مقالات وآراء2

كيف تعرف إنك في دولة السودان ؟ !

كيف تعرف إنك في دولة السودان ؟ !

الشعوب دائما تفرح بالحاضر لجماله وتنظر للمستقبل وعندما يأتي الحديث عن الماضي يخيم الحزن وتكفهر وجوه الحاضرين لمرارته وصعوبته ويقولون : (الحمد لله على هذه النعمة وأيام الماضي الله لا عادها ) أما إذا وجدت شعبا يكره الحاضر لفظاعته ومحبط ويخشى من المستقبل ويتغنى بالماضي ويتحدث عنه بكل شغف وجمال ويقولون : (يا سلام علي تلك الأيام نسأل الله لو عادت ثانيا) … فأنت أكيد وسط شعب دولة السودان
عندما تعلم إن خزينة تلك الدولة دخلتها أكثر من 70 مليار دولار.. وفجأة أصبحت تلك الدولة من المتسولين وبلا خجل تطلب من الآخرين دعمها ووصلت مديونيتها إلى 55 مليار دولار .. فلا تحزن هذه هي دولة السودان
عندما تجد عاصمة دولة كانت في الزمان الذي مضي تغسل شوارعها كل صباح بالصابون وكانت نموذجا للنظافة والترتيب لمن حولها من العواصم الأفريقية والعربية ثم إنقلب حالها وصارت نموذجا لأوسخ عاصمة وأعلن واليها أو حاكمها فشله وعجزه الصريح في تنظيفها وترتيبها .. أما إذا ظلّ هذا الفاشل موجودا في مكانه ووظيفته بعد هذا الإعتراف الخطير بالفشل ولم يسأله الحاكم ولم يحاكمه فلا تستغرب … أنت في عاصمة دولة السودان
عندما يصرح البرلمان في الدولة والمنوط به التحدث بإسم الشعب والدفاع عنه ومسؤول أمام الله قبل الحاكم عن توفير الرفاهية وتوفير سبل الحياة الكريمة لهذا الشعب يصرح هذا (البرطمان) بأن 70% من ميزانية الدولة ستذهب إلى الأمن بدون حياء بينما لا يذكر لنا هذا البرلمان كم هي ميزانية التعليم وكم هي ميزانية البحوث العلمية وكم هي ميزانية الصحة المنهارة … فلا تحزن أنت في السودان
عندما تسمع بأن دولة بها عشرات الأنهار ومياه جوفية من حيث الكمية لا تنافسها دولة أخرى في العالم وأراضي زراعية منبسطة وتجد معظم مدن تلك الدولة في حال من الجوع والعطش ومعظم المياه المستخدمة للشرب ملوثة وسبب رئيسي للأمراض الفتاكة (والسرطانات) المنتشرة اليوم … وبكل هذا الخير الوفير تستورد هذه الدولة حتى الطماطم والتوم من دُول تعتبر من أفقر الدول في المياه … فلا تتعجب أنت في دولة السودان
عندما تؤسس الدولة هيئة كاملة لمكافحة الفساد وخلقت قانون لمكافحة الفساد ولم تسمع بمحاكمة أي شخص بقضية فساد حتى الآن رغم إنتشاره .. وعلى حسب تقارير المراجع العام في كل سنة إن التعدي على المال العام لا مثيل له وكل عام يكون مصير تقرير المراجع العام هو سلة (المهملات)… لا تستغرب هذا لا يحدث إلا في السودان
عندما يسرق الضعيف أو كما يسمى ( حرامي البيوت ) ويتم القبض عليه يتم تعنيفه وتعذيبه وتصويره والتشهير به بينما من سرق البلد وباع الوطن وأفقر العباد حرا طليقا بل له مكانته الاجتماعية ويفتي في القنوات الفضائية بهذا حلال وهذا حرام ويتحدث عن سيرة سيد الخلق والأخلاق في القنوات الفضائية …فلا عجب أنت في دولة السودان
عندما تتحدث تلك الصحيفة عن مافيا الفساد والإمساك بخيوط الجريمة التي يمكن أن تساعد النيابة على قبض المافيا ويتم مصادرة هذه الصحيفة وإيقاف كاتبها هذا بدلا من تقديم الشكر له . بالتأكيد أنت أمام معادلة يصعب عليك فهمها فلماذا تستغرب …أعرف إنك في دولة السودان
عندما تذهب وزيرة الدولة بوزارة العدل أكبر جهة عدلية في الدولة تذهب وتخرج إبنها المتلبس بقضية مخدرات من السجن عنوة وإقتدارا بينما سيسجن ويفصل غيره من دراسته إذا ما أقدم إلى عمل أقل من ذلك … فلا تتعجب فأنت في دولة السودان
عندما تسمع من فترة وأخرى بحاويات مخدرات في ميناء هذه الدولة ومازالت مجهولة ومن السهل الوصول للمجرم وذلك بالرجوع إلى بلد المنشأ وأوراق هذه الإرسالية ومن الذي أرسلها وإلى أي مؤسسة أو فرد تم الشحن وللعلم لم يتم شحن أي بضاعة إلا بإكتمال هذه الأوراق وبالتالي هذه الأوراق تسهل الوصول إلى المجرم والفاعل وإذا لم يتم الوصول للمجرم وظلّ مجهولا حتى اللحظة أعلم …. أنت في دولة السودان
