مقالات وآراء

أهل توتي.. أيها العنصريون.

أهل توتي عنصريون، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، و أقولها دون خوف أنتم أيها (التوّاتة) عنصريون حتى النخاع.
تشرّبتم العنصرية من أجدادكم حتى صارت تجري (في مسارب الدم) كما يقول الراحل إسماعيل حسن، ليغضب من يغضب منكم و ليرضى من يرضى.

و العنصرية في حقيقة الأمر أشكال و ألوان، ألوانها تتدرج من الأسود نزولاً حتى الأَبيَض.
هنالك العنصرية التي تنبنى على نوع البشر، أوروبي.. زنجي..و ما بينهما.. وهذه عنصرية سوداء بغيضة… مُنتنة (متعفنة)، كما في الحديث الشريف.

و منها التي عندنا هنا في السودان، قبيلتي و قبيلتك، لوني و لونك، أهلي و أهلك…. تمثلها و تجسّدها بعض برامج الدوبيت التي تفيض بها قنواتنا الفضائية، عنصرية الطاقية (المشنّقة) حتى الحواجب … و مفردة نحن و نحن و نحن.. التي تعدد مآثر القبيلة وليس الأمة، يصدر هذا من شباب مع الأسف كان المأمول فيهم عدم التباهي بالقبيلة بتلك الصورة الفجة. تلك أبغض العنصريات و تأتي في المرتبة الاولى.. سوداء كالحة… مظلمة (متل اليوم ال شال أبوي) كما تقول النساء في قرى الجزيرة.
أما العنصرية البيضاء، فهي مثل عنصرية أهل توتي، عنصرية المكان، عنصرية الإنتماء و الإلتصاق بالتراب، و التفاني في المحبة لأرض الأجداد. تلك عنصرية موجبة قد تكون موجودة في كل مكان و لكن لدى أهل توتي أقوى و أوضح، ولمن يريد رؤيتها عليه متابعة مآسي أهلها التي خلفها الفيضان، و قراءة ما بين الجُمَل التي يقولها أهل توتي المتكاتفين على قلب رجل واحد… بل على قلب إمرأةٍ واحدة، قلب المرأة أوسع و أرحب و أحن و أعطف، و لذلك فهو الأجدر بالمثل.

ولكن السؤال المر الذي نطرحه، لا لنفتح به المزيد من الجراح التي أثخنت تلك النفوس الصابرة، و لكن نطرحه من باب الإشفاق عليها.. لماذا دائماً ياتي أهل توتي متأخرين؟ أو لماذا كل السودان يأتي متأخراً؟ في كل عام و (من الله خَلَقنا و شفنا خِلَقنا) كما يقول الراحل محمد سالم حميد و أهل توتي يعانون في كل فيضان، في كل سنة.
لماذا لا يكون هنالك إحتياطي من شوالات الخيش المعبأة بالتراب بالآلاف المؤلفة لدى أهل توتي قبل كل فيضان؟، مشكلة هذه السنة غريبة.. ليس هنالك شوالات و الأنكى أنه ليس هنالك تراب، ولكم ان تتصوروا عمق المأساة عندما لا يكون هنالك تراب!! .يا مثبت القلوب!، ليس هنالك تراب لأن الماء قد غمر كل (الحتت) كما يقول (الراحل المقيم اللمبي)، مما جعل الشباب يصنعون تروساً باجسادهم التى على المياه لا تقوى.

بل لماذا أساساً نستخدم الشوالات المعبأة بالتراب لوقف المياه الكاسحة؟ في أي عصر نحن يا عباد الله؟ لماذا لا توفر البلدية المعدات اللازمة لسد الثغور و الخيران التي يتدفق خلالها الماء قبل حدوث الفيضان، أكرر (قبل)، و تكون (ستاندباي) بالجزيرة، أكرر (بالجزيرة) لتقوم بعملها في اللحظة الحاسمة و بالقوة الحاسمة إذا هدد الماء بإكتساح ما بنوه من تروس؟
و لماذا يصر حمد الريح و قد غمرت المياه نصف الجزيرة أن يخبرنا بأنه أهله قد ترسوا البحر بالطواري، و أنهم ما شالوهم باللواري، و أن أولاد الفرسان أعجبوه لأنهم (ملصوا) البدل و القمصان و ترسوا البحر خيرسان؟ لماذا نستعمل الطواري في هذا العصر، وهل هذه مهمة الدولة أم مهمة الأفندية (ليملصوا) البدل و القمصان لصد المياه؟ كل هذا عمل دولة و منظمات شبابية كان يجب أن يحدث قبل أن تقع الفأس في الرأس، و لكن في كل سنة (يُفلق) رأس الجزيرة الوادعة، حتى ما عاد فيه موقع لا تجد به آثار فلقة، و كأنها تردد مع المتنبي:
و كنت إذا أصابتني سهامٌ.. تكسرت النصال على النصال.

و لي ماخذ على الأستاذ حمد الريح أتمنى أن يصله: هذه الأغنية أيها المبدع من أغاني البنات، (عجبوني الليلة جو).. (عجبوني و سروا بالى).. (ما شالونا باللواري)، كلها عبارات نسائية، و لذلك كان يحب أن تتغنى بها مغنية و ليس الأستاذ الكبير حمد الريح.. وأعتقد جازماً أن تلك الأغنية قد ألفتها إمرأة. عندما يكرر حمد الريح عجبوني.. عجبوني.. عجبوني، يكون قد وضع نفسه خارج دائرة (الفعل)، وهو يمثل الشباب و الرجال الذين هم من يقومون بذلك (الفعل)، وهذا ليس تقليلاً من دور نساء توتي ولكن العبء يظل أثقله على الرجال.

