، ومن المتوقع أن تتناول أجندة الزيارة بالخرطوم سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنشيط عدد من المشاريع والبرتوكولات التعليمية والصحية المشتركة بين البلدين، من بينها مشروع الربط الكهربائي الذي تم تدشينه أبريل الماضي بنقل 60 ميجاوات من الجانب المصري، وتفعيل خطة وصوله إلى الحجم المتفق عليه بواقع 300 ميجاوات، بالإضافة إلى التطرق إلى ملفات التعاون المشترك وعلى رأسها ملف سد النهضة لمزيد من التنسيق بين البلدين في مفاوضات السد التي تصل إلى درجة كبيرة من التعنت الإثيوبي، ومطالبات أديس أبابا في الجولة الحالية من المفاوضات تحت رعاية الإتحاد الأفريقي والتي رفضتها القاهرة والخرطوم معا، وتقرر تأجيلها أسبوعا لمزيد من التشاور الداخلي بعد إعلان تعليقها من قبل.
توقيت الزيارة
تأتي الزيارة في توقيت مهم تشهد فيه العلاقات السودانية المصرية حالة من الركود الملحوظ بعد قرابة العام من تولي الحكومة الانتقالية شؤون البلاد عدا ملف سد النهضة الذي شهد صعودا وهبوطا من التنسيق بين البلدين، كما تأتي بعد تولي السفير السوداني الجديد بالقاهرة محمد إلياس لمهام منصبه بعد عيد الأضحى مباشرة، ويرجع هذا الكمون في العلاقات لأسباب عدة أهمها انشغال السودان بتحدياته الداخلية الصعبة في ظل التغيير الكبير بعد الثورة، علاوة على ظروف جائحة كورونا التي أثرت كثيرا على مجمل العلاقات الخارجية، مع وجود بعض الخلافات حول شكل العلاقات داخل الحاضنة السياسية للحكومة، وتنقسم فيها رؤى قوى إعلان الحرية والتغيير ما بين مؤيد لضرورة علاقات جيدة مع مصر، وبين من يرى علاقات أخرى أهم في الجوار القريب. فما هي مؤشرات زيارة رئيس الحكومة المصرية للخرطوم في هذا التوقيت وهل يمكن أن تكون بداية لانطلاقة جديدة بعد قرابة العام من تولي الحكومة الانتقالية مهام شؤون السودان؟
السفير الجديد
في الرابع من الشهر الجاري تسلم السفير السوداني الجديد بمصر محمد إلياس محمد الحاج مهام منصبه بالسفارة السودانية بالقاهرة، وباشر السفير مهام عمله منخرطا في الأمور الداخلية بالسفارة، والتقى إلياس الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (الأحد) الماضي، وقدم أوراق اعتماده مندوبا دائما للسودان لدى جامعة الدول العربية للأمين العام، ورحب أبو الغيط خلال اللقاء بالسفير السوداني الجديد بالقاهرة، متمنياً له التوفيق والسداد، مؤكداً استعداد الأمانة العامة للتعاون التام مع المندوب الدائم للسودان، من جانبه شكرإلياس الأمين العام للجامعة مبديا اهتمام السودان بالتعاون التام مع الجامعة العربية لخدمة العلاقات العربية، وتفعيل العمل العربي المشترك من خلال منظومة الجامعة العربية، ومن المتوقع أن يلتقي السفير الجديد مساعد وزير الخارجية المصري الأيام القليلة القادمة في أول لقاء رسمي مصري له بعد وصوله القاهرة، وذلك للحديث عن رؤية السودان الجديدة لشكل العلاقات مع مصر، بعد أن إنشغلت السفارة في الأشهر الماضية بمشاكل الجالية السودانية بمصر وعلى رأسها ملف العالقين الذي أخذ فصولا من المعاناة أخذت كل تركيز السفارة. حاولنا الإتصال بالسفير الجديد إلا أننا لم نتمكن من الوصول إليه ربما لأن الرجل لا يريد الحديث قبل اللقاء مع الخارجية المصرية أولا، وبالبحث في السيرة الذاتية للسفير وجدنا أنه عمل في عدد من سفارات السودان بالخارج من ضمنها باكو وبريتوريا وإسلام أباد وغيرها من المحطات المهمة، كما عمل أيضا مديرا عاما للمراسم وكذلك مديرا عاما لإدارة الشئون العربية والآسيوية برئاسة الوزارة بالخرطوم.
كورونا والعلاقات
خالد الشيخ قنصل السودان العام بالقاهرة والذي تولى مهام السفارة على مدى الشهور الماضية قائما بالأعمال لعدم وجود سفير بها أوضح من جانبه أن أزمة كورونا أثرت كثيرا على العلاقات بين البلدين. وقال الشيخ لـ(اليوم التالي): تم تأجيل كثير من الملفات المهمة في العلاقة على رأسها إجتماعات اللجنة القنصلية المشتركة، وكذلك تبادل الزيارات على مستوى وزراء التجارة والصناعة، وأيضا متابعة خطة سير الربط الكهربائي بين البلدين والذي تم بالفعل، إلا أن متابعة الخطة الموضوعة له شهدت توقفا نتيجة لظروف الكورونا، مضيفا: علاوة على اجتماعات التشاور السياسي بين البلدين والتحضير للجنة العليا المشتركة بينهما، وتابع: يمكن القول إن العلاقات كانت متواصلة فقط على مستوى ملف سد النهضة، مستدركا في الوقت نفسه قائلا: كانت هناك ملفات تسير بشكل طبيعي، وهناك حركة فاعلة على مستوى توريد اللحوم السودانية لمصر، لافتا إلى أن هناك ملفات في صميم العمل السياسي والدبلوماسي سيتم البناء عليها والتواصل فيها، وقد تكون هناك رؤية جديدة لشكل العلاقات يحملها السفير معه من الخرطوم.
