شكرًا حمدوك … سنصبر … لنعبر

د. محمد بدوي مصطفى
كل من تابع أحداث الاتفاق الذي برُم بين د. حمدوك والبرهان أصيب من أول وهلة بالدهشة والذهول والحنق. امتلأت القلوب غيظًا وأنا أولهم يا سادتي من شدة أنني لم أكن أتوقع الأمر وبهذه السهولة وهذه السرعة والسريّة – حيث لم أتوقع أن يحدث في أيّام راح ضحيتها أربعون شهيدًا وشهيدة.
كانت أغرب اللحظات – حيث قعد الناس أمام التلفاز كالعادة ولم يكن يخطر ببالهم أن ينزل عليهم خبر مثل ذلك. جلسوا، حملقوا في الشاشة في حالة وجوم تام وهم لا يصدقون أعينهم، هل هم حقيقة في حلم أم علم …؟ وطفق بعضهم يصرخ: هل هذه أخرتها يا د. حمدوك؟ هل هذا هو آخر المطاف وآخر المهازل، أن تضع يدك بيد البرهان المتخطة بدماء الشهداء، ولا تحرك ساكنًا. من الطبيعي أن أكثرهم قد دخل في حالة اكتئاب حاد وبدأ الكثيرون منهم، يرمونه بالكلم يمنة ويسرى، رافعين أصواتهم عالية، صائحين ملئ أشداقهم: أنها هي الخيانة العظمي ولا شيء غيرها. قذفوا د. حمدوك بأنّه عميل لمخابرات الدول التي شاركت في أن ينجح هذا الاتفاق. فجاءت في نظري كل القراءات متهافتة، متسارعة، متضاربة متخبطة، تأكل من لحم الرجل ذلك دون رحمة أو دون ذكر خير فعله سابقًا وكأن حديث الليل يمحوه النهار. هل هذه شيمتنا، أن نضحك بسرعة البرق ونغضب أيضا كالذي يسبق ظله؟ هل نفتقد لمقومات الحكمة والرزانة والاتزان، عندما ننظر بكل أمانة لأنفسنا أمام المرآة؟ وعلى حد قول المثل اسمع كلام الذي يبكيك لا كلام الذي يضحكك. فقد أبكانا حمدوك بإبرامه هذا الاتفاق وعساه لخير لنا وللأمّة، فسوف نصبر معك سيدي لنرى ماذا أنت فاعل ونصبر مرّة أخرى حتى نعبر إلى بر الأمان، كما تقول وتعيد وتكرر دائما وأبدًا. والأمل لم ينقطع في شخصك وهذا رأيي الشخصي الذي اكتسبته بعد أن حكمت العقل على القلب.
دعونا نطرح السؤال الآتي: هل أتى رئيس الوزراء د. حمدوك، الذي أقاله البرهان بعد إعلان انقلابه السافر، ومن ثمّة أحضره ثانية، بإثم عظيم في حقّ النّاس وحق الشعب السودانيّ عمومًا؟ هل حقًا ارتكب جرمًا وجريمة لا تغفر، وهل سيدخل بها مزابل التاريخ كما يكابر ويغالي الكثيرون؟ أنّها كلها احكام مسبقة يا سادتي، جاءت وبدون أدنى حق، تتهكم تارة، تستهر تارة، تندد تارة أخرى، وتهدم حقيقة كل ما بنيناه في السنتين السابقتين بحق الرجل من احترام وتبجيل وتقدير وتجلّة. فهل نقول ونسأل أنفسنا بهذا السؤال المرّ: ماذا دهانا؟ فهل غيبتنا حقيقة هذا الاتفاق أن ننتظر ونحكم العقل والمنطق والذوق السليم؟ فهل سألنا أنفسنا مرّة واحدة حقيقة ما وراء كل ذلك؟ ولماذا استجاب الرجل لهذا الاتفاق؟ هل تظنون أنه بإبرامه هذا الاتفاق يقصد ضرر الأمّة، هل يعقل ذلك؟ هل يعقل أن يأتي بخطوة مثل هذه ولا يستشير علماء السياسة من حول الدنيا؟ أليس هناك مطبات للعسكر في كل ذلك؟ من يقرأ الاتفاق جيدًا يعلم أنها نهاية العسكرية تماما وبداية عصر جديد، عهد سيكفل لك سوداني وسودانية بحقوقه كاملة وبالمدينة التي نحلم بها، ستسقط أخيرًا بإذن الله. دعونا نطرح التساؤلات الآتية لنبرر موقف الرجل:
– كيف كان أداء حاضنته التي لم تقدم للسودان أدنى شيء؟
– ماذا قدم الرجل للسودان وأهله في السنتين الماضيتين؟
– كيف كان تعامله مع شعبه؟
– هل عرف هذا الشعب مرّة رئيس وزراء خلوق، ديمقراطي، ثوريّ، أوّاب، مثله؟
– مَاذا فعلت غيره، مثال لجنة التمكين وغيرها من اللجان، أين الأموال التي استعادوها؟ هل دخلت الخزينة العامة أم أنها لا تزال قيد التحري؟ أم أن كل ذلك مسرحية؟ وهنا أقول نصبر ونحتكم بالدلائل. ولا نقذف شخصًا بعدم المهنية أو عدم النزاهة والدلائل هي الفيصل.
