ودمدني… عبق التاريخ وصدي الذكريات – 1

ودمدني مدينة الأحلام ….. عبق التاريخ وصدي الذكريات ( 1 )

سلسلة خواطر يكتبها: صلاح الباشا
[email][email protected][/email] [CENTER]
قبة الشيخ محمد مدني السني[/CENTER]

بدءاً أقول بأن هذه السلسلة من الذكريات سبق لنا نشرها قبل سنوات عديدة ، غير أن بعض أهل ودمدني والجزيرة عموما ظلوا يطالبوننا بأن نرسا كل الحلقات لهم بعناوينهم ، وأن بعضهم لم يتابعها بالصحف السودانية ، وآخرون يقترحون نشرهات في كتاب ، فقد كان رأينا أن نعيد نشرها بعد تنقيحها تارة أخري في هذا الموقع الباهر ( الراكوبة ) وذلك خدمة لعملية التوثيق أولا ثم لكل أهل الجزيرة وأهل ودمدني وماجاورها والذين قد خضنتهم مدن المنافي القربية والبعيدة ، ونأمل أن تكون ممتعة وتعيد لهم أجمل سنوات العمر وأجمل عصر يمر علي ودمدني الجميلة. فإلي شريط الذكريات معاً:
أطلت بخاطري وأنا أعمل قبل سنوات قليلة سابقة بالعاصمة القطرية الدوحة ، مراجعا لحسابات وزراة الخارجية القطرية خلال الفترة ( 1998 -2003 م ) ، أطلت فكرة إصدار هذه الذكريات بكل مكنوناتها من الحكاوي الرطبة عن مدينتي وعُشقي المستديم ودمدني .. مدينة الأحلام .. فقد كانت مناسبتها كالتالي :
ذات يوم وقد كان جو البيت عندي بالدوحة موحشاً كعادته بعد سفرعائلتي في صيف العام 2001م لإلتحاق بعض الأبناء والبنات بالدراسة الجامعية وقتذاك ( وقد تخرجوا الآن ) .. طاف بخاطري فجأة طيفها.. لم يفارق خيالي مطلقاً ذلك الطيف .. مذ تركت الوطن وأنا لا أزال خريجاً طري العود أعمل بالمملكة العربية السعودية وقتذاك في منتصف السبعينيات من القرن الماضي عقب تخرجي من كلية التجارة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ، وهنا أرجو ألا تذهبوا بعيداً ، لأنني أقصد هنا طيف مدينتي .. مدينة الأحلام وليس طيفاً آخراً ، رغم إعترافي بأن هنالك طيفُ آخر بالفعل في الخيال ، ولم لا يكون هنالك طيفان في الخيال. عموماً كنت مهموماً وأنا أدير محرك السيارة خارجاً ذات صباح مشرق من منزلي بالدوحة إلي عملي بالخارجية ، ودائماً ما أدخل علي إذاعة لندن ( بي بي سي ) لسماع نشرة الصباح من راديو السيارة أثناء (تسخينها) فالنشرة تأتي علي رأس كل ساعة ، لكنني في ذلك اليوم تحديداً قد صرفت النظر عن سماع الأخبار في (البي بي سي ) فقد آلمني وقتذاك رحيل المذيع المتفرد العريق ماجد سرحان الفلسطيني الأصل ونجم إذاعتها المقتدر في لندن ، كنت أحب صوت الرجل وأحب مداخلاته وخفة دمه من وقت لآخر في – هنا لندن هيئة الإذاعة البريطانية- ( يرحمه الله) ، كما أنني قد مللت تكرار أخبار تفجيرات برجي مركز التجارة في نيويورك وأنباء الضربات الموجعة علي طالبان في بلاد الأفغان خلال تلك السنة من العام 2001م ، لذلك فقد أدرت شريط كاسيت كان مركوناً بمسجل العربة و لم أكن أدري ماذا بالشريط من غناء يريحني، ولمَن مِن أهل الإبداع في بلادي يكون ذلك الشريط ، فكنت فقط أريد أن أسمع شيئاً من الغناء السوداني يزيح عني ذلك الضغط المحتقن داخل صدري ، فجاءني صوته هادئاً ، ولكن بنبراته القوية الواضحة المعالم وتصحبه موسيقي في هدوء شاعري متميز وجاذب:
مالو .. أعياه النضال .. بدني?
روحي ليه.. ليه مشتهية ودمدني
كنت أزور أبويا .. ودمدني..
وأشكي ليهو ?الحضري والمدني
فقلت ياسبحان الله ، ما أجمل هذا الصباح ، إذ سرعان ما بدأ الهم والغم يتسرب من صدري وينسحب بعيداّ بعد أن جثم عليه بكل عنف يوماً كاملاً ، فإنزاحت سحابة الغم الداكنة من خيالي بعد أن جاءني صوته.. صوت أبو الأمين كي يشدني مع جماليات خليل فرح إلي جماليات ودمدني .. عشقي المستديم.. ودمدني التي كانت ولا تزال تعانق النجوم .. وتتغطي بالنجوم ، ونحن أيضاً نعلق أنجمنا عليها ، فإنتشيت وحلقتُ في أجواء عالية ( إلي حيث لا حيث ) ، فطافت بخيالي ذكريات أزمنة كانت رشيقة وخبايا أمكنة كانت حقيقة في تلك المدينة الوطن ، ليمتليء كياني ويزدحم ، فتسمرتُ ولم أحرك السيارة من جراج المنزل إلا بعد إن إنتهت تلك الأغنية الخالدة التي قام الفنان محمد الأمين ببعثها من جديد بعد أن كانت قابعة في سجلات التاريخ حين كتبها الراحل الرمز الوطني المبدع ( خليل فرح) في عام 1930م وهو في طريقه بالقطار من الخرطوم صوب ودمدني للمشاركة في فرح فنان السودان الأول ( الحاج محمد أحمد سرور) إبن قرية ودالمجذوب شمال ودمدني ، فشدتني الأغنية تماماً نحو عُشقي .. نحو مدينة الأحلام .. ودمدني? ورحم الله خليل فرح ، ورحم الله سرور.
ولأجل ذلك.. وبسبب كل ذلك .. وبسبب كل تلك الحزمة من الوجد والعشق لودمدني الروح كانت رائحة الرواية تستفزني أن أكتبها .. فكانت ودمدني هي تلك الرائحة، ولأجلها جاءت فكرة هذه الذكريات .. جاءت لتحكي ودمدني قصتها بنفسها .. تحكي بعضُُ منها لأهل السودان عامة ولأهل ودمدني في كل مكان.
لذلكً نقول .. تفضلوا معنا في ودمدني التاريخ بكل أسرار حكاياتها .. ومفاصل حياتها الثرة المكتنزة بكل ألوان الجمال التي كانت متناثرة هناك في مدينة الأحلام .. إلي ودمدني بكل ضواحيها التي تحاصر وتحيط بها إحاطة السوار بالمعصم وتجمِّـل خاصرتها لتكتمل حكايتها .. وإلي ناسها وإلي أحيائها بكل حواريها وأزقتها.. إلي همومها وإهتمامات أهلها المتعددة المتألقة في ذلك الزمن البعيد القريب.. وإلي مفاصل حياتها الإجتماعية والأدبية والفنية والسياسية وعمالقة الرياضة فيها منذ زمن بعيد ، وإلي حلقات الذكر والقباب التي تحرسها برعاية الله من كل الشرور.. وإلي حكاوي أسواقها الرشيقة .. وشخصياتها الجادة والمرحة أيضاً .
مع كل ذلك الزخم ذو الطعم اللذيذ .. نواصل الحكاوي .. عن مدينة الأحلام .. ودمدني .. والتي حصرناها هنا في عشر سنوات هي في تقديري تعتبر العصر الذهبي لنا وللمدينة معاً ( 1961- 1970م ) حقبة الستينيات من القرن العشرين حيث ولجنا فيها إلي الدراسة بالمرحلة الوسطي بالأهلية ( ب ) بمدني ، ثم بودمدني الثانوية ، فالرحيل إلي الخرطوم في العام 1970م للدراسة الجامعية …. نواصل ،،،،،،