عندما يكون وزير صحة في هذه الدولة من أكبر المستثمرين في هذا المجال ويمتلك مستشفيات خاصة تفوق في إمكانياتها مستشفيات تلك الدولة ويمتلك كليات صحية خاصة ضخمة يسعى بكل قوة إلى تطوير تجارته ولم تجد المستشفيات الحكومية ذلك الإهتمام وتنعدم الثقة بينه وبين عامة الشعب … فأعلم أنت في دولة السودان
عندما تسمع لأول مرة بأن قارورة مالتوف تقتل رجل شرطة ويحاكم الطالب المتهم بالإعدام بينما من قتل طلاب الجامعات وعشرات الطلاب والتلاميذ بالذخيرة الحية في الشوارع وفي مخيمات النازحين حرا طليقا بل يقوم هذا القاتل بسجن أولياء أمور الضحية ويتهمهم بتهديده .. وتتحول الضحية بين عشية وضحاها إلى مجرم … إذن فلا تحزن أنت في دولة السودان
عندما ترسل دولة بجيوشها لمناصرة دولة أخرى تبعد عنها ألاف الكيلومترات ويقتلون ويسحلون هناك في معركة إعادة الشرعية لتلك الدولة بينما تترك أراضيها المحتلة التي تحتاج إلى هذه الجيوش لتحريرها من المحتل الأجنبي … فلا تحزن أنت في دولة السودان
عندما تدرس الأساس (8 سنوات) .. والثانوي ( 3 سنوات) .. وتتخرج من الجامعة بعد ( 5 سنوات ) في كلية الزراعة بدرجة الشرف في دولة زراعية ( سلة غذاء العالم !! ) لتعمل بعدها ( على بسطة ) في سوق الخضار .. لا تيأس يا ابني … أنت في دولة السودان .
عندما تجد الإهتمام (بالإنترلوك والأسفلت) أكثر من الإنسان وتجد النساء يضعن مولودهن في ممرات عنابر المستشفيات وأجهزة الأشعة لا تعمل في هذه المستشفيات ويتم تجفيف مئات المدارس لعدم توفر الإمكانيات والغريب والعجيب تقام في هذه الولاية مهرجانات للسياحة تكلف المليارات !! .. فلا تستغرب كثيراً أنت في دولة السودان
عندما يسمح للصوص الدوليون المطاردون بالبوليس الدولي بالترشح لقيادة أكبر الأندية الرياضية العريقة في هذه الدولة … فلا تحزن أنت في دولة السودان
عندما تكون هناك عشرات الصحف التي تهتم بـ (الرياضة) ولا توجد رياضة .. ولا تكون هناك مجلة واحدة أو (نشرة) تهتم بالأمور العلمية … أنت في دولة السودان .
عندما (تضحك) عليك شركات الاتصالات و(تشفط) كل اللي في جيوبك ولم تقدم لك الخدمة المطلوبة ولا تدري إلى من تشتكي وإلى من تروح… فلا تغضب أنت في دولة السودان .
عندما لا تحصل على الترقية في عملك إلا (بواسطة) ولا تحصل على تقدير في الجامعة إلا (بواسطة) ولا تجد الوظيفة إلا (بواسطة) ولا تنتقل في عملك من مكان إلى آخر إلا (بواسطة) ولا تحصل على حقوقك إلا (بواسطة).ولا تجد حتى العلاج إلا (بواسطة) .. أنت مواطن مسكين مقهور مظلوم تعيش في السودان .
عندما تكتظ (المقاهي) ( وشارع النيل ) بالشباب على (بنابر) ستات الشاي وفي الصباح تنتشر ألاف صناديق (حبوب الترامادول والخرشة) الفارغة بعد إستخدامها في محاولة يائسة من الشباب للهروب من هذا الواقع البائس الغير مفهوم … لا تحزن أنت في دولة السودان .

عندما تصل إلى هذا السطر ولا زلت مستمراً في القراءة … الحمد لله هناك (مقهور غيري). ابتسم أنت في دولة السودان ….
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. “… يصرح هذا (البرطمان) بأن 70% من ميزانية الدولة ستذهب إلى الأمن بدون حياء”
    لا أعرف النائب المحترم (جداً) برطمان شخصياً.. و يبدو لي أنه كان يهاجم ذهاب 70% من الميزانية إلى الأمن.. و برطمان أحد القلة من أعضاء البرلمان الذين يقولون الحق في وجه الجائرين..

  2. “… يصرح هذا (البرطمان) بأن 70% من ميزانية الدولة ستذهب إلى الأمن بدون حياء”
    لا أعرف النائب المحترم (جداً) برطمان شخصياً.. و يبدو لي أنه كان يهاجم ذهاب 70% من الميزانية إلى الأمن.. و برطمان أحد القلة من أعضاء البرلمان الذين يقولون الحق في وجه الجائرين..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..