من جهة أخرى، كيف استطاع رئيس الوزراء د. حمدوك أن يحقق العديد من النجاحات الباهرة والمستحقة والمستعصية على الصعيدين الخارجي والداخلي، منها السلام، عودة السودان إلى المنظومة المصرفية العالمية بعد أن أهلكها عهد الإنقاذ، اعفاء ديون السودان، شطب اسم السودان من قائمة الدول المساندة للإرهاب، احترام اسم وعلم السودان في المحافل الخارجية والداخلية واستجابة تلك الجهات ودعمها للبلد ولقبول حق الشعب السوداني في تقرير مصيره وفي توطيد حكم مدني ديموقراطي، عودة إلى الدبلوماسية العالمية وانفتح الطريق إلى استقبال السودان في المجتمع الدولي بكل احترام وهذا ما لم نعده أبدًا في عهد الإنقاذ حيث كان أطفال بعض الدول يستقبلون وزراءنا وحتى الرئيس كان غير مرغوب في زياراته البتة.
فإذا وقفنا نعدد كل المحامد والإنجازات التي جاء بها حمدوك وما استطاع إنجازه هذا الرجل في هذه الفترة الوجيزة وثقل هذه الإنجازات عالميًا، فسوف نعجز حقيقة في أن نشكر له صنيعه، ليكون نعم الجزاء الوفاق، فضلًا عن أنه تحمل المواجع وكل الدسائس والمكائد العسكرية التي كانت تحاك من حوله ومن وراء ظهره، نعم، تحملها من أجل السير قدمًا في الطريق الذي رسمه هو للبلد – كمايسترو للسلام – طريق الخروج إلى برّ الأمان أو كما يقول هو بأمّ كلماته: العبور أو سنعبر.
وكما ذكر د. حمدوك أنّه سوف يلغي كل القرارات التي اتخذها البرهان، منها إلغاء لجنة تفكيك حكم الثلاثين سنة الانقاذية وإزالة التمكين واسترداد أموال الشعب التي نهبها تجار الدين. وأقول لكم يا سادتي سوف تعود هذه اللجان أقوى مما كانت عليه، ستعود بكل قوتها وصلاحياتها وبقيادات حتمًا تكنوقرانطية لا حزبية جديدة، تتمتع بمهنية عالية، وستسندها قوانين وقاعدة قانونية ستكون أنجع وأسرع في الضرب بآليات الإنقاذ من ذي قبل، حتى تستطيع من استراد ما سرق من مليارات ذهب بها أولئك وكدسوها في كل بنوك الدنيا وحدث ولا حرج. وهناك من يدعي أنها سوف تعمل كعميلة في الفترة القادمة فقد أخطأ تمامًا ويذكر هؤلاء مصطلح تلويثها بفيروسات سامة وتعويقها وشلّ حركتها وكل ذلك لن يحدث متى ما كان ربان السفينة حمدوك حاضرًا.
نجد أن بعض الآراء تقرأ الراهن والأحداث المتسارعة في المشهد السياسي السوداني بصورة عقلانية. ومن تلك الأصوات نجد الطبيب د. أحمد الطيب إبراهيم إذ يقول في إحدى مقالاته: ينبغي علينا أن ننظر لنصف الكأس الممتلئ، لا لنصفه الفارغ. فالفاشلون، على حد قوله، هم من قاموا بانقلاب عسكري فاشل، ذلك بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، لأنّه دُبّر بحسابات سياسية فاشلة – على حد قوله – على مجموعة من مكونات حكومة قحتية فاشلة، وبعضهم جاءوا من حركات مسلحة فشلت فشلًا ذريعًا، كما يقول، فشلوا ثلاثين عامًا في اقتلاع مفاتح الحكم من يد كبيرهم البشير فضلًا عن أنها فشلت أيضًا أن تتعلم أبجديات اللعبة السياسية فآثرت أن تعلّم الناجحين كيف يمكن صناعة الفشل. يقول: هناك مجموعة من الانتهازيين، الذين قفزوا من سفينة الإنقاذ عندما أوشكت على الغرق، فمنهم الإخوان وبعضهم الآخر من القيادات الأهلية التي تبحث عن عموديات بأطيان جديدة لكي تستعيد أمجاد أسلافها في زمن شعاره “لو سُئلت … صاحبك أم عدوك فستجيب (أهلا بمن ينفعني). ذلك حسب إطراء الدكتور أحمد الطيب إبراهيم.
