مقالات سياسية

كل السودانيين سماسرة، وأسوأهم  تجار الدين و السياسة

د. فراج الشيخ الفزاري 

       ينتابني شعور غريب،  بوجود علاقة جدلية وذات دلالة إحصائية ما بين السمسرة والسياسة في السودان؛ فكلما نشطت الأولي تعددت منابر الثانية والعكس صحيحا..خاصة السمسرة العشوائية التي يمارسها نحو 90 بالمائة من السكان، بطريقة أو أخري، والمحاصصة السياسية التي تجيد لعبتها الأحزاب السياسية والجماعات بتعدد مسمياتها…كما نري ونسمع هذه الأيام بشأن تكوين المجلس التشريعي أو تعيين الولاة ، وربما العين الاستباقية لتكوين مجلس الوزراء القادم والمناصب الدستورية الأخر ي فكلها مجالات و نشاطات السمسار الشاطر حسب عرفهم.

نحن قوم نحب السمسرة…هي جزء من سلوكياتنا اليومية…بل تجري في عروقنا لأنها جزء من تكويننا الحركي والفيسيولوجي وتتناسب بما يصفوننا به من الكسل وبطء التفكير وردة الفعل والتأخر في اتخاذ القرار ..

والسمسرة العشوائية ، غير المنظمة والتي لا يحكمها قانون،  هي نشاط ومهنة من لا مهنة له..وملاذ كل عاطل و فاقد تربوي…تماما كالساسة الجدد عندنا…الذين لا صنعة لهم إلا التشدق بالألفاظ وادعاء البطولات الوهمية وركوب الموجة. كما أنها لا  تحتاج الي رأس مال حيث يعتبرها البعض تجارة ( سوق الله أكبر) ..تحتاج فقط الي موهبة الإقناع والحلف بالطلاق في اليوم الواحد مائة مرة ، دون أن يقع، حتي ولو كان كاذبا.

السمسرة ..في القانون السوداني..تدخل في باب المعاملات المدنية…ولكن القانون غير مفعل منذ صدوره في عام 1984..وقد حدد علاقة النشاط بين الأطراف حيث يعتبر السمسار وكيلا ينحصر دوره في تقريب وجهات النظر بين الأطراف وله في ذلك أجره المتفق عليه قانونا..غير أن الواقع العملي يؤشر بعكس ذلك تماما …فالبائع هو المشتري وهو الدلال ..وهو المستفيد الأكبر في نهاية اللعبة فقد تدور السلعة بين المتداولين أشواطا حتي تستقر أخيرا عند المستهلك وقد تضاعفت قيمتها السوقية عشرات المرات…يحدث ذلك في كل النشاطات التجارية من قفة الطماطم الي جوال البطاطس الي دلالة السيارات والعقارات السكنية والتجارية التي قد تتجاوز قيمتها المليارات..

: إذن، لابد من تقنين وتنظيم مهنة الدلالة والسمسرة باعتبارها من معوقات التنمية والإصلاح الاقتصادي والسياسي أيضا..فإذا انتهت السمسرة  العشوائية،  توقفت العدوي …وانتهت المزايدات السياسية ، لأن معظم سماسرة السوق عندنا هم سماسرة السياسة وان لم يظهروا علي المسرح بذات المسوح..فكل عمل درامي اكسسواراته الخاصة به…

[email protected]

تعليق واحد

  1. فعلا ..السمسرة ترياق مضاد للانتاج
    حكى لى ( زميل ) قصة خلاصتها
    ان بعض الشباب المنتج قرر ان ياخذ قرذا من ( بنك الاسرة ) و عملوا مشروعا صغيرا ( مزرعة طماطم) بريف الخرطوم و قبل موسم الحصاد طاف عليهم ( سمسار كبير ) ليشترى منهم طماطمهم و لكن هؤلاء الشباب رفضوا التعامل معه و قالوا سنتعامل مباشرة مع ( ناس الملجة بالسوق الشعبى ام درمان ) و بعد الحصاد ذهبوا ببضاعتهم الى ( الملجة ) و كانت المفاجاة ان معظم ( تجار الخضروات ) رفضوا التعامل معهم بايعاز من ( الجلابى الكبير)..
    اضطر هؤلاء الشباب …بايجار ( دفار و مكبر صوت ) ليقوموا بجولة فى احياء امبدة العريقة وهم يروجون لبضاعته ( طماطم بسعر المزرعة,,,بدون سماسرة …يلا علينا جاى ) و هكذا استطاعوا توزيع بضاعتهم بجهد جهيد بسعر معقول ( للمواطن ) مع هامش ربح مناسب لهم…
    و يبقى السؤال ( هل كل هؤلاء السماسرة فلول و سدنة لحزب المخلوع بشة)؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..