عاطل تونس المحترق وثورة العاطلين ومخاوف علي عثمان

نـور ونـار
عاطل تونس المحترق وثورة العاطلين ومخاوف علي عثمان
م.مهدي ابراهيم أحمد
[email protected]
وفي مدينه سيدي أبوزيد تقوم مظاهرات من نوع جديد وربما تكون هي من أشارات المستقبل التي فطنت لها الحكومة التونسية متأخرة بعض الشئ وثورة العاطلين يكون وقودها جسد أحدهم الذي يسترخصه لأشعار القيادة بالواقع والمعاناة المريرة له ولأقرانه فكانت التضحية وكان الفداء بالأحراق الشامل لجسده لتنطلق مواكب التظاهرات فتعم بوادي تونس وقراها والرئيس التونسي يعالج الموقف بعزل الوزراء أصحاب الشأن ولكن المظاهرات لاتعترف الا بالأصلاح والتغيير الشامل .
فالتعبير بالأحراق جري نتيجة لأحتجاج الفتي الذي يحمل المؤهلات العليا ولكنه لم يعثر علي العمل فأفترش الأرض يبتاع في المهن الهامشية ولكن السلطات المحلية لاحقتهم وطاردتهم فلم يجد الفتي بدا من الأحتجاج علي تلك الممارسات الا بأحراق نفسه لأيصال الرسالة من الوضع والواقع والرسالة يحملها الشعب بأجمعه عبر المظاهرات التي سقط خلالها الكثير ولاتزال حوادث تونس تراوح مكانها والرئيس يعد بالأصلاحات ويعترف بأزمة العمل التي طرقت باب كل بيت فأضحي في كل بيت عاطل يبحث عن الوظيفة ونفسيات العاطل المحبطة جراء السياسات العقيمة قد تدفعه حتما الي أشياء بما يلعب فيها القدر سببا في الأطاحة بنظام كامل ناهيك عن مجرد عزل وزراء ومحافظين .
ولعل مشكلة البطالة من المعضلات التي تواجه جل الدول العربية بلا أستثناء فقد يكون العمل مرتبطا في بعض منها بالولاء للتنظيم الذي يحكم البلد الذي قد يبادر لتعيين الموالين له فقط دون الأخذ في الأعتبار لشهادات الآخرين وتميزهم وأنما تبقي العبرة في الولاء بغض النظر عن الشهادة والدراسة مايدفع بأخرين حنقا الي الخروج من بلادهم وفي نفوسهم حنقا يزداد مع الأيام وقلوبهم تتمزق وآخرين ربما قادهم الوضع الي التمرد الصريح علي النظام والسعي الحثيث للأطاحة بالنظام والتغيير ومن بقي منهم أنما يكون حظه في مهن لاتتناسب ووضعه وماقرأ وهولاء صاروا من السواد الأعظم طلقوا شهاداتهم طلاقا بائنا لارجعة فيه وأفرغوا رؤسهم محتواها تماما من جل ماقرأو ودرسوا وتسابقوا علي السوق والمهن الهامشية والسلطات تلاحقهم في أرزاقهم جباية وفرضا للرسوم بدواعي البنود ومستجدات البلدان وآخرون صاروا يبيعون بعيدا عن أعين السلطات التي تطاردهم وتصادر مصدر رزقهم وبضاعتهم وفتي تونس يبدي تزمرا من تلك الممارسات البغيضة التي تجعل من السلطات وكأنها سيفا مسلطا علي الرقاب لاترضي بتوظيفهم ولايسعدها الحال بتفوقهم وبأعطائهم راحتهم في تجارتهم وبيعهم .
وثورة الخريجين تنطلق من تونس الخضراء وربما قد تصبح بلد المنشأ في تصديرها للدول العربية فالوضع قد صار مشابها تماما وأن أختلفت العادات والطبائع الا أن يتشابه تماما في أزمة العمل وتزايد العاطلين عن العمل الذي ربما قد يحدث واقعا يصعب التنبؤ به في ظل تلك السياسات وكثيرون عبروا بطرقهم عن أستيائهم ومعاناتهم من عدم العمل والحصول علي الوظيفة ولكن أحراق فتي تونس لنفسه وجد الرواج الأكبر والمادة الدسمة للمتظاهرين ولوسائل الأعلام المختلفة في تحليل الأبعاد وتجريم الأنظمة والألتفات لأس المشكلة بغية أيجاد الحلول الناجعة التي تستهدف أصل المشكلة جزريا وليس لمجرد التخدير الوقتي والتسكين الي حين .
والنائب علي عثمان يبصر بعين الواقع لوقائع المستقبل البعيد وهو يخاطب الأمناء العامين للحكومات الولائية وهو يخشي ثورة الخريجين التي تؤدي لظهور مصلحات التهميش والغبن والحقد الطبقي وهذا الأخير بدأت نبراته تلوح جهرا بضرورة المساواة المطلقة والتقييم الحقيقي ولو كان عبر أخذ السلاح والتمرد علي الحكومة ومخاوف علي عثمان لم تظل حبيسة أضابير قلبه وفكره وأنما أفرازات الواقع جعلت من ظنون ه تخرج الي العلن متشائمة من مستقبل الحال وواقع الأحوال .
ووجود المشكلة والأعتراف بها مبكرا قمين بوضع الحلول الجزرية التي لاتعتمد علي اللحظة وانما يكون التخطيط الأستراتيجي سمتها فالمجال أضحي مجال تخطيط رقمي لابد أن يستوعب تلك الكميات المهولة علي قدر التخطيط التعليمي المبني علي سياسات العرض والطلب وعندما نضمن تلك الأشياء فحتما سنضمن العمل لكل خريج ونضمن تحقيق طموحاته وفوق ذلك نضمن طاقته ونبوغه وعلمه لتوظيفه لخير بلاده وبغير ذلك تبقي مخاوف علي عثمان هي التربة الخصبة لزعزعة النظام و يكون فتي تونس الحريق هو المدخل لقيام كل ثورة ومظاهرة تنشد العمل والوظيفة وربما تنشد التغيير والرحيل .
سبحان الله في بلادنا المنكوبة والمسماة بالعربية اصبحت اذن المسؤلين لا تسمع الا المديح وعيونهم لا ترى الا البهيج اما معاناة شعوبهم الا ان يراها العالم كله فضايح مجلجلة ليبدوا الحراك وكأن بن علي هذا لم يسمع بالبطالة في بلاده الا بعد ان احرق هذا المسكين نفسه اليس لهؤلاء الحكام جواسيس يخبرونهم باحوال البلاد بدل العباد ؟