تُستورد من إثيوبيا وتباع في ربكونا: الكركاسة (الجامايكا).. حبال اللساتك يربط ويفضل!

أم درمان ? محمد عبد الباقي

بعد حوالي ستة أشهر قضاها (أحمد أزرق) في مناطق التعدين بجنوب كردفان والنيل الأزرق عاد إلى أهله فقيراً كما ذهب، مما جعله يبحث عن مصدر رزق آخر، وأجل حلم الثراء بالذهب لزمن آت.

ومن ثم لجأ (أزرق) للعمل بائعاً متجولاً بأم درمان ووسط الخرطوم لكن مطاردات المحليات أرهقته وأهدرت وقته بحسب وصفه، فسافر إلى خاله في مدينة كسلا ليعمل في جنائنها الخضراء، إلا أن العيش لم يرق له بعيداً عن أسرته وأهله، فعاد بـ(خفي حنين) من الشرق، ومنذ ذلك التاريخ ألقى عصا الترحال ومزق تذاكر السفر، وقرر البحث عن رزقه في زحام أم درمان التي خرج من رحمها قبل (26) عاماً، فأرشده أحد أصدقائه إلى العمل في الحبال التي تستخلص من إطارات السيارات (الكركاسة)، فكانت المهنة التي خُلق لها وخلقت له.

الخروج من جوف الإطار القديم!

والكركاسة هي الخيوط التي يتم استخلاصها من إطارات السيارات بعد انتهاء صلاحية عملها كما قال (حمد أزرق). وأضاف يتم استخلاص الخيوط الموجود داخل الإطار من أجل إعادة استخدامها في عدة مجالات وأغراض محلية داخل وخارج الخرطوم وقال (أزرق) ضاحكاً: برضو الكركاسة لها تجار وزبائن، وكذلك مواسم تنتعش فيها تجارتها كغيرها من السلع الضرورية. وأردف متهكماً: ما فيش حد أحسن من حد، وما تنسى أن الكركاسة سلعة مهمة !!

الكركاسة.. تجارة إقليمية

بما أن (أحمد أزرق) أطلق عليها اسم الكركاسة إلا أن (محمد عبدالله آدم) صاحب متجر بسوق ليبيا قال: إن لها عدداً من الأسماء بجانب الكركاسه تسمى الصارقيل وقرنق.

وأبان أنهم يستجلبونها من إثيوبيا بعد أن نضبت مواعينها في السودان بسبب توقف التجار عن استيراد الإطارات المصنوعة من خيط الكركاسة واستبداله بأخرى مصنوعة من الأسلاك تزامناً مع تدفق البترول الذي نهض باقتصاد الدولة والشركات والأفراد.

وأضاف (محمد عبدالله) إلا أن عدداً من الدول المجاورة لا زالت تستخدم ذلك النوع من الإطارات خاصة الشقيقة إثيوبيا، التي ينشط عدد كبير من تجارها -الإثيوبيين- في تجارة هذا النوع من النشاط، فيصدرونها إلى السودان بطرق رسمية في شكل طرود كل طرد به (50) كيلو إلى السودان عبر الحدود مع ولاية القضارف.

وفي السودان يقوم بشرائها تجار محليون وبدورهم يقومون بتصديرها إلى عدد من مدن جنوب السودان منها ربكونا، وولاية الوحدة، وكذلك يتم تصديرها إلى تشاد وأفريقيا الوسطى.

استخداماتها!

وتستخدم خيوط الكركاسة – بحسب (محمد عبدالله) – في عدة أغراض، فخارج الخرطوم تستخدم في نسج الحصير وخياطة جوالات الفحم والتبش والعجوز والشمام وبناء القطاطي، وفي داخل الخرطوم كانت تستخدم في بناء الرواكيب إلا أن توفر الزنك خاصة الأميركي أضعف سطوتها، وقلل من أهميتها.

وبسبب متانتها وقوتها فإنها تحتاج لعمال مهرة لاستخدامها على حد قول (محمد عبدالله) الذي أوضح أن الكركاسة – خاصة تلك التي تستخدم في بناء القطاطي – تحتاج لعامل خبير في ربطها، لأن أي شخص لا يستطيع التعامل معها مهما كان قوياً.

أنواعها ومقاساتها!!

تتعدد مقاسات حبال الكركاسة بتعدد أنواع الإطارات المستخلصة منها فإطار اللودر يستخلص منه خيط مقاسه يتراوح بين (1,5 ? 2)متر، ويستخدم في أغراض معين وإطار الجامبو يستخلص منه خيط طوله واحد متر فقط، وله أغراض تختلف عن الأول، وأما إطارات الحافلات يستخلص منها خيط طوله نصف متر فقط، ومن ثم تأتي لساتك البي فورد والنيسان، وهذا الأخير أصبح نادراً.

وكشف (محمد) عن أن لساتك البوكس والركشات لا تستخلص منها خيوط لأن الأولى يعاد استخدامها في الكوارو والثانية تخصص لدرداقات.

وإما لساتك البرادو فلا تستخرج منها حبال ولا أسلاك لأنها مصنعة بطريقة معين تصلح فقط مجدداً لصناعة براميل يستخدمها الرعاة أو أصيص للأزهار.

تباع بالكيلو والربطة

ويقول (محمد عبدالله): إن خيط الكركاسة مثله والكثير من السلع يحتاج تحتاج إليه فئة كبيرة من الناس ولهذا تتعدد المهام التي يؤديها، فالمستخرج من إطار الحافلات يستخدمه الفحامة في خياط جوالات الفحم، وكذلك يستخدمه سكان الخرطوم في بناء الرواكيب وخيط اللودر يذهب للأرياف ويستخدم في بناء القطاطي.

وتختلف أسعار كل من هذه الخيوط، لكنها تباع جميعاً بالكيلو والربطة، ويوضح (محمد عبدالله) أن خيط إطار اللودر يتراوح سعر الربطة منه مابين (40- 50) جنيهاً وخيط إطار الحافلة والجامبو تباع الربطة منه بـ(20 -25) جنيهاً

اليوم التالي