أخبار السودان

التلفزيون القومي … الإدارة تنهب أموال العاملين، والأجهزة “الخُردة” تتسبب لهم في السرطان والفشل الكلوي (1-2)

تحقيق: سلمى عبدالعزيز

كان حُلم وزير الإعلام الأسبق اللواء طلعت فريد كبيراً وهو يمد يده مُصافحاً مندوب جمهورية ألمانيا بعد عقده لصفقة إستلمت البلاد بموجبها (3) كاميرات و معدات إنشاء لثلاث أستديوهات هُن نواة أول فضائية قومية شهدتها البلاد في العام ( 1963 ) . لم يكن ” فريد ” يعلم أنّ ذاك الُحلم الذي إستغرق تحقيقه سنوات عِدة ، سيتحول بمرور الزمن إلى ( كابوس ) يؤرق مضجع من يحملون هم إستمراره والمُحافظة عليه ـ وكيف يُحافظ عاملين على إرث تُحاربه الدولة وتتفنن في أساليب هدمه ؟!ـ فتحول من تلك القناة التي يهرول المواطنين إلى سوح الميادين والنوادي لمشاهدتها ، إلى (مسخ ) و( تمومة ) عدد ليس إلا ، وفضائية لا تُفتح إلا نتيجةخطاء إرتكبه ( الريمود ) سرعان ما يُصحح بالإنتقال إلى قناة أُخرى تحترم مُشاهديها .
( أخر لحظة ) وصعت السؤال التالي ، من خلف تدمير التلفزيون القومي ؟! ، وراحت تنقب وتنقب كما يفعل المُعدنين بحثاً عن الذهب في الأقاليم النائية وصولاً إلى الحدود ، ولأنّ المعلومة باهظة الثمن كماالذهب، لم يضيع ذاك العناء هبائا منثور ، إذ خرجنا بحصيلة معلومات جيدة رفدنا بها هذا التحقيق .
من القمة إلى الهاوية
في هذا ( التحقيق ) سنُحاول سبل غِوار مسيرة ( 54) عاماً ، هُن عمر فضائيتنا القومية مُنذ إبتداء البث التجريبي من داخل إستديوهات الإذاعة الأم ( إذاعة أم درمان ) بواسطة جهاز صغير لا تتجاوز قوته الـ( 100) واط ، لم يتخطى حدود العاصمة المُثلثلة في العام ( 1962) ، حيث كان المواطنين شيباً وشباب وأطفال يهرلون إلى الميادين العامة لمُشاهدة ذاك ( السحر ) ، ثم ينهضون نافضين حُبيبات الغبار عن ثيابهم بعد إنقطاع البث مُتمتمين ( أما والله حكاية ) ، مُروراً بفرحة وصوله لمدني حاضرة ولاية الجزيرة في العام ( 1970) ، ثم إنتشاره في كافة بِقاع السودان ، مُنتجاً أهم البرامج التي مازالت راسخة في أذهان المُشاهدين كـ( صور شعبية ، مشوار المساء ، وأسمار وشوارد ، وفرسان في الميدان ، ومحطة التلفزيون الاهلية ، وسينما سينما ، والصلات الطيبة ، وساحات الفداء ، وصباحك يا بلد ، وأصوات وأنامل ) ـ هذه البرامج على سبيل المثال لا الحصر ـ إضافة لإنتاجه لأفلام وثائقية عظيمة مثل (صائد التماسيح ) تلك السلسلة الوثائقية الخالدة ، ثم ( مراكب الشمس ، صناعة الفخار ، وبادية الحوازمة ، وبيت الثعبان )،مساهما في توثيق كل مناحي الحياة السودانية السياسية والاقتصادية بكل ضروبها . ختاماً بتأرجحه على حافة الهاوية الآن،حيث توقف نشرة العاشرة لأن إستديوهاته أصابها الوهن الشديد وإنقطاع التيار الكهربائي نظراً لديون أثقلت كاهله ، وخروج موظفيه في مُظاهرات مُطالبين بحقوقهم المهضومة . ما نسرده في هذا المساحة ليست سوى رحلة سقوط من ( القمة إلى إدنى الهاوية ) .
مُؤامرات مُدبرة
أول الذين جلست معهم ( أخر لحظة ) أمين أمانة الشباب والعمل بالفرعية النقابية للعاملين بالهيئة العام للإذاعة والتلفزيون مُعد البرامج والمُعلق الرياضي المعروف خليل محمد أحمد ، والذي بدوره كشف الكثير عما يدور في كواليس القناة القومية من ما وصفه بالمؤامرات المُدبرة من قِبل عرابي الإعلام الذين لا يفقهون فيه شيئاً سوا منافعهم الشخصية ـ على حد تعبيره ـ ، مُضيفاً فسعوا عبر هذا الجهاز السيادي الحساس من أجل تحقيق مأربهم الخفية ، والتي بطبيعة الحال بعيدة تماماً عن تطوير وتأهيل التلفزيون القومي .
مخزن خُرد
ويمضي ” أحمد ” أبعد من ذلك في حديثه معنا قائلاً : لقد حاول هؤلاء الناس تصفية هذه القناة الخالدة لصالح قنوات أًخرى ، مُستخدمين أسلحة مُتنوعة وفتاكة ، فتارة يقومون بتقليص ميزانية البرامج وأحياين كثيرة عدم وضع ميزانية لها مُطلقاً الشئ الذي قاد إلى ضعف واضح في البرامج التي تُقدمها القناة ، في ظل مُنافسة قوية من قِبل القنوات الأُخرى ، والتي تبذل أموالاً طائلة لإنتاج برامج تجذب المُشاهدين وتنال القبول والإستحسان، وتارة أُخرى بإهمال الأجهزة والمعدات من ( كاميرات ، ومعدات الإستديو … الخ ) ، الشئ الذي حول ذاك المبنى إلى مخزن يضم كميات هائلة من الأجهزة البالية والمُتهالكة .
إصابة العاملين بالسرطان
أما السلاح الأكثر فتكاً الذي وجهه المتأمرين صوب التلفزيون القومي تمثل في إهمال كادره البشري والتواطؤ في تأهيله وتدريبيه ، بل وإهمال الجانب البيئي والصحي داخل القناة ، الشئ الذي أثر سلباً على العاملين . ولمزيد من التمحيص وجهت الصحيفة سؤالها مباشرة ، هل هناك حالات إصابة بالسرطان بين العاملين بسبب الإشائعات المنبعثة من الأجهزة لإفتقار التلفزيون أجهزة المعالجة الخاصة بها ؟ ، فجاء رد ” أحمد” مؤلماً وأكثر قسوة عندما قال : إن بيئة العمل سيئة ومتأرجحة للغاية ، مُضيفاً الإشعة العالية والمُضرة تفتك بالعاملين ، وقد تسببت بإصابة عدد ليس بالقليل بالسرطانات والفشل الكلوي والسكتات القلبية ، إضافة إلى مُعاناة بعضهم من الرطوبة العالية ، مُردفاً كل ما ذكرت تعمل الفضائيات الاُخرى على مُعالجاته بطرق علمية معروفة وجيدة ، إلا أنها غير متوفرة في التلفزيون القومي ، بالرغم من أنّ قوانين العمل تُلزم بتوفرها حفاظاً على صحة العاملين ، قائلاً : ( يؤسفني أنّ هذه المعدات والأجهزة كانت متوفرة بالتلفزيون منذ العام (1992) ، إلا أنّها أختفت في الـ(20) عاماً الأخيرة) .

