الهامش يتداعى والمركز يتهاوى

الهامش يتداعى والمركز يتهاوى
الامير / حامد يوسف ماهل بشار
يحسب لصالح زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل دكتور / جون قرنق حالة الوعي الكبير والصحوة التي إنتابت الهامش السوداني المطالبة بحق العيش في وطنه متمتعاً بحقوقه الدستورية في دولة يتساوى فيها الجميع، وقد فند الراحل / قرنق المزاعم التي بنى عليها المركز مبرراته لمحاربة الثوار الجنوبيين وإقناع الشعب السوداني الذي عاش في غيبوبة ردحاً من الزمان، ويتعاملون مع مطالب أهل الجنوب الشرعية بالقهر والإستبداد، وتنبني هذه المبررات على أن الجنوب يعمل على تهديد الديانة الإسلامية والثقافة العربية ويعرض وحدة السودان للخطر، ولكن المؤتمر الوطني اصبح هو الخطر الحقيقي الذي سيورد البلاد موارد الهلاك وأصبح يفتقر الوعي السياسي والرشد الاخلاقي في تعاطية مع قضايا الوطن المصيرية واصبح آلة لهدم القيم السودانية التليدة والراسخة ومبادئ التدين في نفوس الشعب وزرع الشحناء والبغضاء بين الناس ومشي بينهم بالنميمة وقطع الارحام وشرد مئآت الآلاف أما لاجئين في دول الجوار أو نازحين داخل أوطانهم يترقبون الموت بأيدي حكومتهم التي فشلت في توفير ابسط مقومات الحياة لهم وقسمت بين شعب دارفور لشيع واحزاب وقبائل يذيق بعضهم بأس بعض برعاية حكومية وبنزعة إجرامية تفتقر إلى أدنى قيمة أخلاقية ووطنية.
ان الحكومة تنفق ما يعادل 18مليون دولار يومياً للحرب في دارفور وتقصف القرى الآمنة وقتل الشيوخ والنساء والولدان دونما رحمة أو وازع ديني، وتبشر بإسترتيجية سلام دارفور التي يغلب عليها الطابع الامني والعسكري على الجانب الانساني والتنموي، فهي إستراتيجية حرب ليس إلا ولن تفلح مادام الشعب متمسك ومصر على مواصلة طريق الكفاح وحقوقة الانسانية المشروعة التي كفلتها له الشرائع السماوية ومبادئ حقوق الانسان التي تواضع عليها العالم المتحضر الحر.
ويحمد لحركة العدل والمساواة السودانية إنتهاجها مسلكاً مغايراً لما سلكه غيرها من الحركات الثورية السودانية بوضع بند الحريات الاساسية وحقوق الانسان على قائمة الاهداف الرئيسية لمبادئها التي تناضل من اجلها مما جعل قطاعات واسعة من المجتمع السوداني والفئات المستنيرة تيمم وجهها شطر الحركة، واخذت كثير من الحركات الثورية تتجه صوب حركة العدل والمساواة لتكامل الجهود وتنسيق المواقف للضغط على أؤلئك الذين جسمواعلى صدر الشعب السوداني واذاقوه الازلال والمهانة، وقمعوا الاحرار والشرفاء وضيقوا على الصحافة وكبلوا الناشطين من ابناء الوطن الاوفياء للقيام بدورهم التوعوي والارشادي لهذا الشعب العظيم.
وبإعلان الجبهة الشعبية الديمقراطية بقيادة الاستاذ / صديق أندل الوحدة الاندماجية الكاملة مع حركة العدل والمساواة وإصدار بيان مشترك في الفاتح من يونيو، يعد ثمرة لحوار مطول ودقيق وشفاف حيث عرف عن الاستاذ / صديق اندل تجربته الثورية الطويلة في محاربة نظام المؤتمر الوطني الجائر وقناعاته الراسخة حول قضية السودان الذي تم إختطافه عبر مجموعة من المغامرين الذين اوردوه موارد الهلاك ودمروا مؤسساته المدنية والعسكرية والبنيات التحتية، وطالت اياديهم الاثمة حتى أخلاق الناس فتفشت المحسوبية والفساد المالي والرشاوي وإنعدمت الشفافية والمحاسبة وقال الشاعر ( إذا اصيب القوم في اخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا )، وبإعلان الجبهة الشعبية الوحدة الكاملة مع حركة العدل والمساواة تكون قد اخذت قضية درافور منحنى آخر، ولهذه الخطوة دلالة كبرى وهي إلتحاق أبناء القبائل العربية بالمد الثوري حيث ان هذه الحركة غالبيتها تتكون من القبائل العربية وقد صرح السيد / اندل ان حركة العدل والمساواة قد تجاوزت بفضل سعة افق قياداتها المربعات الآسنة التي ظلت تلغ فيها بعض الحركات التي إنغلقت على القبلية وإنكفأت على نفسها حتى تجاوزها الحراك النضالي المبني على العقل والواقعية.
فقد إلتحقت كذلك مجموعات مؤثرة من شرق السودان وشماله الذين اذاقهم حزب المؤتمر الوطني الويل والثبور وصادر حرياتهم وتغول على مكتسباتهم الاقتصادية والثقافية.
كما ان إنضمام مجموعة ابناء جبال النوبة بأعداد غفيرة بقيادة الاستاذ / التوم حامد توتو وهو ناشط سياسي وأستاذ جامعي قضى سنين عديدة في سجون النظام وله تأثير واضح على المشهد السياسي في جنوب كردفان ومن أسرة الفكي الميراوي لحركة العدل والمساواة يعتبر ذلك تداعي اهل الهامش حول قضيتهم الاساسية لإزاحة الظلم التاريخي الذي طال أمده والعتمة التي حجبت الابصار.
آن للشعب السوداني أن يقول كلمته الفصل في إنهاء هذه المسرحية سيئة الاخراج ويلحق هذه الحكومة بأخواتها من الحكومات الدكتاتورية التي تعيش غير مأسوف عليها في مزبلة التاريخ.
الامير / حامد يوسف ماهل بشار ( أبوصهيب )
19/07/2011