تعليق واحد

  1. يااخي قديتنا قد بذكرياتك النرجسية الوطن يحترق وانت ناااايم في مقالاتك دي اكتب عن الثورة عن فساد البشير عن فساد الذمم يا باشا عليك الله. فقعت مراراتنا

  2. يعنى نحنا نطفش أكتر من كده نمشى وين يعنى ! كرهتنا السخينة ذاتا .. أرحمنا وأرحم نفسك يا(مراجع حسابات وزارة الخارجية القطرية) ! وبعدين لو كنت خريج ( هارفارد) كان سويت فينا شنو ! ماشايفنا والناس التحت ديل قلنا ( الرووووووب ) !

  3. عفوا أصدقائي .. زملائي .. أهلي .. ودفعتي ايضا الذين طلبوا مني مواصلة نشر الذكريات وعدم الإهتمام لما يتم نشره هنا من تعليقات يظللها القبح الكئيب ولا تتماشي وسلوكيات هذا الموقع الجميل ، وهاأنذ أستجيب ، فكل إناء بالذي فيه ينضح .. وسيتواصل النشر حتي الحلقة العاشرة بلا توقف .. المهم في الأمر أننا نحمدالله بأن السلسلة ليس فيها قدح أو ذم أو إساءة لأحد .. ونتمني من كل صاحب ذكريات له القدرة والوقت أن ينشرها هنا .
    والله متم نوره.. والله غالب أمره أيضا .

  4. يا باشا يا رائع في كل مرة تكبت فيها عن مدني الجميلة و عن مشروع الجزيرة نحلق معك في اجواء جزيرتنا الرائعة و في اجواء مدني الجميلة و نحلق معك في ذكرياتنا مع الصور .
    في انتظار المزيد يا رائع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..