ومن أولئك الأرزقية من يسمون أنفسهم زيفًا خبراء عسكريين، فليس هم إلا مجموعة من المتسلقين الذين لحسوا الكوع بل والنعمة التي لم يعرفوها أبدًا، ومن بعد الملايين وقناطير الذهب، فصلتهم تلك نارها صليا، ولم يتبادر في أذهانهم البتة أن يتركوا أو يغادروا تلك النعمة التي أتتهم من حيث لا يعلمون – أو ربما من حيث يعلمون فآل دقلو يملؤون الجرابات لكل من هبّ ودبّ، المهم أن يمهدوا لهم الطريق في أن يحكموا أهل السودان.
لقد صبر حمدوك صبر أيوب على المذكورين أعلاه، أولئك الذين يعضون على صولجان السلطان بالنواجذ وأثبت بكل جدارة أنه سياسيّ محنك من العيار الثقيل، ولولا ذلك لما وقفت وراءه كل الدول صفًا واحدًا، ولما وقرته تلك المحافل الدولية بل وقيادات الأمم المتحدة ولما استطاع اختراق كل هذه العقبات البروتكولية والدبلوماسية والجبال التي وضعها الإنقاذ في دربه ودرب البلد. لقد جابهها بكل صمود ونكران ذات وكل ذلك من أجل الثورة والثوار، من أجل البلد وأهل البلد. لقد اعتاد أهل السودان سابقًا على من يحمل لهم العصا من أهل السياسة ومن قادتها، كما رأينا في الفترة السابقة بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر، ولم يتعودا على من يرى أن الأمر شورى بينهم، وعلى من يخفض لهم جناح الذلّ من الرحمة والمودة وعلى من يقابلهم وجهاً لوجه دون أن يشعرهم بأنه أكبر أو أوجه أو أقوى أو ما شئت منهم، فهو حقيقة رجل الشعب وسيظل، فلماذا لا نلوك الصبر وننظر إلى الغد والغد لناظره قريب. لماذا لا نصبر؟
إن انطلقنا من مبادئ الجعلية التي يعمل بها كل أهل السودان، فليس بالأمر السهل، أن ينزل رئيس وزراء عن كبريائه أمام من أطعمه الحنظل وسفهه ونكل به وبمن كان يعمل معه وباعه في سوق الانقلابات دون رحمة. لقد حبس البرهان الرجل في بيته، وقذفه هو ومن معه بأقذر الصفات، فقيل عنه أبو الضعفاء، وكبير السفهاء من آل اليسار، وقائد الفشل والفاشلين. جاء به البرهان من حبسه ومكان إقامته الجبرية لكي يقوم بتوقيع الاتفاق الجديد معه. ود. حمدوك ليس بالإنسان الغبي، الذي لا يدرك مجاهل السياسية ومكر السياسيين من بني العسكر، وأظنه شرب ماءهم شرابًا في تلك الفترة التي سنحت له أن يعمل فيها معهم، لذلك فأراه قد جاء على بينة من أمره، عالم بكل ما سوف يقوم به من خطوات ومن ورائه جحافل القوات الغربية التي ساندته ولا تزال حتى يعبر تلال هذا المحال.
نعم، لقد أسرع في قبول الاتفاق، لكن لأسباب في غاية الوجاهة، فهن أنّه رفض الاتفاق مع العسكر تحت ضغوط القوى الغربية، فسوف يستمر لا محالة حنق الشارع وسوف تتأزم الوقائع ويستمر العسكر مع قوات ظلهم البغيضة في انتهاك حرمات الناس، سوف يستبيحون دماء الأبرياء في كل مدن السودان وسوف يواصلون في حمل العصا التي اختفت في السنة الماضية وسوف يعود صلف الجنجويد وغلظتهم إلى المشهد السياسي ثانية. أنريد كل ذلك يا سادتي؟ أليس الصبر أهون من فقد كل هذه الأرواح من أطيفال، نساء، رجال، شيوخ الخ؟ ألم نأتمنه ليسير قدمًا في تخليص السودان من قبضة الإنقاذ؟ ألم ينجح في الوصول إلى الكثير الوفير من الحلول رغم كل الضائقات المخترعة والمبتدعة من قبل العسكر والفلول وأرزقية من قالوا من قبل “تقعد بس”. هل نسينا عهد البشير يا سادتي، ثلاثين من الأعوام وقوت القش بالأكوام، ثلاثين من الأعوام عرفنا الرقص بالإسلام، ببنصرهم وبالإبهام.