إستبداد إداري
إستنطاق بعض العاملين في التلفزيون القومي ( مذيعين ، مصورين ، معدين ، … الخ ) لم يكن هينا ، وذلك لأنّ حالة من الحذر الشديد المقرون بالخوف على وظائفهم كانت تتملكهم ـ فبالرغم من أن جلهم لم يكن راضياً عن الوضع المزري الذي بلغته الجهة التي يعملون بها ، وبالرغم من ماوصفوه بالإتهاض وعدم التقدير الذي يقابل به مجهودهم ، إلا أنّ كل ما ذكرت لم يشكل دافعاً لتركهم القناة والبحث عن مصدر رزق أخر ، فالعمل الإعلامي كما قال أحدهم ( إدمان) . الشئ الذي جعلني أتجه فوراً صوب أمين الشباب بالهيئة النقابية مرة أُخرى، عله يتحدث نيابة عن زملائه ، يقول ذاك الإعلامي الذي أنفق ( 15) عام من عمره داخل مباني التلفزيون القومي لـ( أخر لحظة ) يتعرض العاملين في التلفزيون القومي لابشع صور الظلم والاستبداد الاداري حيث لم تأتي كافة المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي قام بها هؤلاء العاملين أُكلها ، مُضيفاً بيئة العمل باتت سيئة للغاية ، أما ما يفوقها سوءاً هو ما تنتهجه الإدارة من نهب لأموال العاملين (نهارا جهارا ) من خصم لمرتباتهم قد يصل للنصف مُتدثرة بأسباب واهية ولوائح تتعارض مع قوانين ( السماء والأرض ) ، ومُخالفة لحقوق الإنسان وما ينص عليه الدستور ، الشئ الذي جعل بعض ( المحملين ) من أرباب الأُسر ييممون شطر دول المهجر طلباً لرزق يسد جوع أبنائهم . خاتماً حديثه لـ(أخر لحظة ) بقوله : ” هُناك من يُريد إفراغ التلفزيون القومي من العاملين وإغلاق أبوابه بـ( الطبلة والمفتاح ) ”
*في الجزء الثاني تقرأ
? أين ذهبت كشافات إستديو ( علي شمو ) ؟!
? التلفزيون القومي بلا ( إرشيف ) ! …
? إين تذهب الأموال المستقطعة من المغتربين بإسم التلفزيون القومي ؟

