مقالات وآراء

المحاسبة الآن .!

مجلس الأمن والدفاع، يوجه أو يعد بتقديم الجناة في أحداث بورتسودان للعدالة، بعد أسبوع دامي سالت فيه أرواح، هكذا بلا ثمن.
أحداث بورتسودان التي يراد لها الطابع القبلي تفجرت منذ أغسطس العام الماضي، ولم يقدم أحد للعدالة، انتهى الأمر بصلح باهت وكان مؤكد أن الوضع سينفجر يوماً ما، فقط لأن هذا هو الطبيعي، الطبيعي جداً مع غياب المحاسبة وارتخاء القانون تجاه الجرائم الجسام أن تتسع الدائرة يوما بعد يوم وأن يتشجع القتلة أكثر لحصد أرواح أكثر، حتى لو كانوا مجرد أدوات تدير لعبة أكبر منهم.
ما ضر البلاد، وبشكل خاص مناطق الصراعات، ما ضراها سوى مؤتمرات الصلح التي تحشد لها السلطات الإعلام وتصوّر الأمر وكأنه انتهى وقبل أن يجف الحبر الذي كُتبت به وثائق الصلح ينفجر الوضع من جديد، وهذا ليس لأن “الصلح ليس خير”، بل لأن الصلح يأتي بلا محاسبة وتحقيق عدالة بل يأتي على حساب العدالة.
مؤتمرات الصلح التي انعقدت في دارفور لا تحصى ولا تعد، والواقع الآن أن الاقتتال لم يتوقف، بل انتقل إلى أضيق النطاقات.
هذا هو الوضع الطبيعي، أن يستمر القتل واسترخاص الأرواح واستخدامها لأغراض كبيرة، في نظر المستفيدين منها أنا أهم من أرواح الناس.
من الصعب أخذ الحديث الوارد من مجلس الأمن والدفاع مأخذ الجد، فالسلطات التي لا تتعامل مع الحدث الجلل بما يستحق من صرامة وسرعة، فهي بلا شك لن تتعامل بجدية تجاه المحاسبة لطالما أن كل هذه الأرواح لا تحرك ساكنها.
لكن، على الجميع أن يضغطوا باتجاه تطبيق القانون الحاسم الذي لا يراعي أي مكون قبلي على حساب العدالة، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة إذا استمرأنا مؤتمرات الصلح التي لا تزيد النار إلا اشتعالا.
لا صلح بلا محاسبة ولا صلح والدم لم يجف بعد والنفوس مشحونة بالغبن والظلم، والنظرية التي تنطلق من “عفا الله عما سلف” والمتجذرة في السياة السودانية، آن الأوان أن تنتهي ويسود حكم القانون، القانون الذي لا يستثني أحدا.
على الحكومة الانتقالية أن تؤسس لسيادة حكم القانون بحزم وصرامة وأن تبدأ بما يحدث في الأطراف، وقطعاً هذا لن يتأتى بمؤتمرات ووثائق الصلح التي تأتي على حساب العدالة.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..