لا بد أن نحكّم العقل يا سادتي رغم كل الجراحات والمواجع التي تجرعها أهلنا ويجب أن نفكر بحكمة ودراية وهل تفيد الصبات والتظاهرات والكر والفر في ظل رجوع هذا الرجل. ماذا سنستفيد؟ الوقت كالسيف، لماذا لا نترك لرئيس الوزراء الخيار في تقديم الخطة الجديدة التي يراها مناسبة للعبور من هذه المحن.
في نظري أن التظاهرات سوف تأخذ مجراها في خلال الأيام القادمة بعد أن تفيق الأغلبية من حالة الذهول التي ألمت بها وسوف تخرج الجحافل في الطرقات والحارات لتندد بوجود حمدوك وتصرح بخيانته للعهد، وهذا شيء مؤسف، من جهة أخرى يجب علينا ألا نخاف ضياع حقوق من سفكت دمائهم، فأن واثق كل الثقة إن ذاكرة الثورة والثوار أقوى من مكر العسكر، فقد سجل الشباب الثائر كل صغيرة وكبيرة ارتكبت في حق هذا الشعب الثائر العظيم وسوف تأخذ العدالة مجراها بإذن الله وسوف يلقى كل من سمحت له نفسه أن يرتكب إثما جزاءه، والله لهم بالمرصاد.
فلم تمت ست النفور سدا ولم يمت من قبلها أستاذ أحمد الخير ود. بابكر وغيرهم، فسوف يجازيهم الله بالمدنية وسوف ينظرون إلينا من علياهم وقد امتلأوا قناعة وحب تجاه ما قاموا به وما قام به أهلهم من بعدهم. فشكرًا حمدوك … سنصبر … لنعبر.
انت رجل فاهم وعاقل كمان نحن شعب عاطفي ماذا فعلت الاحزاب في سنتين حتي نبكي عليها
at last حمدوك ليس عدونا نحن نعرف ذلك جيداً ولكن أحساس مرير أن تكون مظلوماً من قبل جهة أن تعرف جيداً من هم القتلة وهم يكذبون كل يوم ؟!!! كنا ننتظر أن يقوم حمدوك بتشكيل لجنة سريعة للتحقيق في هذه الجرائم .
انت اهبل.
كيف يحقق حمدوك مع من قام بتعيينه فى منصبه؟
ناهيك عن اللجان الشكلت من قبل ولم تقم بعملها لان القاتل هو العساكر المتمكنين فى الحكم.
افتهملك؟
خليك من عاقل وما عاقل خلينا في الحساب ستة وستون سنة كم سنة حكم فيها الاحزاب يا بابا وكم حكم العسكر يابابا حكموا اكثر من ما يقارب الستون سنة التقول عليها منذ الاستقلال نعم الاحزاب لم تعمل شيء لانهم سجمانيين زي شعبهم وحيطورو مع تطور شعبهم ولكن لماذا لا تقول ماذ فعل العسكر بالسودانيين قتل تهجر تدمير تقسيم البلاد وتشريد العباد واذلال وتخلف وامراض وجهل كن صادقا مع نفسك ثم حدث الاخرين بما يعقل
محمد بدوي مصطفى يسير في خط حكومة مصر،، وينفذ ما تمليه على مصر حافظا على مصالحها في السودان وحتى لا ننسى اعيد على القراء ماخطه يراع محمد بدوي..
مصر يا أخت بلادي يا شقيقة (١/٢) علاقة أزليّة وتاريخ لن تمحوه السنون
د. محمد بدوي مصطفى
24 مارس، 202111
د. محمد بدوي مصطفى د. محمد بدوي مصطفى
أماني الطويل والبحث عن الحقيقة في قلوب السودانيين:
صادفني في الأيّام السابقة وأثار فضولي ودهشتي مقالين مهمّين عن علاقة السودانيين بمصر والعكس، يتباريان في طرح تساؤلات وتقديم أطروحات وأجوبة عن طبيعة العلاقة بين أهل مصر والسودان لا سيما في غضون فترة ما بعد الاستقلال وما آلت إليه في وقتنا الحالي. كتبت المقال الأول السيّدة أماني الطويل، وكان بعنوان: “هل تتراجع محبة السودانيين لمصر؟” ونددت فيه بالآتي: “فاجأ عموم المصريين المتابعين لمواقع التواصل الاجتماعي، ولا يتابعون الأحوال السودانية بشكل لصيق، بخطابات سودانية غير صديقة، فارقت المجال السياسي المعتاد فيه التراشق بين الطرفين، بسبب سدّ النهضة، إلى مجالات إنسانية عزّ فيها على المصريين أن يروا مساحات المحبة تتراجع لهم في السودان، وهم المحبون والمرحبون بملايين السودانيين على “أرض الكنانة”، بل إن أبناء وادي النيل الذين عاشوا معاً في المهاجر المتنوعة ربطتهم أوثق العلاقات الإنسانية.” وانبرى المقال الثاني الذي كتبه عبد الفتّاح عرمان “ردًّا على أماني الطويل: تراجعت محبة السودانيين لمصر لهذه الأسباب!” حيث عقّب على مقال الطويل قائلا في استهلاليته: “للإجابة على تلك الأسئلة، علينا أن نواجه الحقيقة التي لا يريد البعض سماعها، وهي أن تراجع محبة السودانيين لمصر تقف خلفها مصر الرسمية وبعض اعلامها والسينما والدراما حيث ظلت باستمرار تسئ لتلك العلاقات بين بلدينا. ظلت الحكومات المصرية المتعاقبة تتعامل مع العلاقات المصرية-السودانية كملف أمني بحت. وما الزيارة الأخيرة للواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية للسودان سوى تأكيدا لذلك.”
