والكشه جات!!!… وشالو الكريستالات !!!

بسم الله الرحمن الرحيم

بالقرب من أرضنا الزراعية ، نما علي مر السنين ، سكن عشوائي من قادمين من غربنا الجريح ، والذي لم يكن بهذا الوصف الحزين يوم قدم هؤلاء ، فقد كان قيام مشروع زراعي كافياً لاجتذاب أناس من مختلف جهات السودان ، لكن التخصص في زراعة الفول السوداني بعملياته الشاقة ، والملزمة للمزارع بالتواجد المستمر ، ميز أهلنا من غرب السودان فاستقروا ، وشاركوا أهلي المهجرين في الزراعة ، والدخول في زراعة بقية المحاصيل البستانية . ومنذ صغرنا كنا نتحاشى الكمبو لارتباطه في أذهاننا بالخمور البلدية وجرائم القتل ، وبالطبع كان معاقري الخمر متعايشين معه تماماً. إلا أن التشارك في المدارس والزراعة قد أزال هذه الهواجس والحواجز تدريجيا . وبتقادم السنين ، صار أولاد الدفعة متشاركين وأصدقاء . وميزوا أنه ليس كل سكان الكمبو من صانعي الخمور ومرتكبي الجرائم . انما ظلمتهم قلة ، اضافة الي الثقافة الغذائية لدي بعض القبائل .وجرت مياه كثيرة تحت الجسر ونشأ واقع مختلف وثقافة مختلفة . وقد لاحظت ان من هم في أعمار الثلاثين والأربعين ، محتفظين بلغاتهم المحلية مع معرفة لا بأس بها بالنوبية ، اضافة للعربية بلكنة غرباوية . لكن هنالك فارقا مميزا بين الكنابي ذات التجانس القبلي التي تحتفظ بألسنتها الأصلية ،وأولئك الذين تساكنوا كقبائل مختلفة في حيز صغير .. فان من هم في العشرينات فما دون صاروا لا يتكلمن غير العربية بلكنة غرباوية ..
وقد مررت بواقعة طريفة وأنا ازيل الحشائش في الحواشة . فبعد ان فوجئت بإخفاء إحداهن اناء لصناعة الخمور بين الحشائش في حواشتي القريبة من الكمبو وتنبيهي لاحدي الساكنات بإبلاغ صاحبته بانني ان وجدته مرة أخري فسأحمله الي الشرطة،
كانت من اظن انها من نفس البيت تجمع الحشائش التي ازلتها لزيادة ما لديها لشويهات تستعين بها للبن اطفالها ، وقد اشفقت لحالها وهي حامل في شهور كبيرة ، وثلاثة اطفال منهم الرضيع والعامين وما نحوه . وبشقاوة الاطفال وفضولهم كان الطفلان يؤانسانني وامهما متحرجة . وطلبت منها ان تدعهم فهم اطفال وسيغادرون بعد ملء الجوال بالحشائش . ففاجأني أكبرهم وهو يحادثني بصوت طفل يردد اناشيد الروضة ( والكشه جااات .. وشالوا الكرستالااات!!) فانفجرت ضاحكا وامهم تحاول عبثاً كتمان ضحكة مجلجلة . وقلت له والله انت فضيحة .
هذه الواقعة وما سردت يوضح حقائق غاية في الاهمية هي :
? مدي الشقاء الواقع علي العنصر النسائي المحكوم بالتواجد المستمر بالكمبو والكد المستمر حتي في غياب الرجال خاصة عنصر الشباب الذين جذبهم التعدين الاهلي وصار من لم يذهب يقول انه يفكر في شغل الفيران كما يطلقون عليه تندراً
? ان العربية في السودان لا تشكل مشكلة كلغة تعايش وتواصل بين المكونات المختلفة ولكنها تصبح ام المشاكل اذا حولوها الي لغة سيادة . وكم اخطانا الفهم عندما اعتبرنا ان تواصل الجنوبيون مع بعضهم دلالة استعراب وكانت النتيجة المؤسفة بالانفصال .
بقي ان اختم بطرفة حيث كنت وزوجتي عائدان من واجب اجتماعي في قرية بعيدة وتأخرنا قليلا لعطل في السيارة وانزعجت زوجتي لان وقت الظهر كان يفوت . ولانني كان لي غرض مع شركاء في الزراعة ، قلت لها نصلي في الكمبو ، وبعد تعجب وافقت لانها كانت تعرف عن الاسرة بما احكيه وحرصا علي مواعيد الصلاة . وقد كان . ولكم ان تتخيلوا مستوي الحفاوة التي خرجت اثرها زوجتي وهي في غاية الارتياح .أعزائي .. نحن في وطن كامل الدسم ..وقابل بالكامل للتعايش . فلا تفسدوه علينا بالغلو من كل الاطراف

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..