زيارة مهمة
عبد المحمود عبد الحليم السفير السوداني السابق بالقاهرة أكد من جانبه أن زيارة مدبولي للخرطوم مهمة توقيتا ومضمونا. وقال عبد المحمود لـ(اليوم التالي) إن الزيارة تأتي بعد تطورات مهمة في مجال العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية ومفاوضات سد النهضة، مضيفا أنها مضمونا تأتي بوفد على مستوى عال، وتأتي وصلا لزيارة مهمة قام بها اللواء عباس كامل المدير العام للمخابرات المصرية للخرطوم مؤخرا، مشيرا لأن تحديات الفترة تستوجب مثل هذا الحضور على المستوى العالي بين البلدين، وقال: يلاحظ أن وفد رئيس الوزراء المصري ليس بروتوكوليا وإنما يضم وزراء الصحة والكهرباء والمياه، وهذا يوضح أن الملفات العملية سوف تأخذ حظها بعيدا عن زيارات المجاملة، مضيفا: الزيارة أيضا ترسل رسائل في أكثر من اتجاه، وتعكس خصوصية العلاقات رغم ما يرى من ركود فيها طيلة الفترة الماضية، إلا أن زيارتي كامل ومدبولي للخرطوم توضحات أن مصر حزمت أمرها لتواصل قضايا التعاون الثنائي التي تعود بالخير والمنفعة على البلدين، وتابع: الزيارة أيضا تعكس ضرورة تفعيل آليات التعاون الثنائي المشتركة بعد ظروف السودان الداخلية، وربما ظروف إقليمية أخرى، وأيضا جائحة كورونا والتي أوقفت التعاون المشترك، وقال إن اللافت في الزيارة هو استصحاب البعد الثنائي في البناء والتنمية من الربط الكهربائي والتنسيق في سد النهضة، وبشكل خاص التنسيق في الصحة والبيئة وكورونا، متوقعا أن يرد السودان هذه الزيارة بتحية مماثلة بإعلان انطلاق تفعيل آليات التعاون واللجان الفنية (المعابر- القنصلية)، وصولا إلى اجتماعات كبار المسؤولين واللجان القطاعية حتى انعقاد اللجنة العليا المشتركة في القاهرة هذه الدورة، وقال: أتوقع أن تبحث الزيارة أيضا القضايا الإقليمية والأوضاع في المنطقة العربية والأفريقية، وخاصة الأوضاع في ليبيا وما يدور بها من تداعيات وانعكاساتها على البلدين، مضيفا: من المتوقع أيضا أن يحيط رئيس الوزراء السوداني الوفد المصري بسير الأوضاع في السودان وجهود الدولة نحو التنمية والسلام.
الاتجاه السليم
أما خالد محمد علي نائب رئيس تحرير صحيفة الأسبوع المصرية والمتخصص في الشأن السوداني فيرى أن زيارة مدبولي للخرطوم تأتي في إطار التزامن مع مؤتمر أصدقاء السودان الذي يعقد حاليا بالرياض لتقديم الدعم للسودان. وقال خالد لـ(اليوم التالي) إن الدول الصديقة للسودان بدأت تتحرك، وبالتأكيد مصر هي السباقة في هذا الشأن، ويبدو أن مصر أقنعت عددا من الدول العربية وبعض الدول في المجتمع الدولي بالضغط لإنجاح عملية السلام في السودان، والدفع في طريق التوقيع النهائي لأنه بدون إشراك الحركات المسلحة في المرحلة الانتقالية فلن تكون هناك أي تنمية ولا استقرار بالبلاد، مشيرا إلى اقتناع الحكومة السودانية مؤخرا بمخاطر سد النهضة وإلى تطابق المواقف بين البلدين في المفاوضات الجارية حاليا حول السد، وقال: يبدو أن العلاقات ستأخذ مجراها السليم بعد موقف السودان، وتابع: تشكيلة الوفد المصاحب لرئيس الوزراء في الزيارة وخاصة في مجال الكهرباء والصحة تعكس مواصلة الجهود في موضوع الربط الكهربائي، بالإضافة إلى التعاون في المجال الصحي وخاصة على مستوى جائحة كورونا.
مقياس التطور
ويبقى أن المحك الحقيقي لقياس مدى تقدم العلاقات السودانية المصرية ليس التنسيق على مستوى سد النهضة فقط، بل بمجمل الملفات المؤجلة والمعطلة بينهما، وهذا ما يعطي زيارة رئيس الوزراء المصري للخرطوم أهمية كبيرة. فهل ستكون الزيارة بداية انطلاقة مختلفة بين البلدين بعد هذا الركود أم أن الطريق بين القاهرة والخرطوم مازال يحتاج المزيد من التحسينات وفق رؤية جديدة؟ وهل يمكن أن نتحدث في إطار هذه الزيارة عن تأسيس جديد للعلاقات على أسس مختلفة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ السودان؟.

‫2 تعليقات

  1. إذا لم ترجع حلايب وشلاتين و أبو رماد فكل الاتفاقيات حبر على ورق وتعديل اتفاقية الحريات الأربعة لأنها فى ضرر السودان و السودانيين و تم توقيعها فى عهد الظلام و الضعف الإسلامى .لا يوجد سودانى يثق فى أى اتفاقية مع مصر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..