حتى نستطيع التصدّي لهذه القضيّة فلابد بدّ لنا أن نرجع من جهة إلى صفحات التاريخ المديد بين البلدين أو قل العلاقة العميقة بينهما والتي انتقلت عبر الأجيال في البلدين وينبغي علينا أن نستنطق ونسترشد بعض الناس من الجنسيّتين حتى تكون الأمور دقيقة ويسندها استبيان ولو حتى عابر وسريع. للأسف لقد استندت الأستاذة أماني الطويل في جسّ توتر العلاقات بين مصر والسودان إلى حلقات الشد والجذب في مواقع التواصل الاجتماعي والتي أعتبرها مضللة ولا تعكس وجهة نظر أهل السودان بأمانة، هذا من جهة، لأنها أيضًا مؤشر خادع في رصد “تصدع” أو تأرجح العلاقات عموماً بين شعب السودان ومصر، ذلك من جهة أخرى. تتحدث أماني الطويل عن خطابات سودانية غير صديقة، وهي تعني بطبيعة الحال خطابات لاذعة ومعادية للمصريين وجاء ردّ الأخ عرمان تلقائيًا غاضبًا دونما تريّث أو تأني بالرجوع إلى أحداث ووقائع لتاريخ أعمق مما نحن فيه الآن من هجوم وهجوم معاكس لبعض إعلامييّ البلدين. وهل يمثلنا هؤلاء؟ أم تمثلنا الأصوات التي تعوي وتصيح في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ليس فيها لا من التواصل الاجتماعي شيء يذكر، اللهم إلا لغط وهجاء وعويل على مسمع ومرأى من الناس. فمواقع التواصل الاجتماعي، ونحن كصحفيين لنا خبرة واسعة مع روّاد هذه المواقع التي إن بدأ فيها أحدهم بتعليق سلبي على أي حادثة، فلابد أن تتبعها تعليقات سلبيّة لاذعة من نفس القبيل وأهل هذه المواقع يسمونه “الرّدم”، شيء على شاكلة الرمي وتصويب المدفعية باتجاه الشخص المُنتقَد. ومن المؤسف أن نجد مجموعات كبيرة من روّاد هذه المواقع يتأثرون بردّة فعل القطيع ونجدهم في مجمل تعليقاتهم أو تعاملهم مع القضايا السياسية، سلبيين وقلّة منهم يغالي في تطرّفه، أقصد في التعامل مع أيّ موضوع يُعرض بتطرّف شديد.
تاريخ تليد وروابط أزليّة علينا بحفظها:
إن تاريخ العلاقات بين مصر والسودان هو موضوع عميق وشائك في ذات الوقت، وله بطبيعة الحال جذور راسخة في صحائف البلدين وبنفوس الشعبين الشقيقين منذ عهد الرومان وإلى يومنا هذا، لا ولن يتسنى أن يُفسّر أو يُشرح هذا التاريخ من قبل أيّ كان في عجالة مقال أو مقالين، فهي تحتاج في اعتقادي لموسوعة كاملة يجب أن نسميها “موسوعة وادي النيل” لرصدها بإيجابياتها وسلبياتها، ودراستها على أكمل وجه. وددت في سياق هذا المقال أن أشير إلى أهمية هذه العلاقات الراسخة والتي ساقتها خطوات التاريخ وقادتها منذ أن خلق الله الشعبين في هذه البقعة النيليّة المباركة ويجب عليّ كابن للبلدين أن أذكّر بها في خضم المهاترات الاعلاميّة الآنية التي تتأرجح بين الهجوم والهجوم المعاكس، فالأمور لا تحلّ على أعتاب الواتساب والفيسبوك وحلقات اليوتيوب المرتجلة بهذه السطحيّة الرعناء. لذلك يجب علينا جميعنا في التعامل مع هذه القضية الحساسة التزام شيم الحلم والحكمة، الصبر والتأنّي، المنطق والذوق السليم وألا نغالي في أحكامنا المسبقة على الآخرين من الجهتين. وبغض النظر عن بعض الخلافات الجوهريّة في بعض الملفات السياسية في قضايا الأرض والسدّ أو السياسة الخارجيّة الخ، والتي نرى موقفنا وموقف القانون منها صريحًا، فإن مصر لا تزال تفتح أبوابها على