من كل فج عميق.. ٣٠ يونيو ..تفاصيل مواكب الخرطوم

تقرير : محاسن أحمد عبدالله

منذ الصباح الباكر كانت أغلب المداخل المؤدية إلى محطة باشدار نقطة إنطلاق الموكب مغلقة بأفراد وسيارات الشرطة التي إرتكزت بداية في إستوب الميناء البري وهي تمنع السيارات من العبور شمالا ،كذلك إرتكزت قوة أخري في إستوب الصحافة شرق المؤدي إلى الخرطوم ومنع الثوار من العبور ، كذلك تواجدت قوات شرطة أخرى في شارع ٤١ المؤدي غربا الي محطة باشدار.
لم يهتم الثوار لتلك الارتكازات جميعها بل تم تجاوزها في وقت وجيز وهم يعبرون حيث الوجهة المتفق عليها كما السيل الهادر .

*حماس الثوار*

لم يتخلف الثوار عن موكب ٣٠ يونيو الذي كانت وجهته القصر الجمهوري، صغارا وكبار ،شيبا وشبابا ، نساء وأطفال حضروا جميعا من كل فج عميق تسبقهم هتافاتهم وحماسهم الشديد، كانوا يحملون أعلامهم وصور شهدائهم وكأنهم علي وعد بأن القصاص قريب ، إشتعلوا حماسا وإهتزت الارض بخطواتهم القوية ودواخلهم معبأة بحب الوطن وتقديم أرواحهم فداء له.

*التحام المواكب*
التحمت جميع مواكب جنوب وشرق الخرطوم في باشدار منذ الصباح الباكر ،وقتها كست الفرحة وجوه الجميع وتعالت الاصوات بالهتافات والنشيد في مشهد لا يمكن وصفه وصور الشهداء ترفرف عاليا وزغاريد النساء تشق عنان السماء ، وأصوات دق الطبول العالية تزيد الناس حماسا لتزلزل أرجاء المكان.

*الطريق الي شروني*
توجه الموكب ناحية موقف شروني وعند المرور من أمام مستشفي الجودة خرج الاطباء وهم يلوحون بعلامة النصر فيما هتف الثوار (شكرا شكرا جيشنا الابيض)
تقدم الجميع وقبل الوصول الي شروني وقتها تقدم العسكر وكانوا يصطفون كحائط صد لمنع الثوار من العبور ناحية القصر وكان وقتها ملوك الاشتباك كعادتهم يتقدمون الصفوف ببسالة وشجاعة نادرة ، لم تمر لحظات حتي قام العسكر كعادته بقذف البمبان مباشر ناحية الثوار لتفريقهم الا أن إصرارهم بعدم التراجع لتحقيق هدفهم جعل العسكر يطلقون البمبان بكميات كبيرة بجانب عربة مخصصة لرش الثوار بماء حارق للجسد يجعل كل شخص تعرض لها يشعر بسخونة شديدة في جسده وتم رصد عدد من الحالات لأطفال وشباب.

*ضرب الثوار*
كان الثوار يتقدمون والعسكر يتراجعون حتي مابعد موقف شروني الا أن أنهم كانوا يقذفون البمبان بكثافة ومباشر في أجساد الثوار لتعطيلهم وكانت الدراجات النارية حاضرة وهي تقل المصابين إصابات خطيرة لمستشفي الجودة فيما تولى أطباء الميدان أمر الإصابات الخفيفة بمداواتها.
بعد منتصف النهار تم ضرب القنابل الصوتية بجانب البمبان والذخيرة الحية فيما إتجه بعضهم غربا ثم جنوبا لمحاصرة الثوار إستعداد لضربهم وكان هناك في الإمام ملوك الاشتباك من الشباب يسجلون مواقف بطولية في معركة غير متكافئة كانت نتيجتها أعداد كبيرة من الإصابات.

*وفاة (سيزر)*
فجأة دوي المكان باصوات الصراخ والهتاف معا وذلك بعد أن أطلقت رصاصة غادرت أصابت الترس (سيزر) أحد أبناء منطقة الديم ليتم إسعافه علي وجه السرعة الي مستشفي الجودة حيث يتم إسعاف المصابين.
بعدها إتجاه أغلب الثوار الي مستشفى الجودة حيث يتواجد المصابين الذين فاق عددهم العشرات مابين الإصابات الخفيفة والخطيرة وهناك تم إعلان وفاة الترس (سيزر) ليعيش الجميع حالة من الحزن الشديد.
منظر الثوار وهم يقفون أمام بوابة المستشفي وآخرون يفترشون الأرض منظر لاينسي، كان الحزن باديا في ملامحهم وكانت أعينهم غارقة في الدموع والبعض الاخر تعلو أصواتهم بالبكاء المر وبعضهم يواسي بعض علي الفقد الجلل.

*جمعة الغضب*

لم يكن موت الترس (سيزر) بالامر الهين حيث خرجت منطقة الديوم الخرطوم عن بكرة أبيها ووقفت علي قلب رجل واحد وهي تعبر عن غضبها لما حدث لتعلن لجان المقاومة التصعيد بما تسمي ب(جمعة الغضب) فكان صباح اليوم الجمعة إعتصام للثوار في الشوارع وبالقرب من مستشفي الجودة رفضا للانتهاكات فيما كن النساء حاضرات بإعداد الوجبات ومساعدة الثوار مع رفضهن الشديد للقمع والقتل الا أنهم أكدوا أن جذوة الثورة ستظل مشتعلة لن ينطفئ نورها ،وجميعهم يرددون شعار (لاشراكة،لاتفاوض،لاشرعية).