تعليق واحد

  1. وكذلك اداره حجاج الجزيزه تنهب
    اموال الحجاج ويمكثون يومين خارج
    العاصمة وحين تم الاتصال علي الامير
    وجدوهو سافر السعودية في بلدي
    الكل ينهب والكل يفسد والكل الا من
    رحم ربي

  2. ليس مستغربا أن تقوم جهات ذات مصلحه فى تصفية التلفزيون
    فى تصفيته وافراقه من محتواه. فما تسمى الحكومه قد قضت على كل ما
    هو قومى وحكومى لصالح حيتانها التى تبتلع كل ما يصادفها فى الطريق.
    مما فبه مصلحة الوطن من أجل الخصخصة.

  3. حليل الزمن الجميل اوائل الستينات.حيث دخلنا التاريخ من اوسع ابوابه بانشاء ثالث محطة تليفزيونيةبعد جنوب افريقياوجمهورية مصر.علي يد المرحوم اللواء محمدطلعت فريد(طيب الله ثراه)وبعدها ساهم في انشاءالاستادات الثلاثة الهلال والمريخ والموردة وتاهيل استاد الخرطوم.لكن من جاء بعده عيييييك لم يحافظوا علي ارثه.اين العيب واين الخلل .نعيب زماننا والعيب فيناوما……

  4. لا اله الا الله محمد رسول الله.والله احسن شئ انو التلفزيون دا يغور فى ستميه داهيه بعد كنس الزباله كل شئ سيعود فى السودان الى سيرته الاولى شكرا للتحقيق.

  5. وكذلك اداره حجاج الجزيزه تنهب
    اموال الحجاج ويمكثون يومين خارج
    العاصمة وحين تم الاتصال علي الامير
    وجدوهو سافر السعودية في بلدي
    الكل ينهب والكل يفسد والكل الا من
    رحم ربي

  6. ليس مستغربا أن تقوم جهات ذات مصلحه فى تصفية التلفزيون
    فى تصفيته وافراقه من محتواه. فما تسمى الحكومه قد قضت على كل ما
    هو قومى وحكومى لصالح حيتانها التى تبتلع كل ما يصادفها فى الطريق.
    مما فبه مصلحة الوطن من أجل الخصخصة.

  7. حليل الزمن الجميل اوائل الستينات.حيث دخلنا التاريخ من اوسع ابوابه بانشاء ثالث محطة تليفزيونيةبعد جنوب افريقياوجمهورية مصر.علي يد المرحوم اللواء محمدطلعت فريد(طيب الله ثراه)وبعدها ساهم في انشاءالاستادات الثلاثة الهلال والمريخ والموردة وتاهيل استاد الخرطوم.لكن من جاء بعده عيييييك لم يحافظوا علي ارثه.اين العيب واين الخلل .نعيب زماننا والعيب فيناوما……

  8. لا اله الا الله محمد رسول الله.والله احسن شئ انو التلفزيون دا يغور فى ستميه داهيه بعد كنس الزباله كل شئ سيعود فى السودان الى سيرته الاولى شكرا للتحقيق.

  9. ياخ مشروع الجزيرة انتهى السكة حديد المواني سودان لاين الاقطان الحبوب الزيتية الصمغ العربي كل دي انتهت جات على التلفزيون خلي يروح في ستين داهية اصلا

  10. ياخ مشروع الجزيرة انتهى السكة حديد المواني سودان لاين الاقطان الحبوب الزيتية الصمغ العربي كل دي انتهت جات على التلفزيون خلي يروح في ستين داهية اصلا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..