
بعد ان اطلقت الحكومة الانتقالية يد العسكر لإدارة شئون البلاد والعباد وتخلت عن طيب خاطر وبكرم حاتمي عن مهامها المضمنة في الوثيقة الدستورية العرجاء للمجلس السيادي الذي يهيمن عليه العسكر, حتي رأينا حميدتي يتحدث عن مصارعة الدولار بعد ان اصبح رئيسا للجنة الاقتصادية, والمصارعة والكوماج هي اللغة الوحيدة التي يعرفها حميدتي فاصبح يتعامل مع اقتصاد دولة بحجم قارة كما يفعل هوغان في حلبات المصارعة الامريكية, وكذلك الحال في ملفات السلام والامن والعلاقات الخارجية.
والكارثة ان هذه الملفات يتعامل معها العسكر وفق اهوائهم الذاتية, ومصالحهم الشخصية وفي مقدمتها النأي عن ملف فض اعتصام القيادة العامة السيف المسلط علي رقابهم, فكان ان هرول البرهان بقرار فردي الي كمبالا للقاء نتنياهو.
قبل الاسترسال يجب ان أقول ان العداء لإسرائيل غير مبرر, وان السودان كان ضمن قطيع ويعوي حين يعوون طوال حقبة شعارات الموت لإسرائيل, بل تصدرنا الامر لإقامة مؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم لنصرة جمال عبدالناصر بعد هزيمة 67 الذي كافأ المحجوب والازهري بمساندة انقلاب النميري بعد اقل من عامين.
ثم تسيدنا مواجهة إسرائيل طوال الحقبة الانقاذية المظلمة وكانت مسيرات نصرة غزة تنتظم مساجد الخرطوم اكثر من غزة سيدة المشكلة التي يعمل أبنائها في إسرائيل ويقبضون رواتبهم بالشيكل الإسرائيلي وكان حصادنا طائرات تزور مواقعنا وقت صلاة العشاء بدون اضاءة لأنوارها وتؤرق مضاجع القوم.
السلطة الفلسطينية تقيم علاقات حميمة مع إسرائيل ويتبادلون الزيارات, بل ان شتيفي ليفيني التي شغلت منصب وزيرة خارجية إسرائيل قالت انها كانت تنام في سرير واحد دون خوف مع شخصيات بارزة في قمة هرم السلطة.
ومصر اكتر دولة عربية حاربت إسرائيل تستورد حتي غاز طبخها من إسرائيل, فما بالنا نحن نعادي دولة حتي نبيها ولد في ارض السودان من ام نوبية؟ الي متي سنتتورك أكثر من الاتراك أنفسهم؟
ولكن يظل السؤال: هل سعي العسكر للتطبيع مع إسرائيل من اجل مصلحة الوطن؟ ام لإبعاد سيف الملاحقة عن رقابهم؟ هل تم احراز تقدم في كل الملفات الهامة لفتح ملف السلام مع إسرائيل؟ لماذا يرفضون ويماطلون في التطبيع مع عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور ويهرولون للتطبيع مع نتنياهو؟
رسالة للبرهان: وصايا محور الخليج ستوردك موارد الهلاك ولن تحميك من مجزرة القيادة.
همسة لحمدوك: كل الملفات أصبحت في يد العسكر وانت تريد العبور كموسي وتنتظر ان ينشق لك البحر, الخارجية والاقتصاد والسلام من اختصاصات حكومتك فلا تجعل حكومتك اضحوكة.
محمود سراج
[email protected]