درس ونموذجان..!

أحياناً تحس كما لو أن بعض مسؤولي هذه الحكومة لا يملكون ذرة من بعض حياء. وكثيراً ما تشعر كما لو أنهم منزوعو الضمير، ذلك أنهم يأتون بأفعالٍ محقِّرة للمواطنين، لن يُقدم عليها من يضع نصب عينيه أنه سيُسأل في الدنيا والآخرة عما اقترفت يداه..!

ولأن أغلب المسؤولين يعلمون أنه لا يُسائلهم أحد عما يتخذونه من قرارات، ولأنهم على يقين بأن الجهات الرقابية نفسها تحتاج إلى رقيب، لذا تجدهم سادرين في غيهم، غير آبهين ولا مبالين، بما يترتب على قراراتهم الكارثية من مترتبات وتضاعيف قاسية على المواطن..!

فلو كان الواحد منهم، يدرك أن هناك عقاباً لاتخذ إلى النجاة سبيلا. ولعل ذلك ما فاقم أزمة المواطن الذي أصبح عند أهل الحكومة أشبه بفأر التجارب، من فرط تجريب الأفكار والقرارات الحكومية.

طبعاً، كلكم تنتظرون ان أكشف عن فحوى هذا العمود، وعن المقصود من المقدمة أعلاه. ولكي لا يطول انتظاركم كما حدث معي، وأنا أتلهّف للحصول على تفسير لإغلاق المسار الذي يمر فوق نفق عفراء أمام حركة المرور منذ مدة طويلة، أقول لكم إنه ساء كثيرون ? وربما تكون أنت منهم ? إغلاق ذلك المسار، دون أن يكون ذلك متبوعاً باعتذار من السلطات، أو أقلّه تنبيهاً لمستخدمي الطريق حتى لا يُضار أحد ممن لا يسعفهم الزمن لتغيير مسارهم في آخر اللحظات، بسبب ارتباط مسبق، أو بسبب غاشية مرضية طارئة.

نعم، فإن المرور فوق نفق عفراء من اتجاه الغرب بغرض الانعطاف شمالاً ناحية شارع المطار، لم يعد متاحاً لأن جهة ما ? لا أدري ما هي ? قامت باغلاق الشارع، دون أن يكون هناك تنبيه أو إرشاد أو علامة توضِّح أو تشير إلى أن الشارع مغلق أمام حركة المرور.

ربما يقول قائل إن مثل تلك الأخطاء تبدو عادية، ولا سيما في بلد تُنهب فيه الأموال العامة بصورة مفزعة، وتُنتهك فيه حريات الناس وأمنهم لأتفه الأسباب، وربما دون أسباب، ولكن مع ذلك فإنه ينبغي أن تُحارب مثل هذه القرارات لأن فيها تسخيفاً وتتفيهاً للمواطنين. ببساطة لأنه لو كان الإنسان يعني عندهم شيئاً، لوجدنا لافتة كبيرة تعتذر للمواطنين، وتلفت عنايتهم إلى أن الطريق مغلق، وأنه ينبغي عليهم أن يسلكوا طريقاً آخر. ولكن هذا لن يحدث طالما أن الرقابة والمحاسبة غائبة، وطالما أن الصحافة التي يُفترض أنها أكبر الرقباء مغيّبة..!

حسناً، دعونا من الأحلام المترفة، وتعالوا نسأل عن دواعي إغلاق الطريق. أو تعالوا نخيّل الأسباب، لنر ما إذا كانت منطقية أم لا؟ وهنا يتبادر إلى الذهن أن الإغلاق يهدف لتفادي حدوث الزحام أمام مول عفراء التجاري. واذا صحّ هذا فإن دواعي قيام النفق تكون قد انتفت تماماً، وبالتالي يكون إنشاؤه تم على أساس دراسة خاطئة، وعليه يجب أن يتم تهديم النفق فوراً لأنه أصبح سبباً في الزحام..!

وأخشى ما أخشاه أن يكون إغلاق المسار بسبب خطأ هندسي ظهر في النفق، وجعل مرور السيارات من فوقه بمثابة خطر ربما يقود إلى تصدّع الجسر أو انهياره كلياً..!

وإذا ثبت هذا، فانه لن يُلام أحد إن هو ربط بين عقلية البصيرة أم حمد، وبين من خطط لإنشاء هذا النفق. وإلا فما هي داوعي إغلاق الطريق؟!

نسيت أن أقول لكم، إن النموذج الثاني هو إغلاق كبري المسلمية بشارع مستشفى الخرطوم، الذي حدث من أكثر من عام، والذي لا تزال الجرافات تعافر من أجل تهشيمه، دون ان تتمكّن من ذلك، وهو ما جعل العبقري صاحب قرار الإغلاق يحصد مزيداً من اللعنات، لأـنه أوقف استغلال الكبري في المرور، وكذلك فشل في تكسيره لقيام منشأة جديدة على موقعه. وبالتالي حرم الناس من فائدته مرتين..!

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..