مصراعيها لشعب السودان من أجل العلاج والتعليم والتجارة ومن قبل بسبب اللجوء والهروب من حكم الإنقاذ الدكتاتوريّ وبالعكس فإن أبواب السودان كانت ولا تزال مفتوحة لشعب مصر للزراعة وللاستثمار وللعمل في الجامعات والمدارس وللدراسة في المدارس والسياحة والزيارات في كل الأوقات والمصري لا يحتاج لتأشيرة عندما يريد الدخول إلى السودان، لأنه بلده. وأنا لا أشكّ البتّة أن أهل مصر يعلمون أيما علم بمحبّة إخوانهم السودانيين لهم، لكنّ بعضهم ربما لا يدرك عمق وكثافة هذه المحبّة والألفة: فأهل السودان يتغنّون منذ مئات السنين بحبّ أمّ الدنيا وعلى سبيل المثال نجد إحدى مؤسسات السودان الفنيّة، الأستاذ عبد الكريم الكابلي، يتغنى من بين الكثيرين ويصدح بهذا الحبّ ليقول: “مصر يا أخت بلادي يا شقيقة”. علينا يا سادتي ألا ننسى كل هذه الدلائل الوافية والشهادات الكافية التي تؤلف بين قلبيّ الشعبين فلم تكن الحرب معنوية كانت أم حقيقة حلًّا في يوم من الأيّام فالسلام هو الحلّ الأمثل لرقي وتقدم الشعبين اللذان يجمعهما إكسير النيل. ومن جهة أخرى وفي شمال الوادي تغنّت مؤسسة أخرى بدورها بحبّ السودان وكانت هي سيدة الغناء، أم كلثوم، في أغنية السودان التي صاغ كلماتها أمير الشعراء أحمد شوقي ولحّن موسيقاها العملاق رياض السنباطي فتقول: “فمصر الرياض وسودانها عيون الرياض وخلجانها”. ألا تكفي كلّ هذه الحقائق التي تستند إلى مواقف تاريخية بارزة وبيّنة، حتى وإن كانت تنهل بعض الأحيان من حلوٍ ومن مرٍّ؟
حبّ مصر عند شعراء السودان:
يجدر في إطار العلاقات بين السودان ومصر أن نشير في بداية هذا المقال بالدور الاستثنائي الذي قام به الشاعران محمد سعيد العباسي والتجاني يوسف بشير (من بين العديد من شعراء العربيّة بالسودان)، في مساهمات انفراديّة كبرى وعميقة في دفع حركة النهضة الأدبية في السودان، وهما من أوائل الذين عبّروا عن المشاعر الإتحادية مع الشقيقة مصر شعراً:
١) أولاً قصائد محمد سعيد العباسي:
يا حبذا دارٌ نزلت وحبذا إبداع من ذرأ الوجود ومن برى
مصرٌ وما مصرٌ سوى الشمس التي بهرت بثاقب نورها كل الورى
ولقد سعيت لها فكنت كأنما أسعى لطيبة أو إلى أم القرى
وبقيت مأخوذاً وقيد ناظري هذا الجمال تلفتاً وتحيرا
فارقتها والشّعر في لون الدجى واليوم عدت به صباحاً مسفرا
٭٭٭
سمعينا جنان لحناً شجياً ودعي معبداً دعي إسحاقه
واصرفي ساقي المدام فإنا ما حمدنا أبريقه ومذاقه
قد سقى الأصفياء كأساً رحيقاً وسقانا حميمه وغساقه
ما كقطع الوتين شر، وشر منه أن تقطعوا بمصر العلاقه
وقال معرضا بالاستعماريين ومن كان يعتبر أنهم يسيرون في ركابهم في البلدين، ويعملون ضد وحدة وادي النيل:
وما بي ظماء لكأس الهوى فطوفي بغيري يا ساقيهْ
على نفر ما أرى همهم كهمي ولا شأنهمْ شأنيهْ
طلبت الحياة كما أشتهي وهم لبسوها على ما هيه
شروا بالهوان وعيش الأذل ما استمرأوا من يد الطاهيه
فباتوا يجرون ضاف الدمقس وبت أجرجر أسماليه
ولو كان لي علم ما في غد لما بعت مصر بسودانيه
ويا مار سيري ولا تُخدعي فينتزع القرط يا ماريه
وقد زعم بعض النقاد لشعر العباسي أنه قد كنى في البيت الأخير عن مصر ب “مارية”، وعن السودان ب “القرط” يحذرها من أن ينتزع منها.