و أعود لأقول أن أهل توتي عنصريين لجزيرتهم، هائمين في حبها، ويتحدون النيل إن كان يظن أنه سيرغمهم على تركها، كل ذلك رائع و لكن الذي ليس رائعاً أن تقابل النيل الغادر و أنت تحمل طورية، سيهزمك مهما كان صبرك… مهما كان حجم طوريتك:
لا أدري ما هو سر عنصرية أهل توتي الإيجابية لجزيرتهم، زرتها قبل فترة طويلة، و كانت وقتها أقرب للقرية منها إلى المدينة، فهل ما زالت كذلك؟ و هل ينطبق عليها قول الراحل محمد سالم حميد و هو يخاطب بلدته او مدينته الجابرية؟
يا الجابرية عذابك فينا …. لاكي قرية ولاكي مدينة.

يا أهل توتي، أيها العنصريون، خذوا حِذْركم، أنتم تعلمون أن البحر غدار، و قد يكون العام القادم أشد غدراً، و لن تستطيعوا أن تترسوا البحر بالطواري حتى و إن نزعتم البدل و القمصان، و كلمة أخيرة للمبدع حمد الريح، و أنا أتمنى له الصحة و طول العمر: كن يا حمد داخل الحدث، بل كن صانعاً له، و لا تكتفي أن تعبر عن إعجابك بغيرك، كن منهم سيدي، ودع هذه الأغنية لصوت نسائي.

أتمنى أن تدوم عنصريتكم يا أهل توتي، و أن يحميكم الله من غدر أبيكم النيل.
و أكررها مرةً أخرى…خذوا حِذْركم .. العام القادم فاجئوا النيل و لا تتركوه يفاجئكم …لأنه لم يعد هنالك مكان ل (فلقة) جديدة.

علي العبيــد
[email protected]

‫7 تعليقات

  1. احلى ما قرأت والله الي حد اغرورقت عيناي … علما انا لست من توتي ولكني من مكان يمتاز اهله بذات العنصريه المكانيه … الابيض ابوقبه … يا الله من هذا الاسم !!!!!!!

  2. نفس الأغنية تجمد القبائل، وحمد االريح بدون خجل أو وجل
    “نحن فوق عزنا القبائل ما تهزنا”
    نحن فوق عزنا الارباب جدنا”
    مفروض يتخلى عن هذه الأغنية العنصرية السالبة

  3. يا علي العبيد يا عزوز يا خي خليك من الكتابة، شكلك جيت متأخر ولقيت الحتات كلها كتبوا فيها!! فـ خليك معلق معانا تلق ضالتك يومياً وتقعد تعلق وتتريق بمزاج! تستاهل كُج صغيرة هذه المرة!

  4. عنصرية و كمان جابت ليها قرود!!

    اهل توتي مثل في الثبات و العراقة و التعاون و التكاتف بانواعه و طيبة معروفة و وعي و جمال و مثقفين كيف لا و جغرافيتهم تتوسط العاصمة.لكن ما ان نظرنا لاقتصاديات المنطقة و كيف الاستفادة القصوي منها لاصجاب الارض قبل العاصمة المثلثة و البلاد قاطبة. و لوجدنا الاهدار و الافق مغلق حيالها و هو حق وجداني لا تنازعهم فيه الا علمية و تراى محرر من الانتماء الدوغمائي و جيل حداثي يشارك الغير في المستقبل و افاق ارحب و استشراف لعالمية. نعم عالمية فجغرافية توتي لا تنازعها كثير من جزر العالم و البحار. فهي ملتقي لثلاث انهر باهمال مسارها.كما ان حضرية الجوار و مؤسسات البلاد متواجدة بالمكان و تحيطها.

    لعل الوقت و قت انقاذ و اسعاف و لا مجال للنظريات..!!

    اذا دعونا نقترح و الكلام ببلاش و الاراء تلقي بالبحر و مسلات النفايات و ادراج البيروقرطاية و تفسر باهواء و لا ضير. و في ابتدار لماذا لا نجعل من الجزيرة محط سياحي دولي لا تشبهه اعظم البقاع في السياحة و أَغْلَاهَا ثَمنًا و هي ( سياحة السفاري ).. باخلاء الجزيرة من اي مظهر و بناء عداء الطبيعي فيها و اضافة اشجار و حشايش و نباتات و زهور مناسبة و حفر بحيرات صغيرة صناعية و جلب جميع حيوانات الغابة و النعام و السهل و البراري لترتع و سوف تاتي الطيور لتكون مستعمراتها و تتشكل المنظومة الحيوية المتزنةEcosystem تحت اشراف خبرات دولية بالبيئة و الحيوان و سياحة السفاري Safari و تدريب شباب المنطقة و اصحاب المشروع الحقيقي و تاهيلهم دوليا علي ادارتها بتعاقد خبرات عالمية و متخصصين أو شركة متخصصة.

    و لمثل هذا مشروع يحتاجون للجنة مقدرة لتضع ورقة استثمارية و علمية تحت اشراف مكتب متخصص دولي وقتها تخيلوا حجم العوائد من العمليات المصاحبة و اهل السياحة و الفندقة ادري بذلك:( طيران – فندقة – سوق مصاحب – زيارة الجزيرة – منتجات من حيوانات الجزيرة ), و في كل التمييز لاصحاب الحق و المتنازلين طوعا عن ارضهم و ارض اجدادهم الوجدان الممبكي و المحزن و المنهزم و قتها و الخالق للتنازع و الانقسام و لنا مثال شمال الوادي و جميع الفزاعات المنطقية.

    و اخيرا تمنباتنا لاهل توتي بكمال سلامتهم و عافيتهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..