ثم يلتفت بقلب ملتاع إلى ذكريات شبابه في مصر، وإلى أيام طلبه للعلم فيها قائلا:
ويا رحمة الله حلي بمصر ضريح الزناتيَّ عثمانيه
غذاني بآدابه يافعاً وقد شاد بي دون أترابيه
٢) ثانيًا قصائد التجاني يوسف بشير:
عادني اليوم من حديثك يا مصر رؤى وطوفت بيَ ذكرى
وهفا باسمك الفؤاد ولجّت بسماتٌ على الخواطر سكرى
من أتى صخرة الوجود فقراها وأجرى منها الذي كان أجرى
سلسبيلاً عذب المشارع ثراراً روياً جم الأواذيِّ غمرا
إلى أن يقول:
إنما مصر والشقيق الأخ السودان كانا لخافق النيل صدرا
حفظا عهده القديم وشادا منه صيتاً ورفَّعا منه ذكرا
فسلوا النيل عن كرائم أوسعنا دراريَّها احتفاظاً وقدرا
كيف يا قومنا نباعد من فكرين شدا وساندا البعض أزرا
كيف قولوا يجانب النيل شطاهُ ويجري على شواطئ أخرى
كلما أنكروا ثقافة مصرٍ كنت من صنعها يراعاً وفكرا
نضر الله وجهها فهي ما تزداد إلا بعداً عليّ وعسرا
يا ابن مصرٍ وعندنا لك ما نأمل تبليغه من الخير مصرا
قل لها في صراحة الحق والحق بأنْ يُؤثرَ الصراحةَ أحرى
وثقي من علائق الأدب الباقي ولا تحفلي بأشياء أخرى
كل ما في الورى عدا العلم لا يُكبِّر شعبا ولا يُمجّد قُطرا
بعض الشهادات عن العلاقات بين مصر والسودان:
شهادة نائب رئيس صحيفة تحرير أخبار اليوم السودانيّة:
سألت نائب رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم السيد عاصم البلال الطيب عن هذه القضية فجاءت إجابته كالتالي: بالنسبة لتحوّل الأحاسيس السودانيّة المصريّة، على مستوى الشعبين والإعلام أو الحكومات في البلدين على مرّ العصور فلم تتعاطَ مع هذه العلاقة بمخاطبة الجذور الأساسيّة لها. ودعنا نكون صريحين، هنالك إحساس مصريّ بالعلويّة: إن الإخوة في مصر لهم إحساس بالعلويّة تجاه كلما هو سودانيّ، والسودانيّ يستشعر أن المصري يعتقد أن السوداني يحسّ تجاهه بالدونيّة وهذا الاعتقاد المغلوط مرفوض تمامًا عند أهل السودان.
دعني أحدثّك عن صورة واقعيّة ألتقطها قبل عدّة أيّام: أنت لا يمكن أن تصدق الكم الهائل للمسافرين الذين يفترشون الأرض ويتلحّفون السماء يومًا تلو الآخر أمام القنصليّة المصريّة بالخرطوم، لو رأيتها لتعجبت! عشرات الآلاف من المسافرين إلى مصر بسبب السياحة، العلاج، الدراسة أو المتعة وحتى للحبّ ولكلّ شيء آخر، ومصر حقيقة أمّ الدنيا، ومن هذا المنطلق فأنا أعتقد أن السوداني الذي لم يزر مصر عليه أن يراجع سودانيته متى ما جلس في مجالس متعددة، لأنّ غالبية السودانيين زارت مصر، حتى الفقراء والبسطاء يزورون مصر. إذا تحدثنا عن العلاقات بين البلدين فنجدها دائما في تأرجح لكن هنالك نقلة نوعيّة في الأحاسيس المشتركة يعمل البعض على تجميلها، بيد أنّ صوت هذه المجموعة أخفض وأخفت. وهنالك قلّة قليلة نجد أنّ صوتها أرفع وأعلى، تحاول أن تثير القلق والبلبلة بين البلدين، اللذان يرتبطان بالنيل فضلًا عن أشياء كثيرة مثل الحسب النَسب، فنحن نجد أسر كثيرة متصاهرة بين البلدين، وحتى أنا في أسرتي دم مصريّ ولدينا البعض متزوّج في مصر ومعنا في الحارة بالخرطوم بحري أخت مصريّة متزوّجة من سوداني. والعلاقات بين البلدين وإن تعكّرت بصورة أو بأخرى على المستويين الشعوبيّ والرسميّ المرتبط بتقلّب الأنظمة ستظلّ في حالة شدّ وجذب ما لم يختفِ نهر النيل ويتبدّل بسدّ النهضة.
شهادة المحلل السياسيّ وأحد أقطاب الحزب الاتحادي الديمقراطي الأستاذ الفاضلابي:
حديثي معه كان هامًا وأرجعني إلى الحقبة التي عاشرت فيها أبي وكنت طفلًا يرتع في ترهات الحياة. تطرّقنا سويًا لقضايا النهضة الفكريّة والأدبيّة في السودان وعلاقتها الوطيدة مع مصر لا سيما وأن والدي كان أحد أعمدة الحركة الاتحاديّة التي خرجت من رحم الحركة السياسيّة المصريّة. وحتى الحركات السياسية الأخرى بالسودان كالحركة الشيوعيّة، هي حسب رأي الأستاذ الفاضلابي، حركة مصريّة بالدرجة الأولى. وكانت الحركة الأساسيّة المعادية للاستعمار في مصر تدعى الحركة المصريّة للتحرر الوطني وأعضاء الحزب الشيوعيّ السوداني كانوا جزءً منها لكنهم انقسموا في فترة لاحقة بقيادة القائد عبد الخالق محجوب وأسسوا وقتئذ الحركة السودانيّة للتحرر الوطنيّ ورأت النور في فترة ما بعد الاستقلال في عام ١٩٥٦ حيث كانت بادئ ذي بدء حزبًا واحدًا بصحبة المناضل النبيل والمؤسس هنري كورييل إذذاك. وهذا المناضل اليهودي كورييل هو من الذين أسّسوا الحركة المصرية للتحرّر الوطني ويعتبر شخصية هامة بالنسبة لحركة اليسار في وادي النيل على الاطلاق، ومن السودانيين الذين نشطوا فيها الأساتذة عبد الخالق محجوب التجاني الطيب وعبد الرحمن الوسيلة والجنيد علي عمر، وشاركوا من خلال “حدتو” في انتفاضة 1946 مع رفاقهم المصريين ضد الاستعمار، كذلك شارك معهم في تلك الانتفاضة الأستاذ أبراهيم عبد القيوم والذي اعتقل هو والجنيد وعبد الخالق محجوب. ونجد كلّ هذا التوثيق في كتاب أحد أعمدة الحزب الشيوعيّ السودانيّ، سفير السودان السابق بالأمم المتحدة، المرحوم السيد أحمد سليمان في مؤلفه و”مشيناها خطى”. وعدا الحركة الشيوعيّة نجد من جهة أخرى حركات أخرى سياسة انبثقت من مصر كحركة الناصريين والاشتراكيين العرب. وعلى المستوى الأدبي فنحن نجد أن أهل الأدب كان يربطهم رباط وثيق بمصر مرفأ الأدب والفن. ولا زلت أذكر خطوات والدي إلى كشك الجرائد حيث يسأل عن المصور وآخر ساعة وروز اليوسف، وأخبار اليوم أو الأهرام، عدا الكتب الأدبية والشعرية التي همّوا بها وكانت تصلهم بانتظام من مصر. وقبل أبي عبر أحد أعمدة الأدب التجاني يوسف بشير في إحدى قصائده عن هذه العلاقة الفريدة بين البلدين وبين الشعبين اللذان تربطهما علاقات خالدة ترجح كفتها في الميزان أكثر من تلك الآنيّة السطحية في وسائل التواصل اللاجتماعي والتي قد تحاول أن تفرق بينهما بين فترة وأخرى ولكن سدا. نحن في عهد نظريات المؤامرة فلابد أن نحمي كل عزيز وغال علينا بحرص وقوة شكيمة، فالعلاقات بين مصر والسودان وشعبيهما غالية علينا فسوف نحميها بكل ما أوتينا من قوة حتى تعبر هذه المحنة.
(يتبع)
(نقلًا عن المدائن بوست دوت كوم)
[email protected]
كاد الكيزان أن ينجحو في ازاحة حمدوك من المشهد وخلق هوة بينه وبين الشعب لكن سرعان ما ادرك الجميع ان خطوة حمدوك هو الطريقة الوحيدة للوصول إلى ديمقراطية حقيقية وليس ملعوبة من احزاب في السلطة كما كان يفعل الكيزان زمن الخج وشراء الذمم والاصوات بأموال الشعب .
هيا لنعبر بالسودان إلى الأمام كفاية ٣٠ سنة معزولين ومحرومين من مزايا الاتفتاح
فتح الله عليك
الحكمة ضالة المؤمن
انت يا محمد بدوي هل تحصلت علي درجة الدكتوارة التي تحملها من انداية تام زينو؟ يخس علي حاملي هذا الالقاب الكذبة المنافقون انت واحد مطبلاتي ان شاء الله ينعم عليك حمدوكك بمقعد في الوزارة
سر يا حمدوك إلى الامام.
اي زول عندو مبادئ لا يمكن يغير موقفوا في ثواني من داعم له بشدة إلى مسئ له بشدة إلا يكون زول كان مستفيد من نظام القحاطة أو بلا مبادئ يغير جلده في ثواني وديل امعب ناس على المجتمع والدولة.